الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الموازنة الإسرائيلية 2016.. خصخصة 25% وحصة المؤسسة العسكرية تبقى الأوفر حظا

تناقضات في المواقف "الحكومية الإسرائيلية" تطغى على الموازنة المالية

2015-08-11 12:43:37 AM
 الموازنة الإسرائيلية 2016.. خصخصة 25% وحصة المؤسسة العسكرية تبقى الأوفر حظا
صورة ارشيفية
 
الحدث – آيات يغمور
 
ينتظر الشارع الإسرائيلي في الثلث الثالث من كل عام إقرار الموازنة المالية وما تحمله من أبعاد عديدة، أهمها إن كان الوزراء أوفوا بوعودهم الانتخابية بتحسين وتطوير وتغير، إضافة إلى تلك المناوشات التي تحدث داخل أرجاء الحكومة حول أيهم الأوفر حظا في زيادة حصته.
وبعيدا عن تلك المناوشات الحكومية، يعتبر المجتمع العربي في الداخل الأقل حظا في تلك المعادلة، وتبقى حظوظه في تغير وضعه كما هي إن لم تصبح أقل، فيما تزداد وزارة جيش الاحتلال أكثر تغولا وتحارب كل عام لتحظى بحصة الأسد وتمنع أحدا من الاقتراب منها.
وإلى ذلك، يرى المحلل والخبير الاقتصادي سامي ميعاري أن ميزانية الدولة هي إحدى السياسات التي تمكن الحكومة من التدخل في العملية الاقتصادية تحت بند "تحليل الموازنات".
وأشار ميعاري لـ"الحدث" إلى أن إقرار ميزانية الدولة يأتي وفقاً لدخلها للحد من مصروفات وزارات الحكومة المختلفة، لكن موازنة إسرائيل للعام 2016 أظهرت خطورة فيما يتعلق بتمويل ميزانية الحكومة عبر جباية الضرائب، الأمر الذي يجعل مهمة الحفاظ على نسبة العجز 2.9% مهمة مستحيلة، علماً بأن القانون الإسرائيلي وضع سقفاً للعجز بلغ 2.5%.
وقال إن خطورة العجز فيما لو وصلت قيمته 3.2% تكمن في ارتفاع الفائدة المصرفية التي بدورها ستقود اقتصاد الدولة إلى التضخم الذي يجعل سعر صرف العملة (الشيقل) منخفضاً.
وأوضح أن موازنة إسرائيل للعام 2015 كانت موازنة طوارئ بسبب الانتخابات، تعمل وفق جدول شهريّ وفقاً لموازنة العام 2014 من كل شهر.
وأبدى استغرابه فيما يتعلق بارتفاع موازنة 2015 عن موازنة 2014 بنسبة 5%، أي أن الموازنة لـ2015 زادت بقيمة 10 مليار شيقل، وها هي الآن في 2016 تزيد 14 مليار شيقل أخرى ليصبح حجم الزيادة الكلي من 2014 إلى 2016 ما يقارب 24 مليار شيقل.
وأرجع المحلل والخبير الاقتصادي سبب زيادة موازنة الأمن عما هو مذكور وفقاً لموازنة 2016 إلى وجود بنود غير مسجلة في الموازنة كالتجنيد الإجباري الذي يرفع حجم الزيادة من 2.5 إلى 8 مليار شيقل.
وتطرق ميعاري إلى جوانب مشرقة في موازنة إسرائيل المالية التي شملت في مخصصاتها البطالة والشيخوخة والأطفال إضافة إلى خفض أسعار المنتجات الأساسية.
وذكر أيضاً سلبيات تحسب على الموازنة الإسرائيلية التي لم تحل مشكلة الإسكان ولم تجدول في موازنتها مخصصات لكسر الاحتكار.
وأشار ميعاري إلى أن نسبة الإنفاق المجمل من المنتوجات الإسرائيلية بلغت 40% وهي نسبة منخفضة مقارنة بباقي دول العالم.
 
عنصرية إسرائيل تظهر في موازنتها
يبدو أن 22% من سكان "دولة إسرائيل" يحظون بنسبة إنفاق تبلغ قيمتها 1% من حجم الموازنة المالية الإسرائيلية السنوية، ويقول ميعاري إن ذلك يأتي ضمن سياسة ممنهجة لإقصاء هذه الشريحة الكبيرة من العرب، لإبقاء حالة البطالة والفقر التي يعانون منها بسبب التهميش المبرمج.
وأضاف أن الموازنات المالية في الدول الطبيعية تستهدف الشريحة الأضعف الأمر الذي يجعل نسبة الأرباح تتضاعف أربع مرات على هذه الشريحة وعلى النمو الاقتصادي عامة.
ويرجع ميعاري وضع الفلسطينيين في الداخل المحتل وإقصائهم بهذا الشكل إلى ضعف جهود القيادات العربية وأعضاء الكنيست في دراسة وتقدير احتياجاتهم وعدم امتلاكها لبرنامج اقتصادي واضح وعلى قدر من المهنية لإدراجه في الموازنة لهذا العام.
 
الأحزاب اليمينية الموالية لحكومة نتياهو تحظى بزيادات على الموازنة
وأوضح المحلل الاقتصادي وائل كريّم أن الأحزاب الموالية للحكومة الحالية حظيت بحصة الأسد من الزيادات التي طرأت على الموازنة الجديدة التي أقرتها الحكومة.
وأكد كريم لـ"الحدث" أن الأقليات العربية تتخذ موقفاً معارضاً من الموازنة كونها تهمش المجتمع العربي خاصة في المناطق الشمالية والجنوبية التي تعاني من ضعف قطاع المواصلات الذي يعوزه الدعم الحكومي وتحديداً فيما يتعلق ببنيته التحتية، الأمر الذي يجعل المناطق العربية شبه معزولة عن أواسط إسرائيل.
وأشار كريم إلى ضريبة القيمة المضافة والإشكاليات التي تحد من تخفيضها بسبب تعارضها مع رؤية بعض   الأحزاب السياسية في إسرائيل.
ونوه إلى تناقض الحكومة الإسرائيلية الذي انعكس من خلال موازنتها المالية لعام 2016 والتي تضمنت زيادات للمؤسسة الامنية والعسكرية لتصل حصها من الموازنة إلى ما يزيد عن 20%.
ويحاول كريم تفسير تصرفات الحكومة الإسرائيلية المتناقضة التي تراوحت بين تخفيض الميزانية العسكرية من جهة، ورفعها على أرض الواقع من جهة أخرى، بأن السبب في ذلك هو وجود فائض بقيمة 10 مليار شيقل في حال التخفيض سيتيح بدوره المجال للشريحة العربية المطالبة بزيادة حصتها من هذه الموازنة لزيادة حجم الاستثمارات العربية، الأمر الذي يجعل نتياهو متخوفاً من هذا التخفيض.
وحول قدسية الأمن في "دولة إسرائيل" باعتباره بقرة مقدسة، يرى كريم أن قدسية هذه البقرة بدأت بالانحصار نظراً لارتفاع أصوات تطالب بتخفيض إنفاقات المؤسسة العسكرية.
ويظهر خلاف سياسي آخر في الأفق حسب ما أفاد به كريم، حول تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الغار الذي يعتبر مصدر دخل أساسي للدولة الأمر الذي يجعل بعض الأحزاب الحكومية تعارضه وتقترح تعديل الاتفاقات الاقتصادية مع شركات الغاز.
 
خطة لوكر وجدعون لتقليص نفقات الجيش
ما بين خطة لوكر وجدعون، توصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قرار دمج الخطتين اللتان تهدفان إلى تثبيت ميزانية جيش الاحتلال وتخصيص القوى النظامية في الجيش وتقديم سن التقاعد.
وتأتي هاتين الخطتين في إطار السيطرة على ميزانية الجيش التي انتقدها مراقب الدولة، مشيراً إلى تبذير وزارة الجيش لأموال طائلة لا ضرورة لها، ما يؤكد أن مراقب الدولة وتقرير لوكر يسيران في اتجاهٍ واحد.
 
 
خلافات سياسية إسرائيلية تعيق المصادقة على الموازنة الإسرائيلية
وفي السياق، أوضح خبير في الشؤون الإسرائيلية عمر جعارة، أن سبب امتناع وزير الجيش موشيه يعلون عن التصويت يعود إلى خلاف سياسي مع نتياهو بعد إقرار الأخير بناء 300 وحدة استيطانية في بيت إيل تعويضاً عن هدم منزلين من قبل الجيش في وقت متقارب، الأمر الذي وجده يعلون محفزاً لسياسة المستوطنين المتطرفين.
وأشار إلى أن وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت فوجئ بخصخصة مليار شيقل من موازنة التربية والتعليم بعد أن كان نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون اتفقا على زيادة مليار ونصف للتربية والتعليم، وأرجع هذا القرار إلى توجه الحكومة الإسرائيليىة إلى خصخصة 25% من موازنة وزارات الدولة.
ولفت جعارة إلى أن البيت اليهودي بزعامة بينيت لن يصوتوا على الميزاينة بصورتها الحالية، خاصة وأن بينيت دخل الائتلاف الحكومي أملاً في الحصول على مليارٍ ونصف لتطوير وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية.
وتابع "أن وزارة الاقتصاد التي نالت حصتها من الخصخصة أيضاً، فأعرب درعي عن اتفاقٍ أجراه مع وزير المالية كحلون ونتنياهو مفاده إبدال مقترح درعي بتخفيض الضرائب على المواطنين لتصل إلى صفر، بخطة جديدة تهدف إلى تخفيض 15% من فواتير المياه والكهرباء والمواصلات لتحسين مستوى المعيشة في إسرائيل".
وحول مستقبل هذه الميزانية التي صوت 20 وزيراً لصالحها، رجح المحلل الاقتصادي مواجهتها تصدٍّ صادقٍ خصوصا من قبل زعيم حزب "هناك مستقبل" الإسرائيلي بزعامة يائير لابيد، الذي يجمعه خلاف سياسيٌ مع يعلون الذي اتهم لابيد بضرب أهلية الجيش بعد أن رفض تمرير 6 مليار شيقل لتدريب الجيش.
وأوضح جعارة أن عامل التضخم الوحيد الذي تعاني منه الحكومة الإسرائيلية يكمن في زيادة أسعار السلع التي تصل أحياناً إلى 4 أضعاف مقارنة بدول أوروبية كألمانيا وفرنسا.
ومن المتوقع أن يجري الكنيست تصويتا أوليا في 31 آب على الموازنة التي ستواجه عقبات نتيجة انقسامات بين الوزراء والمشرعين الآخرين في حكومة نتنياهو.
وأشار جعارة إلى أن نتنياهو يسيطر على 61 من مقاعد البرلمان البالغ عدها 120 ما يجعله في قلق شديد عند التصويت على أي تشريع.
من جهة أخرى نوه جعارة إلى أن إسرائيل تشهد للمرة الأولى تأخيراً في طرح موازنتها المالية تأثراً بحرب العصف المأكول، وتطمح حكومة الاحتلال بأن تحصل بحلول التاسع عشر من تشرين الثاني على الموافقة النهائية على خطة الموازنة التي تستمر 13 شهرا بدءاً من كانون أول 2015.
 
الدعم الأمريكي لموازنة إسرائيل المالية
وحول أهمية الدعم المالي أكد جعارة أن حجم الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً، يقدر بـ20 مليار شيقل، إضافة إلى 8 مليار شيقل استثمارات إجبارية في السوق الإسرائيلي لتصبح نسبة المساعدات الأمريكية المساهمة في موازنة إسرائيل تصل إلى 17.7%.
 
لا يمكن للحكومة الإسرائيلية إقرار الموازنة بمفردها الأمر الذي يخلق حالة من التوازن بين المعارضة التي لا تقوى على عرقلة خطط الحكومة الأمر الذي وجده كريّم توزاناً سلبياً، مبينا أن الحكومة الإسرائيلية ستحاول الالتفاف على الأحزاب السياسية كحزب العمال، الذي تعد موافقته لرؤية نتنياهو فيما يتعلق بالموازنة تسهيلاً لمرورها، مؤكداً استمرار نتنياهو في مفاوضاته ومناوشاته حتى اللحظة الأخيرة قبل جلسة الكنيست المقرر عقدها في الثاني من أيلول / سبتمبر من العام الحالي.