الحدث - رولا حسنين
جرت العادة أن يحذر جيش الاحتلال، الفلسطينيين، من تنفيذ عمليات فدائية بعدة طرق، ففي السنوات الماضية كان الاعتقال إحدى هذه الطرق، بينما اليوم اختلفت الوسائل، وبرزت وسيلة توزيع مطبوعات وإلصاقها على جدران القرى والمدن والمخيمات، في سبيل تعميم التحذير على الجميع.
قرية كوبر شمال غرب رام الله، كانت صباح اليوم الخميس، على موعد مع اقتحامات واسعة نفذها جيش الاحتلال، بغرض تنفيذ حملة اعتقالات، وتوزيع مطبوعات تحذر سكان القرية من تنفيذ عمليات فدائية، لم يكن لافتاً في المطبوعات توقيع ضابط جيش الاحتلال "ذياب"، إنما قوله "نأمل بصيف هادئ" لماذا قال هذه الجملة تحديداً. وما سرّ الصيف في كوبر؟
عودة إلى تاريخ العمليات الفدائية التي نفذها أفراد من قرية كوبر، نستذكر عملية الأسير عمر العبد والذي نفذ عملية طعن في مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي قرية النبي صالح، نتج عنها 3 قتلى من الإسرائيليين ومصاب، وذلك في الواحد والعشرين من تموز صيف 2017، رداً على إغلاق الاحتلال لأبواب المسجد الأقصى في أحداث عُرفت باسم "معركة البوابات الإلكترونية".
ووفقاً لكاميرات المراقبة التي تتبعها الاحتلال للكشف عن تفاصيل عملية العبد؛ فإن عمر حمل حقيبة كتف واضعا فيها مصحفا وعبوة مياه وسكينا، ومشى سيراً على الأقدام مسافة 2.5 كيلومتر من بلدته إلى "حلميش"، وقبل دقائق من تجاوز السلك الشائك نشر وصيته على صفحته عبر موقع "فيسبوك" معبراً فيها عن دافعه تجاه هذه العملية وهي نصرة المسجد الأقصى واحتجاجاً على ما يتعرض له على يد الاحتلال، ثم دخل المستوطنة ونفذ عمليته.
فعل مقاوم واحد، لا يمكنه إثارة الخوف في جيش الاحتلال للدرجة التي توصله لتوجيه تهديدات لسكان قرية كوبر بضرورة أن يمرّ صيفاً هادئاً، إنما تعاقب العمليات في صيف كوبر، فالشهيد محمد طارق دار يوسف من ذات القرية أيضاً، في السادس والعشرين من تموز" صيف 2018، نفذ عملية طعن في مستوطنة "آدم" شرق القدس المحتلة أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة ثلاثة آخرين.
ونشر الشهيد محمد على صفحته عبر موقع "فيسبوك" وصيته التي دعا فيها الى مقاومة الاحتلال بكل الوسائل، مضيفاً: أن عمليته جاءت في سياق مواصلة الاحتلال الإسرائيلي قتل أطفال غزة وحصارها، وأيضاً التنكيل بالفلسطينيين.
ورداً على العمليات، تتخذ دائماً سلطات الاحتلال اجراءات تندرج تحت قائمة "العقاب الجماعي" من عوائل منفذي العمليات، باعتقال أفراد من العائلة، وهدم المنازل، الأمر الذي وقع على عائلتيّ الأسير عمر العبد والشهيد محمد دار يوسف.
ولم يتوقف الأمر على توزيع تهديدات على سكان كوبر وتحذيرهم من القيام بعمليات فدائية مشابهة للتي أقدم عليها العبد ودار يوسف، إنما شهدت القرية مواجهات عنيفة تخللها اعتقال الاحتلال لنحو ستة شبان من القرية، أحدهم لم يمضِ على تحرره من سجون الاحتلال يومين.
وحول ذلك، قال رئيس مجلس قروي كوبر عزات بدوان لـ الحدث: إن أعداد كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت بعد فجر اليوم القرية، واندلعت مواجهات عنيفة.
وأضاف: اعتقل جنود الاحتلال مجموعة من الشبان، بينهم الأسير المحرر قسام مجد البرغوثي الذي لم يمضِ على تحرره من سجون الاحتلال أكثر من يومين، وبعد ساعات جرى الافراج عنه، فيما أبقى الاحتلال على اعتقال نحو ستة شبان.
وعن ماهية التهديدات التي وزعها الاحتلال وألصقها على جدران كوبر، أشار بدوان أن الاحتلال يعرف تاريخ القرية البطولي، ويتخوف دائماً من سكانها الذين يحملون همّ الوطن، ويؤمنون بأحقيتهم في أرض فلسطين، وحتمية زوال الاحتلال.
يشار الى أن كوبر تواجه منذ نحو 7 أشهر، صلف جيش الاحتلال وتنكيله بالمواطنين، خاصة بعد تنفيذ الأخوين عاصم وصالح البرغوثي عمليات اطلاق نار ضد جنود الاحتلال نهاية العام المنصرم، أسفر عنها مقتل أكثر من 7 جنود وإصابة آخرين، حيث قام الأسير عاصم البرغوثي برفقة شقيقة الشهيد صالح بتنفيذ علمية إطلاق نار قرب مستوطنة "عوفرا" في التاسع من كانون أول 2018، وبعد أيام اغتالت قوات إسرائيلية خاصة صالح في قرية سردا برام الله، لينفذ الأسير عاصم في التاسع من كانون الأول 2018 عملية اطلاق نار قرب مستوطنة "جفعات أساف"، ثم أعلن جيش الاحتلال الثامن من كانون الثاني عام 2019 اعتقال عاصم البرغوثي.