في بحث نشرته صحيفة التلغراف البريطانية بناء على عدد من البحوث الجيولوجية، ذكرت فيه أقدم عشر مدن في التاريخ.
تصدرت القائمة مدينة أريحا الفلسطينية، كما تضمنت القائمة خمس مدن أخرى في بلاد الشام، وهي دمشق وحلب وبيروت و بيبلوس (جبيل) وصيدا.
ست مدن من أصل عشر مدن في بلاد الشام، منبع الحضارة وميدان صراعها، وفيها كتبت سطور التاريخ، وفيها وما حولها قصص القرآن، وهي مهد الأديان وأرض الميعاد وأرض القيامة وأرض الإسراء والمعراج، وفيها عاش الأنبياء، هنا بدأ عصر الأبوه، فاصبح الأب مسؤولا عن أسرته قبل ٢٠ ألف سنة، فكر بالتنقل وبدأ عصر الاستقرار في قرى صغيرة وبدأ نتيجتها عصر الزراعة قبل أقل من ١٢٠٠٠ عام، هنا في بلاد الشام قبل ٦٠٠٠ عام فقط؛ زرعت أول شجرة زيتون مباركة، وهي المنطقة الجغرافية الواسعة المباركة الوحيدة في القرآن، و(هنا التاريخ لا يعترف بسايس بيكو)، فالأردن وسوريا وفلسطين ولبنان هي أرض متصلة عمرانيا ومتواصلة اقتصاديا ومأهولة بالقرى والمدن والسكان في طولها وعرضها ومنذ آلاف السنين. هنا خطت الحضارة العربية الإسلامية خطواتها الأولى خارج الجزيرة العربية وبنت فيها إمبراطوريتها الأولى ناشرة قيمها وأسلوب حياتها إلى كل العالم من عاصمتها دمشق. وحولها نشأت الحضارات القديمة بين نهري العراق العظيم وحضارات النيل الخالدة إلى اليوم بأهراماتها وآثارها،. وحولها قامت الإمبراطوريات من فارسية قديمة وعثمانية إسلامية حديثة، هنا عاشت الملل والمذاهب آلاف السنين، قبل أن يأتيها تتر الشرق المغولي وغجر الغرب الصليبي، مدمرين وداعتها وتعايشها وتسامحها ولتولد من رحم الموت والفوضى والمجازر، فتاوى التكفير رفض الآخر وإعلاء قيم التعصب البغيض،.ولست في صدد الحديث عن الأبراج والناطحات، ولا الآبار والبورصات والاقتصاد، لقد ترك الصهاينة ناطحات نيويورك وآبار تكساس وبورصات أوروبا، وجاؤوا البلاد عشاء يبكون، وسيطروا على جزء منها عندما كان المزاج الاستعماري الغربي ملائما، وليس نتيجة لعقدة الذنب من الإجرام النازي الذي لا يمكن إنكاره ضد اليهود في سنوات الحرب العالمية الثانية، فالمشروع بدأ قبل ذلك بـ ٣٠ عاما على الأقل في مؤتمر بازل، في سايس بيكو ووعد بلفور وما خفي كان أعظم...
هنا في هذه البلاد الماضي وصراع الحاضر وهنا المستقبل.. الحضارات لا تقاس بالسنوات ولا بالعقود، فعندما ننفض غبار القبلية العمياء ووهم مذهبية الخلاف التاريخي وعصبياته من الطرفين، ونصحوا من صدمة الغرب الحضارية التي خدمت أصحابها وخدمت البشرية في معظمها، وكنا أقل المستفيدين منها فأخذنا منها الضار والفارغ في معظمه وتركنا القيم والنافع في معظمه... عندها سيكون كل شبر في هذه الأرض يوازي ١٠٠ ذراع في غيرها، قد أدرك ذلك الصهاينة ويريدوننا أن نبيع ما تبقى من شرق المتوسط المبارك بخسا في زمن الضعف والانحطاط...
Oldest citis in the world: