الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ناقل الكفر سيأتي على الأخضر واليابس! بقلم: نور عودة

وعَلامَةُ رَفْعِهِ الفِكْرَة

2019-06-13 04:24:57 PM
ناقل الكفر سيأتي على الأخضر واليابس! بقلم: نور عودة
نور عودة

قررت اليوم التقدم بشكاوى رسمية لعطوفة النائب العام ضد أشخاص أمعنوا في التشهير والتحقير ونشر الأكاذيب والافتراءات ضدي وضد عائلتي وزوجي وذلك بهدف الاغتيال المعنوي والتحريض البذيء. وقد اتخذت هذا القرار الكبير بعد طول تفكير وتأمل هادئ، مسترشدة باحترامي للقانون وإيماني بأن القانون هو الفيصل والحكم وأن المواطنة الفاعلة والمسؤولة التي كتبت عنها كثيراً تقتضي أن نعالج هذه الآفة العامة التي طالتني وطالت عائلتي وزوجي من خلال جهات الاختصاص المؤتمنة على حماية حقنا كمواطنين بالعيش بكرامة وبمأمن من التعدي والتجني والأذى والاعتداء على سمعتنا الطيبة التي يشهد لها القاصي والداني.

وإني أقدم على خطوتي هذه من باب المسؤولية وليس من باب الانتقام، رغم أني تحملت الإساءة المتكررة والتحريض والتشويه منذ سنوات بصمت وصبر ليسوا من خصالي وأنا التي لا تتوانى عن الكتابة والجدال نصرة لمظلوم حتى لو لم تربطني به معرفة لأني ملتزمة بالانتصار للفكرة والإصرار على أن الوطن جغرافيا فكرية يجب أن تجمعنا قبل أن يحتضنا تراب الوطن، وأن المواطنة مبدأ ونهج وعقد بين المواطنين قائم – أو هكذا يجب أن يكون – على فكرة سمو الكرامة وحرمة الاستباحة وواجب الاحترام المتبادل خدمة ورفعة لوطن يفخر أي حر أن يتبناه وطناً. 

أنا متهمة بتبوء منصب وهمي (الناطق باسم فلسطين في أوروبا) وبراتب شهري خيالي يقارب رواتب الوزراء بعد الزيادة غير المشروعة (5000 دولار شهريا وفي روايات أخرى 8000). ورغم أن إقامتي في رام الله معروفة للجميع، وحيث أن هؤلاء مصرون على هذه الكذبة غير المحبوكة، فإني أطالبهم بهذه المبالغ، حيث لا يعقل أن تضيع كل طاقاتهم ومسباتهم سدى! وللتذكير، أنا مواطنة عادية وليس لي أي صفة أو موقع رسمي منذ أن قدمت استقالتي كناطق باسم الحكومة ومديرة للمركز الإعلامي الحكومي إلى لسيد رامي الحمد الله بعد ثلاثة أيام من توليه منصبه كرئيس للوزراء قبل ستة أعوام.

صحيح أن والدي (كفاح عودة) سفير فلسطين في إسبانيا وأن والدتي (هالة حسني فريز) سفيرة فلسطين في السويد. لكن الخافي هو أن كلا منهما وصل إلى منصبه بجدارته وعطائه المستمر منذ منتصف الستينات بالنسبة لوالدي ومنتصف السبعينات بالنسبة لوالدتي. هذا لا يعيبهما وليس متعارضاً مع القانون الذي لا يحرم زوجاً أو زوجة من حقها في التدرج في عملها، مع التنويه التفصيلي أن والديّ يعملان في مجال العلاقات الخارجية منذ ما قبل إنشاء السلطة الوطنية وتبني قانون السلك الدبلوماسي الحديث. أما الرواتب الخيالية التي ذكرت فهي لا تستحق الرد لأنها ذكرت بهدف التأجيج والتحريض ولضمان الاغتيال المعنوي.

أما زوجي الحبيب (عمار محمود بكر حجازي) فهو أيضاً سفير وتعود خدمته في وزارة الخارجية إلى العام 1997، أي قبل أن نتعارف ونرتبط بسنوات وهو الذي اجتاز عدة امتحانات لنيل وظيفته عن جدارة أثبتها ويثبتها كل يوم بمهنيته العالية والمشهود لها وهو المؤتمن على إرث نضالي قل نظيره وهو خير من يؤتمن. ومرة أخرى، قيمة الراتب المتورمة التي ذكرها المشتكى عليهم كانت بهدف التحريض، ولو بحث بعض الذين انضموا لحفلة السباب قليلاً لعرفوا أن هذه المبالغ خيالية ولا تنسجم مع سلم الرواتب المنصوص عليه بالقانون.

وعمي (محمد عودة) سفير حقاً لكنه سفير بالتسمية فقط، ولم تترجم هذه التسمية مالياً، وقد أًعطيت له لتسهيل ما يكلف به من أعمال في دائرة أمريكا اللاتينية في مفوضية العلاقات الدولية التي يعمل بها منذ سنوات متطوعاً.

الاغتيال المعنوي هو أحد أبرز علامات الانهيار القيمي في أي مجتمع، حيث يعلم السفهاء والطارئون والمدفوعون للفتنة أن بإمكانهم توجيه الاتهامات إلى الناس فرادى وجماعات، دون تردد أو تخوف من عواقب اجتماعية أو قانونية، مستغلين حالة انعدام للثقة والشفافية ورثتها الحكومة الحالية بعد ست سنوات عجاف من الأداء الحكومي الرديء ومسترشدين أيضاً بحملات متكررة من التشهير وتسريب الأوراق والمستندات وزرع الأوراق المزيفة بهدف تصفية الحسابات السياسية. هذا السياق العام هو ما أوصلنا إلى ما نحن فيه وأصبح من السهل لأيّ كان كيل الاتهامات ضد شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة منذ زمن النقاء وأن يشارك المئات بالتشهير والهجوم البذيء واللا-أخلاقي عليهم وأن يقرر من يعرفون الحقيقة أو حتى جزءاً منها أن يصمتوا أو يشاركوا في حفلة التشهير والسُباب، مسقطين في الأثناء كافة الخطوط الحمراء الاجتماعية والثقافية ومستبيحين كل المحرمات.

هذا الهجوم البذيء والمثقل بالإسفاف الذي نتعرض له ويتعرض له آخرون تحت عنوان محاربة الفساد، وهو عنوان حق يراد به باطل، جزء من حالة عامة تقترب للتوحش ومنغمسة في اللا-منطق؛ تريد غرس قناعة قاطعة بأننا مجتمع لا يمكن إصلاح ما أصابه من إعياء ووهن وأن الحل الوحيد هو الكفر بكل شيء وتجريد كل فريسة من إنسانيتها وكرامتها والنهش في سمعتها وإرثها دون أي تدقيق أو تمحيص. ولا غرابة أن جل من طالهم هذا النوع من التجريح والتشهير بغير حق بمن هم من الكفاءات والأشخاص المشهود لهم بالنزاهة وتمثل فلسطين خير تمثيل، بينما يبقى من تحيط به شبهات وقرائن الفساد الصارخ بمأمن من الانتقاد والتناول، بل يتم تقديم بعضهم على أساس أنهم عناوين للعطاء والنزاهة والوطنية. هؤلاء يصلبون فرائسهم من السفراء الملتزمين والمعطائين على خشبة خطيئة الفساد العام دون أي برهان أو دليل وما سفيرتنا المميزة في هولندا روان يوسف إلا مثال إضافي على شخص تحمل ويتحمل الأذية والتحريض بغير حق ودون أي رادع. 

إذاً، هو الاغتيال الجماعي لعناوين العمل والأمل والظرف الآن للأسف يسمح لهذا النوع من الشحن والتحريض والتهشيم الذي لا يمكن أن يصلح أو يبني، لأنه قوة هدامة عارمة تحرق كل ما هو بمتناولها من طرائد. وهكذا يكون ناقل الكفر شريك في حرق الأخضر واليابس ومذنب حد الخطيئة بحق مجتمعه والمبادئ التي يدعي تبنيها.

صحيح أن هناك مؤامرة ضد شعبنا وقضيتنا تستهدف مناعتنا وقدرتنا على الاستمرار بالتصدي لمحاولة تصفيتنا سياسياً وثقافياً وجغرافياً. لكن الحقيقة المرة والبائسة أن كثيراً مما نحن فيه هو من صنع أيدينا وعلينا أن نستدرك حالة الاستباحة التي نعيش، قبل أن تلتهم نار التحريض المتوقدة كل ما يمكن البكاء عليه. التحريض والتشهير والإساءة العمد جريمة تنم عن انهيار قيمي وأخلاقي خطير، لكن الأخطر هو أن نشخص دونما معالجة. اليوم، اتخذت خطوة على المستوى الشخصي لمواجهة ما طالني وطال أحبابي من هذه النيران المسلطة علينا لغاية لئيمة ومسمومة. واليوم، واجب على المنظومة السياسية برمتها أن تدافع عن المجتمع وأن تتولى مسؤولياتها في حمايته وذلك بتبني قانون حق الحصول على المعلومة وإعادة الهيبة والمصداقية للمؤسسات الرسمية من خلال الإسراع في معالجة ملفات صارخة للفساد وخيانة الأمانة.