الحدث - رولا حسنين
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية الإيرانية، كاريكاتير يسخر من القصف الذي هدد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران.
وتضمن الكاريكتير مشهد ترامب وهو يقصف إيران عبر تويتر فقط، أي بالكلام دونما فعل، سيما أن آخر تصريحاته كانت تشير الى نيّته قصف إيران قبل التراجع عنها، زاعماً أن أي ضربة ستوجهها أمريكا لإيران ستكون القاضية.
ولا شك أن الكاريكاتير هو فن ساخر، يعبر عن ما لا يمكن قوله، أو يبرز جانباً في شخصية المقصود إدراجه فيه، وجاء الكاريكاتير الذي نشره الإيرانيون عن ترامب معبراً عن جانب في شخصيته وفق ما يرونه، حيث أفعاله لا تصل حد أقواله، وأن تهديداته لن تصل حداً أكبر من الكتابة على صفحته الشخصية عبر تويتر.
حالة السخرية، جاءت بعد تصريحات لترامب يوم الجمعة المنصرم، عن نيّته قصف إيران رداً على إسقاط الأخيرة طائرة أمريكية سريّة من الأجيال المتقدمة في هذا المجال تبلغ قيمتها 130 مليون دولار، حيث قال "إن إيران أخطأت خطأً كبيراً"، ليتبعها بعد ساعات قليلة تغريدات له تفيد بقراره "تأجيل تنفيذ قصف إيران" وفق ما قاله.
وقال على تويتر "أسقط الإيرانيون طائرة مسيرة تحلّق في المياه الدولية، وكنا جاهزين للرد بغارات على ثلاثة مواقع إيرانية مختلفة، وعندما سألت: كم شخصا سيموت؟ أجاب أحد الجنرالات: 150 شخصا". وتابع "وقبل عشر دقائق من الغارة أوقفتها، لأنها لا تتناسب مع إسقاط طائرة مسيرة.. أنا لست في عجلة للرد".
وتناولت الردود على هذه التغريدة بأن ترامب من شدة إدمانه وهوسه للسوشال ميديا يبدو أنه على استعداد للكشف عن تفاصيل دقيقة في اجتماعات سرية، عبر تغريداته.
وزارة الخارجية الإيرانية وعلى لسان المتحدث باسمها عباس موسوي، قالت إنها سترد بقوة على أي تهديد أمريكي ضدها، موضحاً "لن نسمح بأي انتهاك لحدود إيران، وسنواجه بحزم أي عدوان أو تهديد أمريكي".
وبعد موجة الانتقادات التي تعرض لها ترامب، بسبب تراجعه عن تنفيذ ضربته ضد إيران؛ أعلن نيته فرض المزيد من "العقوبات الضخمة" عليها لمنعها من الحصول على السلاح النووي.
وأكد ترامب في مؤتمر صحفي "سنفرض المزيد من العقوبات وسنفعل ذلك بسرعة في بعض القطاعات، وستستمر حتى تغير قيادة إيران موقفها". وكتب على حسابه في تويتر "المزيد من العقوبات الكبيرة ستدخل حيز التنفيذ يوم الاثنين".
وكان الاتفاق الذي أبرمته طهران عام 2015 مع القوى العظمى، يضع حداً لكمية اليورانيوم المخصب المسموح بها، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران وتمكينها من تصدير النفط، الذي يعد أهم مورد للحكومة الإيرانية.
الولايات المتحدة انسحبت العام الماضي من الاتفاق وأعادت العقوبات على إيران، الأمر الذي أحدث مشاكل اقتصادية وسياسية لإيران، خاصة في ظل اصطفاف دول الخليج ضد إيران، واعتبارها تهديدهم الأكبر.
ونالت السعودية حظها من السخرية عبر كاريكاتير يعبر عن قصف السعودية للبيت الأبيض بملايين الأموال الخليجية، في إشارة إلى الدور السعودي البارز في محاربة إيران عبر الولايات المتحدة، واستعدادها لدفع أموال طائلة في سبيل إنهاء الخطر الإيراني تجاهها. بينما ترامب يخشى أن يقدم على ما تتمناه السعودية "قصف إيران".
ومن الملاحظ عدد التغريدات للرئيس الأمريكي على تويتر خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي يشير إلى حالة إدمان يعيشها ترامب مع مواقع التواصل الاجتماعي، وما زاد هذا تأكيداً؛ تعليقات روّاد حسابه على تويتر. فبعض الأقوال التي صدرت في اجتماعات من المفترض أنها سريّة يتحدث بها ترامب في تغريداته، على عكس رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين، الذين كانوا قليلاً ما يخرجون للتحدث عبر الإعلام.
وفي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يوضح كيف يختلف صنع القرار لدى ترامب عن الرؤساء الأمريكيين السابقين، وأشارت أنه يعتمد على غرائزه أكثر مما يعتمد على المؤسسة في القضايا الأكثر أهمية.
وكشفت عن سبب إلغاء ترامب توجيه ضربة لإيران، وذلك بأنه تلقى نصيحة من كارلسون مقدم برنامج تلفزيوني يحبه ترامب، بعدم اللإقدام على أي نشاط عسكري في الفترة الحالية.
الإسرائيليون كان لهم صوت حول الحادثة، فمنهم من رأى أن التهديد الأكبر قد تتعرض له دولة الاحتلال، فقد أشار الإعلام العبري الى أنه تم إبلاغ المستوى السياسي لديهم باحتمالية قيام إيران بنقل النزاع إلى حدود "إسرائيل"، على اعتبار أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو من قام بتشجيع إدارة ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي، ثم فرض العقوبات بل ازديادها على إيران. وعلّق بعض الصحفيين الإسرائيليين على الكاريكتير الذي انتشر عن ترامب، أن الشرق الأوسط لا يعطي لتصريحات ترامب أية قيمة، إنما يرونه بالقول لا بالفعل.
على اعتبار أن إيران لم تتردد في إسقاط الطائرة الأمريكية؛ ردت على تصريحات ترامب بضربها أن الممارسة العملية لا يسبقها قول، فهذه المعادلة الشهيرة من فيلم: The Good The Bad and the Ugly"" عندما تضطر لإطلاق النار، أطلق النار، لا تتحدث".