الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفرقة هي السبب وراء سفك الدماء في العالم الإسلامي بقلم: هارون يحيى

2014-09-25 11:13:20 AM
الفرقة هي السبب وراء سفك الدماء في العالم الإسلامي
بقلم: هارون يحيى
صورة ارشيفية

 إن السب الحقيقي وراء سفك الدماء في العالم العربي اليوم هو الصراع الدائر بين المسلمين. وخلافاً لما ينص عليه القرآن، نجد المسلمين اليوم يتخذون بعضهم أعداء بعض، حيث يسفكون دماءهم ويجدون المبررات لقتل بعضهم بعضاً، من خلال اعتقاداتهم الخاطئة.

إنه بالإمكان إنهاء قمع وقتل المسلمين في كل بقاع الأرض من خلال إنشاء اتحاد الدول الإسلامية، حيث تحافظ في هذا الاتحاد، الدول الأعضاء، على حدودها الوطنية واستقلالها، ولكنها تكون ملتحمة ومتشاركة في الثقافة الإسلامية وتطوير سياسات مشتركة فيما بينها. مع ذلك لا يزال المسلمون اليوم متفككين إلى حد كبير بسبب النزاعات الطائفية، وما زال البعض يشاهد الاضطهاد عن بعد.

  يأمر الله عز وجل في القرآن جميع المسلمين أن يكونوا متحدين، وتكوين قوى فكرية لمحاربة الاضطهاد في هذا العالم. بالرغم من ذلك فإن المسلمين فشلوا في تحقيق هذا الأمر، بسبب انجرافهم نحو الصراعات والاختلافات فيما بينهم.

 إن كتاب المسلمين المقدس هو القرآن الكريم، ويبين الله في كتابه هذا كل ما هو مشروع وغير مشروع للمسلمين. يعتبر القرآن جميع المسلمين أخوة، وأي نزاع أو شجار بين الأخوة هو غير مقبول. ويشدد الإسلام على ما يوحد الناس، وليس على ما يفرقهم. هناك تعايش وتعاون واختيار الأرضية المشتركة من أجل خير البشرية، وليس الانقسام أو المصلحة أو الفائدة الذاتية.

  إن التركيز على التناقضات والاختلافات بين الطوائف الإسلامية المختلفة، لن يأتي بأية فوائد على أي فرد في العالم الإسلامي. يكمن الخير في العالم الإسلامي في تحقيق روح "الوحدة والتضامن" التي دعا إليها القرآن." وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".(الأنفال 46 )

 يميل العالم الإسلامي لإلقاء اللوم على الغرب في المشاكل التي يعاني منها، ولكن اللوم الحقيقي يقع على المسلمين أنفسهم، الذين لم يستطيعوا حتى الآن من الإفلات من فخ الفرقة فيما بينهم. إقامة الوحدة الإسلامية كما أمرنا الله في القرآن والعيش ضمن مفهوم الإسلام الحقيقي كما بينه لنا الإسلام، هو وحده الكفيل بإزالة الغيوم السوداء من سماء العالم الإسلامي. هذه هي الطريق التي بينها الله لنا في القرآن. قال تعالى: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ". (الأنفال 73)

إن الإنجاز الحقيقي للعالم الإسلامي هو بإخماد نار الفتنة بين الطوائف والأعراق الإسلامية، والتقاء المسلمين على ما يجمعهم. سوف تجعل هذه الوحدة الإسلام الجميل ينتشر في كل أرجاء المنطقة. كما أنها سوف تضمن حل مشاكل المسلمين الداخلية، ومنع الدول الأخرى من التدخل في شؤون المسلمين فيها، وستتكفل أيضا بإنهاء جميع النزاعات بين الطوائف المختلفة والحروب الأهلية والاضطرابات المتواصلة.

يجب أن يدرك المسلمون في العالم الإسلامي أنهم يستطيعون الاتحاد فقط عندما يتجمعون حول المركز. تماماً كما أخبرنا مولانا بديع الزمان سعدي النورس في ومضاته (ومضات القرن 21) من مجموعة أطروحة الضوء، عندما يكون هناك "وحدة" فإن جميع أعضاء الجسم تكون في راحة، وتعمل كترس المصنع في وئام وإنجاز.

جاء في أخلاق الإسلام الحميد أن اليد لا تتنافس مع اليد الأخرى، والعين لا تنتقد العين الأخرى، ولا يعترض اللسان على الأذن ولا يفصح القلب عن خطأ الروح، على العكس من ذلك، كل هذه هي مكملات لبعضها بعضاً، وتسد حاجة بعضها بعضاً. باختصار، ستحفظ حقوق العالم الإسلامي بأكمله، سيتم إنهاء كافة أشكال التمييز والظلم، وستزدهر القوى السياسية والاجتماعيىة والاقتصادية بشكل رائع من خلال الوحدة.

هناك ثقافات وتقاليد مختلفة في العالم الإسلامي. وهذا أمر طبيعي جداً. ولكن من المهم تجميع هذه الاختلافات معاً في وحدة العقيدة والتضامن الاجتماعي، وبعيداً عن الشقاق. وفقاً للقيم الأخلاقية الإسلامية، يجب على المسلمين التفكير دائماً أنهم أخوة، وأن اختلاف أعراقهم ولغاتهم وأممهم وطوائفهم لا يغير من هذه الحقيقة شيئاً. لذلك، يجب اعتبار الاختلافات داخل العالم الإسلامي كمصدر للثروة وعدم جعل هذه الخلافات مصدراً للانقسام والصراع الذي يؤدي بالمسلمين للابتعاد عن بعضهم بعضاً. هذا، وتعتبر وحدة المسلمين ضرورية لكل فرد مسلم، وفي ظل غياب هذه الوحدة سوف يبقى العالم الإسلامي ممزقاً إرباً إرباً.

 

* مفكر إسلامي تركي