سمية مبارك – كاتبة وشاعرة تونسية
هل الإنسان من لحم و دم وعظم؟ طبعاً لا ، تلك لا تكونُ الإنسان بل شكله الذي نسميه الجسد. الأساس هي الروح وما الجسد إلا وعاءً للروح . فما بالنا نهتم بالوعاء ، نغذيه وندلله ونلبسه الأجمل ونحافظ على رشاقته ونهمل الأساس، أعني الروح.
الروح تتغذى على ما هو ليس ملموساً بل محسوساً أو ما نطلق عليه الجانب المعنوي من الحياة كرديف ومكمل للجانب المادي، والمعنوي هو كل ما يتعلق بالقلب والعقل.
الأول يحيينا ويجعلنا نشعر بالفرح، والثاني، أي العقل، هو ما يجعلنا نتبين الخير من الشر، الأبيض من الأسود، التوازن في منطقة الحق بدلا من التأرجح على حافة الهاوية. ولكي نتوازن لا بد من أن نغذي العقل بأسباب المعرفة، وأن نسقيه من نبع الحكمة. كيف نستطيع ذلك دون أن نطلع على أسرار الكون ومظاهر الحياة من تجارب الذين سبقونا والذين معنا؟ فما الحضارات إلا نتيجة تجارب وعلوم وحفر في الذات الإنسانية بحثاً عن المكنون فيها، الإنسان كونٌ بذاته مهما تعمق الفلاسفة في كشف مكنوناته فإنهم لن ينتهوا.ارسطو، افلاطون، هيجل، مونتسكيو وفرويد وغيرهم كثيرون كشفوا لنا عن القليل القليل ومضوا. لكن ما كشفوه عرَفنا بكثير من تركيبة هذا السر الغامض الأزلي.
هنا تبرز أهمية أن تكون إنساناً معرفياً. تتعلم كل ما هو جديد وما سبق من معلومات حول هذا العالم المحسوس والملموس، بمعنى أن تكون مثقفاً.
وقد احتار الكتاب والمفكرون في تعريف كلمة “الثقافة”. ولعل أبسط تعريف هو “أن تعرف أكثر” في جميع مناحي الحياة بما فيها الإنسان. وهذا هو دور الفكر، من دون أن نهمل دور الوعاء الذي هو الجسد.