بعد أن وصلت اتفاقية أوسلو إلى طريق مسدود، وفشل استئناف المفاوضات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، وتكريس الاحتلال لحقائق على الأرض بتوسيع الاستيطان، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وفي ظل معاناة فلسطينية مستمرة من الانقسام، وتراجع في الدور العربي نتيجة الانشغال بما يسمى بـ "الربيع العربي"؛ وصلت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب إلى سدة الحكم لتتخذ موقفاً يتطابق مع أقصى اليمين الإسرائيلي الذي يريد تصفية حقوق الشعب الفلسطيني في العودة والاستقلال والقدس عاصمة له.
الرئيس الأمريكي ترامب أعلن في شهر تشرين الثاني 2016 عن المخطط الأمريكي المسمى "صفقة القرن" لتسوية الصراع العربي "الإسرائيلي"، ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا لم يجرِ الإعلان بشكل رسمي عن عناصر هذه الصفقة، بل اتخذ التعامل معها اتجاهات عدة، مثل ترجمات وخطوات على الأرض تعبيراً عن صفقة القرن، وزيارات وفود أمريكية لدول عربية خصوصاً الخليجية، لتداول عناصر الصفقة ومكوناتها.
ومع ذلك هناك تسريبات إعلامية وصحفية حول بعض عناصر الصفقة، ولعل أبرز ما تتضمنه يقوم على توفير الأمن التام لإسرائيل وتنمية الاقتصاد في فلسطين والدول العربية المجاورة، بعيداً عن الحلول التي جرى الحديث عنها في مراحل سابقة، خصوصاً ما يتصل بحل الدولتين.
ومن القضايا المثارة في الصفقة:
ومع أن الإدارة الأمريكية والدول العربية الخليجية أخذت تمارس ضغطاً على الفلسطينيين للموافقة والانخراط في الصفقة، وبالرغم من الموقف الفلسطيني المعلن ضد الصفقة، بما في ذلك رفض مؤتمر البحرين الاقتصادي؛ فإن أمريكيا ماضية في اتخاذ خطوات تنفيذية للصفقة، منها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وتقليص المساهمة في ميزانية الأونروا، وتخفيض المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، وإلغاء مكتب (م.ت.ف) في الولايات المتحدة، والاعتراف بضم الجولان السوري المحتل، إضافة إلى آخر تصريح للسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان حول حق إسرائيل بضم إراضٍ من الضفة الغربية لدولة الاحتلال.
ولأن المشروع أمني اقتصادي؛ يتم الحديث عن المشاريع الاقتصادية العملاقة للفلسطينيين والدول العربية المجاورة، للمساعدة في بناء "فلسطين الجديدة"، حيث يساهم الخليج العربي بـ 70%، الولايات المتحدة بـ 20%، وأوروبا بـ 10% من تمويل هذا المشروع.
ويرى محللون أن الخطة تركز على السلام الاقتصادي كمدخل لإنهاء الصراع، وفي هذا عودة لأفكار شمعون بيرس، ويبدو أن الاستعصاء الأكبر الذي يواجه الصفقة هو غياب الشريك الفلسطيني الذي يتعرض لضغوط سياسية واقتصادية، وتهديدات عدة لكنها لم تنجح في جلب الموافقة الفلسطينية، وهذا ما دفع القائمين على الصفقة أن يبدأوا بالحديث عن الصعوبات التي تواجه الصفقة وتأجيل إعلانها عدة مرات.