مبدئيًا، ليسَ من الأهميّة بمكان مُناقشة حالة "التّعاطف" الشّعبي والفصائِلي مع حسن يوسف، القيادي عن حركة حماس في الضّفة الغربيّة، ولا الشّماتة الآنية أو المؤجلة حتّى، وذلك بالنّظر إلى أنّنا شعب عاطفي، وأنّ هذه الحالة وإن لم تكن الأولى من نوعها لا تعني أيّ شيء وحدوي إطلاقًا، مشاعر أبويّة إنسانيّة مشتركة لا أكثر، إضافة إلى أن لا أحد يستطيع المزاودة على السّنوات التي أكلت من جسده في معتقلات الاحتلال، وتاريخه النّضالي، وربّما مرونته في عدّة مسائل كالمصالحة، إذن؛ يُمكننا وعوضًا عن الهاشتاق/ الوسم الذي تمّ إطلاقه مناقشة أمر أكثر أهميّة وهو ماذا يُريد الاحتلال؟، الأمر يتعدّى حسن يوسف كشخص بشكل كامل، وهو أعم مِن "الأمثل فالأمثل"، و"كلنا ولادك"، فهو يرتبط بالبُنية المجتمعيّة للأسر الفلسطينيّة والمتديّنة في معظمها، أو أُسر الإسلاميين بشكل خاص، ويهدف إلى ضرب الرّوح المعنويّة لأي حالة مقاومة بربط سنوات السّجن والبُعد بضياع العائِلة والأبناء.
هنا سأسأل: هل تساوق البعض بشكل لا إرادي مع ما أراده الاحتلال مجتمعيًا؟، دعوني أوضّح الأمر. ضربتان في الرأس لأحد أبرز قيادات حماس في عائِلته من شأنه أن يخلق حالة من التّوتر والقلق لدى الآباء بشكل عام، ولدى الكوادر، أو الملتزمين دينيًا بشكل خاص، إذا أخذنا بعين الاعتبار نظريّة المؤامرة التي يأخذ بها العديد منهم في ظلّ الظروف الحاليّة خاصّة في الضّفة الغربيّة، فإمكانيّة النيل منهم بالطّريقة عينها تبدو فكرة مغرية ومعقولة في اللاوعي أو الوعي لديهم، هذا ظهر جليًا في عدد من الأسر المتديّنة بشكل متفاوت، فبعضها اقتصر على الحِرص الإيجابي، والبعض تعدّاه إلى الشّك الدائِم/المَرضي وما يليه من تضييق شديد سيؤدّي بالضّرورة إلى نفور حزبي/ديني/ عائِلي سيفسّر بالاتّهام المباشر بالانحراف أو العمالة بشكل صريح، أو تفكّك العائِلة، وممارسة دور الضّحية و"الرّجل المستهدف"، و"العين الثالثة التي ترى بنور الله" بشكل لا إرادي وغير مقصود، هذا ليسَ أحد السيناريوهات بالمناسبة، بل هو انعكاس حقيقي يمكن معرفته وإدراكه وتتبّعه في الآونة الأخيرة، وخاصّة بعد عام 2010، كأنّ حسن يوسف ذهب مثلًا بشكل حقيقي، واضح أو مبطّن.
"أبناء حسن يوسف" ليسوا أوّل ولا آخر من تعاون مع الاحتلال -رغم تميّز مصعب بالوقاحة المطلقة الغريبة-، فالرّوايات التاريخيّة والتاريخ الشّفوي تحديدًا أسهب في ذكر العمالة بكافّة أشكالها، خاصّة في معرض الحديث عن الانتفاضة، والمقاومة في الأرض المحتلة قبل اتّفاقيّة أوسلو، لكنّ المختلف هنا هو محاولة هدم وليسَ زعزعة فكرة القائِد أو (البطل/المثالي -بالنّسبة لكوادر حماس-)، هذه المحاولات ليست الأولى من نوعها، والحقيقة أنّ القائِد أو المسؤول أو رجل الدين ليسَ مقدسًا وهو محلّ خطأ وتغرير رغم ما يحمله من صفات تؤهله أن يتجاوز هذا، ومحاولة هدمه أو إنزال صورته عن الجدار يجب أن تؤخذ بحساسيّة أقل بكل الأحوال.
إضافة إلى ذلك، أعتقد أن الاحتلال يسعى إلى اغتيال الرّوح المعنويّة لعدد من الأسرى، خاصّة الأحكام العالية، وأصحاب النّشاط السّياسي المستمر، فلا بدّ أن تتنازعهم المخاوف حول مستقبل أبنائِهم، توجهاتهم، وأن يتنازعهم الخوف بشكل يشتّت التّفكير في أمور أخرى أغلب الأحيان، ويهدف أيضًا إلى تخفيف حدّة أي عمليّة مقاومة، وما حصل هو استكمال لسلسة إجراءات قام بها الاحتلال للتخفيف من حدّة العمليات كالغرامات وهدم المنازل لمنفذي العمليات وعدم منح التّصاريح لكافّة أفراد العائلة. الأمر متشابه بشكل شبه تماثلي.
أعتقد أنّ المطلوب هو رفع الوعي بأهداف الاحتلال، وما وراء ممارساته، الاحتلال يعي تمامًا ما يفعل، عشرات مراكز البحث والمراقبة التي تدرس المجتمع الفلسطيني وردود الأفعال، فلا يُمكن إنكار أنّنا كنّا لحوالي 70 عامًا مختبر تجارب.