الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل تحلّ السلطة أم تنهار؟

2019-06-12 10:32:17 AM
هل تحلّ السلطة أم تنهار؟
السلطة الفلسطينية

 

الحدث - إبراهيم أبو صفية

يزداد الخناق المالي على السلطة الفلسطينية مع استمرار "إسرائيل" باقتطاع أموال رواتب ذوي الشهداء والأسرى من عائدات الضرائب، الأمر الذي دفع السلطة إلى رفض استلام هذه الأموال؛ لأن في ذلك اعتراف بأن الشهداء والأسرى "إرهابيون"، وهو ما دفع بعض المسؤولين الفلسطينيين إلى الحديث عن انهيار السلطة خلال بضعة أشهر، والتخوف من سيناريوهات عديدة مثل "الفلتان الأمني".

وبدوره، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية من انهيار السلطة الفلسطينية، وإعلان إفلاسها ماليا خلال شهرين أو ثلاثة، مؤكدا على أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار بسبب المشاكل المالية التي تفاقمت بسبب اقتطاع أموال المقاصة، مشددا على أن هذا الأمر غير مقبول سياسيا، وقد يؤدي إلى مواجهة السلطة والمصارف الفلسطينية شكاوى أمام المحاكم الأمريكية والإسرائيلية.

كما وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إلى أن السلطة الفلسطينية معرضة للانهيار الجدي، وأنها لن تدفع سوى 30% من الرواتب خلال الأشهر المقبلة.

إلا أن فرضية انهيار السلطة تبقى غير دقيقة، بسبب تبعات "الانهيار" التي سيتحملها الاحتلال والمنطقة برمتها، وعلى الرغم من الحديث المتواصل عن انهيار السلطة، إلا أن الأمور كانت تحل قبيل وصولها لمرحلة الذروة، لكن ما يميز الأزمة الحالية عن سابقاتها أنها تتزامن مع الظروف الدولية المتغيرة وصفقة القرن.

وقال المحلل السياسي عدنان أبو عامر، إن الأزمة المالية للسلطة قائمة بالفعل؛ نتيجة تراجع الدعم الدولي لاعتبارات سياسية، وكذلك عدم وجود سياسة نفقات مالية مقدرة وهناك سوء في استخدام الموارد المالية.

وأوضح أبو عامر لـ "الحدث"، أن السلطة منذ ربع قرن تعتاش على المساعدات الدولية ولم تدرك أنه سيأتي اليوم الذي سيتوقف فيه هذا الدعم لاعتبارات سياسية، وكذلك لم تنتهج سياسة اقتصادية تجعلها متحكمة بمواردها المالية، خاصة في ظل الرفاهية الاقتصادية التي يعيشها مسؤولو السلطة وكأنهم في دولة مستقلة بالكامل. مضيفا "هذه الأزمة كشفت على ظهرها، ولا يوجد بدائل لحلها حتى الآن".

وأكد المحلل السياسي، على أن هذه الأزمة لن تصل بالسلطة حد الانهيار، وأن نقاشا طويلا يجري بهذا الخصوص، فمنهم من يرى بأن تهديد السلطة بالانهيار مبالغ فيه؛ لأن الأزمة المالية لم تصل لمقتل العصب الحقيقي الذي ينذر بانهيارها.

وأضاف أن المجتمع الدولي و"إسرائيل" لن يسمحا بانهيار السلطة؛ لأنها مصلحة أمنية إسرائيلية ومصلحة سياسية عربية دولية، خاصة وأن انهيارها يترتب عليه تغيرات سياسية.

وبحسب أبو عامر، فإن انهيار السلطة منوط بما تقدمه من وظيفة سياسية وأمنية لـ "إسرائيل"، ورغم أن هناك قطيعة سياسية بين السلطة و"إسرائيل" إلا أن التنسيق الأمني على أشده والعلاقات الاقتصادية قائمة.

ولفت إلى أن السلطة تقوم بدورها أمنيا واقتصادية، لذلك لن يسمح الاحتلال بانهيارها لأنه غير مستعد لتحمل "عبء" أكثر من 3 مليون فلسطيني.

وأردف قائلا، "السلطة أنشئت لتكون مرحلة انتقالية وصولا للدولة، إلا أنها تحولت اليوم لمشروع بالنسبة لبعض السياسيين ولم تعد تمثل الهدف والغاية الوطنية. مبينا أن التهديد من قبل المسؤولين بانهيار السلطة هو فقط التلويح والضغط.

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي غسان الخطيب، إن السلطة الفلسطينية لن تنهار؛ والسبب يكمن في المجتمع الفلسطيني الذي يتعامل مع هذه الأزمة بروح التحدي. موضحا أن الشارع الفلسطيني لم يشهد احتجاجات ضد السلطة بهذا الخصوص بسبب طبيعة الأزمة التي تستهدف عائلات الشهداء والأسرى.

وبين الخطيب في لقاء مع "الحدث"، أن هذه الأزمة ستحل ولن تبقى للأبد، وأن جهات دولية تتوسط لإيجاد حلول من المتوقع أن تثمر خلال فترة قصيرة.

ومن جهته قال الكاتب والمحلل السياسي عادل سمارة، إن الكيان الصهيوني لو رغب في الاحتلال المباشر لما سمح أو قام مع أمريكا بخلق السلطة الفلسطينية.

وأوضح سمارة لـ "الحدث" أن الاحتلال لا يريد ضم الضفة بل يريد الإبقاء على الوضع الحالي لتتحمل السلطة الفلسطينية كافة أمور الضفة إداريا وأمنيا. مشيرا، أنه من الغباء بالنسبة للاحتلال السماح بانهيار السلطة.

وأشار إلى أن الاحتمال الوحيد للانهيار هو من أجل قفز مجموعة أو زمرة عسكرية لتمسك بالسلطة وتدعي أنها جاءت للإنقاذ، "وبهذا ندخل في حالة فاشية خادمة للكيان بأكثر من السلطة الحالية. مبينا أن البعض يعتقد أن تمرير صفقة القرن سوف يفرض انهيار السلطة أو خنقها، وهو ما سيفتح الباب للزمرة، خصوصا أن الاحتلال لن يسمح بوجود فراغ إذا انهارت السلطة.

وفي ذات السياق، قال البروفيسور الفلسطيني عبد الستار قاسم، إنه وفي ظل استمرار السلطة في تقديم الخدمات الأمنية والاقتصادية لـ "إسرائيل" فإنها لن تنهار؛ لأن الأخيرة مستفيدة ولن تسمح بذلك.

وأوضح قاسم لـ "الحدث"، أن الأزمة المالية الحالية ستجد الحل ولكن عندما تبلغ ذروة الضغوطات التي تمارسها "إسرائيل" والإدارة الأمريكية على السلطة بشكل أساسي لتحقيق أهداف سياسية.

وبين أن هناك مسؤولين فلسطينيين ارتبطت مصالحهم بأمريكا و"إسرائيل" ويعيشون بوضع اقتصادي مرفه، لذلك لن يسمحوا بحل السلطة أو انهيارها، حتى لا تذهب كل هذه المزايا التي يتمتعون بها.

وأشار إلى أن الفلسطينيين يتفقرون لاستراتيجية الاعتماد على الذات لمواجهة هذه الأزمات.

وأوضح عبد الله لـ"الحدث" أنه في ظل هذه الأزمة يجب التعاون وتحمل الأعباء من قبل الجميع والبحث عن مخارج وحلول، وخصوصا الاعتماد على الاقتصاد الوطني، والتركيز على القضايا الأساسية.

وبين أن هذه الأزمة تريد منها "إسرائيل" وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وثني قيادته وإرغامها على القبول بما لا يمكن قبوله.

وأكد على أنها ستكون مثل الأزمات السابقة التي تجاوزتها السلطة الفلسطينية، وخصوصا في ظل النشاط الجاد الذي تبذله الحكومة، وكذلك دعم القطاع الخاص الذي أخذ على عاتقه دعم السلطة باحتياجاتها اليومية، وبقي الدور على تنمية الاقتصاد الوطني وإيجاد بدائل وليس فقط الاعتماد على الاستيراد.

وفي وقت سابق، قال عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح: "إن الحديث عن انهيار السلطة الفلسطينية خلال مدة 3 أشهر هو جزء من عملية الضغط والرؤية الإسرائيلية الأمريكية للوضع الفلسطيني الحالي". موضحا أن انهيار السلطة الفلسطينية هو انهيار لـ"إسرائيل"، وفي حال انهارت هذه القلعة الفلسطينية ستنهار قلاع كثيرة، مؤكداً على أن السلطة الفلسطينية لن تنهار وستبقى الضمان للمنطقة كي لا تنهار برمتها.

وفي بداية الأزمة المالية في بداية شهر آذار الماضي، قال مسؤول إسرائيلي كبير لموقع واللا العبري، إن الأزمة المالية التي تمرّ بها السلطة الفلسطينية كانت نتيجة وقف المساعدات الأمريكية وتجميد جزء من أموال الضرائب، في إشارة منه إلى أن "إسرائيل" لا تتحمل وحدها تداعيات هذه الأزمة. مضيفا أن "السيناريوهات المرعبة حول انهيار السلطة أو وقف التنسيق الأمني لا يمكن أن تتحقق.. هذا لا يمكن أن يحدث.. ولن يسمح أحد بحدوث مثل هذه السيناريوهات بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا لزم الأمر سوف نبحث عن طرق أخرى لمنع حدوث ذلك".

وزعمت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن الرئيس عباس رفض مؤخرًا خطة صاغتها الأردن والسعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة لحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة، حيث تقوم هذه الدول بتعويض السلطة، عن المبلغ الذي تقتطعه "إسرائيل" مقابل رواتب الأسرى وعائلاتهم. كما ودعمت الأردن فكرة  إنشاء لجنة إسرائيلية فلسطينية مشتركة للتوصل إلى حل متفق عليه بشأن حجم الديون المترتبة على السلطة.