الحدث ـ محمد بدر
واحدة من أهم القواعد الذهبية في مجال الدعاية هي أن الدعاية السوداء قد تؤدي دورا أبيض، هذا تماما ما حدث في الدعاية الإسرائيلية الموجهة ضد الشيخ حسن يوسف. أحد أطراف هذه القاعدة؛ شعب قادر على التمييز والتفكيك والتفكير، فالدعاية السوداء تنتهي إلى أهدافها في مجتمع وشعب سلبي فاقد للروح النقدية، وتنتهي أهدافها وتتلاشى في مجتمع نقدي قادر على قراءة هذه الدعاية بتفوق يجتاز دهاء مهندسيها ومصمميها.
نستطيع أن نتخيل صدمة رجال المخابرات الإسرائيلية ومن معهم من مستشارين إعلاميين وإعلاميين مجندين لخدمتهم، عندما تفاجأوا بهذا الالتفاف الجماهيري حول الشيخ حسن يوسف، بعيدا عن الاعتبارات الحزبية؛ فوقف ابن اليسار والجهاد الإسلامي وفتح وحماس في مواجهة إعلامية مع الآلة الإعلامية الإسرائيلية الموجهة أمنيا، وكانت التحليلات والمنشورات والتقارير وصور الشيخ يوسف التي أُغرقت بها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بمثابة ضربة قاسية للإعلام الإسرائيلي و"المؤسسة الأمنية الإسرائيلية" التي تعاملت مع الفلسطيني كمتلقي سلبي عاجز عن فهم الرسالة الإعلامية الإسرائيلية ينقاد لها بأهدافها ومحدداتها.
وعندما نتحدث عن مهندسي الدعاية الإسرائيلية؛ فإننا نشير بوضوح إلى خبرات عالمية تكتسبها إسرائيل وتساهم فيها في مجال الدعاية، مع عدم إغفال تكامل دور مهندسي الدعاية من الإعلاميين مع المستوى الأمني الممثل بالمخابرات الإسرائيلية، في المقابل فإن المجتمع الواقع تحت تأثير الدعاية، مجتمع منقسم منذ 12 عاما، والافتراض الأساسي والبسيط في هذه الحالة أن هذه الدعاية ستخلق جدلا كفيلا بإنفاذها وتمريرها.
إن الإسرائيلي مرة أخرى يخطئ التقدير بشأن الفلسطيني، بسبب منطقه "التلمودي القومي" المشوه المتعالي، يغفل مرة أخرى أن الطفل الفلسطيني المشبوح على كرسي التحقيق يكسر كل قواعد اللعبة والتجربة الإسرائيلية بصموده، وأن الفلسطيني في الداخل المحتل والقدس يكسر كل قواعد الأسرلة فتتحول العيسوية في لحظات إلى ساحة حرب مع شرطة الاحتلال، وأن الفلسطيني في الضفة غير قابل للضم والرشوة، وفي غزة مقاتل يهدد نظرية إسرائيل الكبرى، ويأتي الشيخ حسن يوسف ليذكرهم أن الفلسطيني قادر على الانتصار في ساحة الرواية والفقه السياسي.