رام الله ـ خاص بالحدث:
"رام اللا" ..اسم مدينة قد تكون فلسطينية أو عربية أو عبرية أو فارسية، أو بيزنطية أو يونانية أو رومانية، لا نعرف مكانها بالضبط على الخريطة الوطنية ولا الإقليمية ولا حتى العالمية، لكنها في كل الأحوال تبين بالوجه القاطع والحازم أنها عنوان لبعض المنتجات التموينية المحلية الفلسطينية والمستوردة، فإن أردت أن تتعرف على هذه المدينة الوهمية، على الأقل جغرافياً، والمختلقة تجارياً، فما عليك إلا أن تبتاع منتجات "شقحة، وازحيمان، وسنقرط".
قد يكون لبعض الشركات اجتهادها الديني، لتقدم على تغيير عنوانها في بطاقة بيانها التجاري "الليبل" على مغلفات منتجاتها وتحذف حرف الهاء المربوط من اسم مدينة رام الله لتصبح "رام اللا"، ويبرر أصحابها هذا الإجراء حفاظاً على لفظ الجلالة، وباستنادهم، كما يقول بعضهم، إلى فتوى شرعية صادرة سنة 2008.
لغط وجدل كبيران في الشارع
لكن هذا الإجراء بالمجمل العام أحدث في الشارع الفلسطيني لغطاً وجدلاً كبيرين وتفاعلات منها المؤيدة ومنها الرافضة بشدة لعملية تحوير وتحريف اسم مدينة تاريخية كمدينة رام الله، تعتبر العاصمة الادارية لفلسطين ومركزها التجاري والصناعي والثقافي.
الغريب في القضية أن صاحبة الشأن والاختصاص المباشر بالقضية، وزارة الاقتصاد الوطني، ممثلة بوكيلها ومراقب الشركات، لا يعرفون أي شيء عنها ولا عن تداعياتها، ويطالبوننا بالانتظار حتى يتسنى لهم الفحص، وأكثر من ذلك، طالبونا بتقديم شكوى لبحث القضية.
تعديل كتابة اسم المدينة على المنتجات يشكل مخالفة لشروط الترخيص
بالرغم من إصدار بلدية رام الله بياناً رسمياً، طالبت كافة الشركات والمصانع العاملة في رام الله بضرورة التقيد بإبراز وإظهار اسم مدينة رام الله كما هو على منتوجاتها، معتبرة أية منتوجات لشركات مرخصة في مدينة رام الله، ولا تحمل اسم المدينة عليها، أو تتضمن تعديلاً بكتابة اسم المدينة، بأن ذلك يشكل مخالفة لشروط الترخيص.
ودعت البلدية الشركات إلى التنسيق مع غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة، ووزارة الاقتصاد الوطني، واتحاد الصناعات الفلسطينية لضمان بلورة واتخاذ موقف موحد، ومخاطبة الشركات المخالفة لشروط الترخيص حول كتابة اسم مدينة رام الله والطلب منها التقيد بكتابة اسم مدينة رام الله على منتوجاتها، وخلاف ذلك يتم التعامل معها كشركات مخالفة لشروط الترخيص، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقها.
وهناك مسؤولون آخرون من القطاع الخاص طالبونا بإمهالهم فترة من الزمن للتشاور مع بعض أصحاب تلك الشركات الذين بدورهم رفض بعضهم التجاوب معنا بذريعة الخشية من إثارة الفتنة وبعضهم سيلجأ لمقاضاة كل من تعرض لهم بالتشهير والذم والقدح.
علماً أن بعض المسؤولين والمهتمين اعتبروا مثل هذا الإجراء أنه غير قانوني وتلاعب بالعنوان التجاري للشركات التي قدمت على مثل هذه الخطوة، ويمس بمكانة رام الله التاريخية.
ليس من حق احد التلاعب باسم رام الله
قال رئيس بلدية رام الله موسى حديد لـ"الحدث": "موقفنا بكل وضوح ان رام الله اسم لمدينة عريقة وليس من حق احد ان يتلاعب به، ورام الله لها تاريخ ومن حق جميع ابنائها وساكنيها وزوارها الدفاع عن اسمها الذي حملته هذه المدينة منذ مئات السنين".
واستطرد قائلا:"مجلس بلدية رام الله ومعه جميع مؤسسات المدينة كان له موقفا واضحا "انه ليس من حق اي شخص او اي شركة ان تقوم بتغيير اي حرف من هذا الاسم، وبعيدا عن اي تبعات لهذا الموضوع ووفق ما قرره المجلس البلدي سيكون هناك اجراءات قانونية بعدم منح تراخيص لأي شركة او اي محل يقوم بتغيير هذا الاسم، وملاحقته قانونيا من حيث المبدأ، لأن هذا الاسم والمنشأة هي موجودة في مدينة رام الله، واسم المدينة متعارف عليه ولا يمكن تغييره"
وقال حديد:"بعيدا عن ذكر اسماء الشركات التي اقدمت على حذف"الهاء" المربوطة من اسم رام الله، نحن قمنا بمخاطبة كل من قام بتغيير الاسم وطالبناهم بالعودة عن هذا الامر، وارجاع اسم رام الله الى منتجاتهم" ولكن لم نتسلم اي رد منهم سواء بالايجاب ام بالنفي".
ونفى حديد، ان يكونوا قد طرحوا هذه القضية على طاولة الرئاسة عند التقائهم بالرئيس محمود عباس"أبو مازن" وقال:"كانت زيارتنا للرئيس ودية اعربنا فيها عن تقديرنا لجهوده والقيادة الفلسطينية في ايجاد حل لقضيتنا الوطنية، ووضعنا الرئيس بصورة مجمل المشاريع والاعمال التي تقوم بها بلدية رام الله ولم يكن اللقاء اكثر من ذلك".
لا يجوز تجارياً تغيير اسم المدينة
ففي حين قال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة خليل رزق: "لا يجوز تجارياً تغيير اسم المدينة في عنوان تلك الشركات، ويجب أن يكون العنوان التجاري لتلك الشركات واضحاً على منتجاتها وسلعها بشكل كامل وواضح وضوحاً تاماً، وغير ذلك هو خلاف لكل المعايير والأعراف التجارية".
فإن رزق رفض اعتبار تغيير اسم المدينة تزويراً وتزييفاً، لأنه ليس القصد مما قامت به بعض الشركات بقصد التزييف، وإنما أقدمت على ذلك لما له علاقة بلفظ "الجلالة" أي أن الأمر بالنسبة لهم يتعلق بالقضية الربانية، والبعض يدعي أن مخلفات منتجاتهم تلقى بالنفايات وتحسباً لذلك أقدموا على التغيير في كتابة اسم رام الله.
وفي كل الأحول يؤكد رزق، أن هذا الإجراء بتغيير اسم المدينة على مغلفات منتجاتها تلك الشركات ليس مبرراً ولا منطقياً، وقال: "إن كان لديهم ما يبررونه فهذا يعني أنه علينا تغيير اسم محافظة رام الله والبيرة في مخاطباتنا الرسمية الحكومية وغير الحكومية، وعلى كل المنتجات المحلية والمستوردة، الأمر الذي سيخلق حالة إرباك".
عمل مخالف للقانون ويجب إيقاف العمل
ويرى رزق، أن هذا العمل مخالف للقانون ويجب إيقاف العمل به الآن، وقال: "تحدثت مع "ازحيمان" مطولاً وبرر الإجراء بعدم القصد، وأنه أبدى استعداده التام للرجوع عن الموضوع والالتزام بما تقره دار الإفتاء، في حين أكدت محافظ محافظة رام الله والبيرة د. ليلى غنام أنها ستناقش الأمر مع سنقرط منأاجل إنهاء هذا الملف".
وقال رزق: "كل من يحاول تغيير اسم مدينة رام الله التاريخي باعتقادي سيتم اتخاذ شيء ما بحقه، وإن رفض التجاوب مع التوجه العام بالمحافظة على اسم المدينة التاريخي، فبإمكانه الانتقال إلى مدينة البيرة أو الخليل أو أي محافظة أخرى، وليس مسموحاً أيضاً لمنتجات شقحة ووكيلها جورج شقحة (وهم من فلسطينيي 48) تغيير كتابة اسم مدينة رام الله كما هي معروفة تاريخياً".
حفاظاً على لفظ الجلالة
ولكن ناصر ازحيمان صاحب شركة ازحيمان، ينفي وجود تغيير لاسم المدينة، مستدركاً بالإشارة إلى فتوى صدرت عن دار الإفتاء سنة 2008.
وقال ازحيمان: "القضية ليست تغيير اسم المدينة، وإنما تغيير كتابته على الأكياس والمغلفات التي تؤول في نهاية المطاف إلى النفايات، حفاظاً على لفظ الجلالة، وبالنسبة لمواقعنا الإلكترونية واليافطات التي لا تؤول إلى النفايات والامتهان نكتب عليها بوضوح تام رام الله، ولكن بناء على الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء لم نكن متنبهين للمسألة، ولكن نزولاً عند رغبة ومطالبات الناس الذي حثونا على الامتناع عن كتابة لفظ الجلالة على المغلفات".
ويضيف ازحيمان: "أمام هذا الضغط عدنا إلى بعض المرجعيات الدينية مثل د. حسام الدين عفانة والذي ذكر أنه الأولى ألا يكون لفظ الجلالة موجوداً. والتغيير الذي يجري إثارته حالياً بدأ منذ سنة 2012 وتفاجأنا باللغط الكبير حوله مؤخراً وصدر على إثره قرار من بلدية رام الله "بمنع كتابة اسم مدينة رام الله بهذه الطريقة" دون أن يتحدث معنا أحد، ولم تخاطبنا أي جهة، والهدف الرئيسي من الموضوع كان حفظ وتعظيم لفظ الجلالة سبحانه وتعالى".
ملتزمون بالإجماع والتوجه العام في البلد
وحول تجاوبهم مع طلب البلدية قال ازحيمان: "في النهاية البلدية هي مؤسسة رسمية في البلد ونحن أبناء هذه البلد، ونحن ملتزمون بالإجماع على هذا الموضوع، ونحن تلقينا كتاباً من البلدية طالبتنا فيه أنه يجب علينا أن نغير طريقة كتابة اسم المدينة، ونحن ملتزمين بالإطار العام والتوجه العام في البلد، الموضوع أبسط كثيراً مما تناوله الإعلام".
وتبين الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء رقم 2/ 52 لسنة 2008 "لا مانع من كتابة اسم رام الله على مغلفات ومطبوعات منتجات الشركات".
ويوضح فيها فضيلة المفتي بقوله: "فإن لفظ الجلالة (الله أو الرحمن) في اسم مدينة مشهورة مثل رام الله أو خليل الرحمن مثلاً، لا مانع منه وأن تحمل بضائع ومنتجات مصنعة هذه الأسماء أمر واقع، فالكتابة منتشرة كانتشار النار في الهشيم، ولا تخلو ورقة أو صفحة من لفظ الجلالة أو مضاف لاسم الجلالة، فمن الصعب جداً التحرز وهو ممن تهم به البلوى، وعليه فإن مجلس الإفتاء الأعلى لا يرى مانعاً شرعاً من وضع الملصقات المكتوب عليها اسم رام الله على البضائع".
ويستدرك المفتي في فتواه قائلاً: "شريطة ألا يتعرض لفظ الجلالة للامتهان وألا تلقى هذه المخلفات أو المنتوجات الصناعية في أماكن امتهان أو على القمامات أو أماكن نجاسة، وإنما الواجب أن تتوافر مواضع خاصة في مثل هذه الكتابات سواء أكان ذلك في الصناعات أو في الصحف والمجلات".
ويؤكد ازحيمان بقوله: "نحن ملتزمون بالتوجه العام الموجود في البلد، ونحن في النهاية عبارة عن شركة تجارية لا نخوض في القضايا الفقهية ولنسأل عنها أهل الاختصاص والعلماء وما يقررونه نحن ملتزمون به، بالإضافة إلى أن بلدية رام الله هي عبارة عن مؤسسة رسمية، وما تفرضه من قوانين وتتخذ قرارات نحن ملتزمون بها، ولا نسعى إلا لتوحيد الصف الوطني".
ولكن رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات سنقرط العالمية مازن سنقرط، ما أن توجهنا له بالموضوع حتى امتنع عن الحديث فيه وقال: "هذا الموضوع شائك، لكنه أوضح أنهم يتعاملون بحذف حرف (الهاء) من رام اللهمنذ سبع سنوات، وليس مؤخراً، وإنما أثيرت هذه القضية مؤخراً".
وأشار إلى أنهم بصدد مقاضاة البعض ممن أساءوا التصرف في كتاباتهم عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي".
كلنا في خندق واحد، ولا يجوز تسييس العمل التجاري
في حين أن رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية يرفض الدخول في موضوع الإفتاء وقضايا الدين والتدين، لأننا كلنا في خندق واحد، ولكن في العمل التجاري لا يجوز تسييسه، فهناك محال تجارية متواجدة في رام الله منذ 1947، لنأت اليوم ونبلغهم أن رام الله لم تعد رام الله، فهذا عمل غير مقبول لا تجارياً ولا جغرافياً ولا وطنياً.
لكن هنية يؤكد على صون وحفظ اسم الجلاله واحترامه، ودعا إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة حفاظاً على اسم الجلالة، وهذا لا يعني تغيير اسم مدينة رام الله، فإن أرادت بلدية رام الله إصدار وصل أو فاتورة لأي مواطن فهو مروس باسم بلدية رام الله، ومن المستحيل أن تقدم البلدية على تغيير اسم المدينة لتخوفات معينة.
وقال هنية: "بالإمكان كما أدلى المفتي ولست في موقع الإفتاء، وإنما أتحدث بمنطق تجاري واقتصادي، أنه بذلك الحذف سيتم تغيير عنوان المنشأة التجارية، وبالتالي سيتغير كل شيء فيها.
قدسية اسم فلسطين لا تقل شأنا عن قدسية اسم مدينة رام الله
ويرى هنية أنه من الأجدر أن يتم البحث عن حلول تحفظ اسم الجلالة وتحافظ في نفس الوقت على مكانة المنشأة التجارية بدون تغيير واستفزاز للمواطنين الذين يعيشون في هذه المدينة. وحتى هذا التغيير الصغير يجب أن لا يخلق الحساسية الكبيرة لأننا في النهاية لم نغير لا في كتب التاريخ ولا الجغرافيا، ولكن هذا السلوك سلوك غير سليم تجارياً واقتصادياً".
ويرى هنية، أن قدسية اسم فلسطين لا تقل شأناً عن قدسية اسم مدينة رام الله، فهو مدون على المنتجات "صنع في فلسطين" ويمكن أن تلقى على الأرض وفي الحاوية، علماً أن فلسطين مربوطة بأولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، وبالمسجد الأقصى وبالإسراء والمعراج.
وقال: "على الناس البدء بالتفكير بطريقة علمية وبيئية صحيحة، ويمكن التوصل إلى حل لمشكلة التعامل مع العبوات والمغلفات التي يكتب عليها اسم الجلالة، وهذه مشكلة عامة جداً في الصحافة وفواتير الكهرباء والمياه والهواتف، وهناك أسماء كثيرة في الدنيا مرتبطة بلفظ الجلالة "عبد الله وعبد المنعم"، فلا يعقل أن يتم تغيير أسماء المواطنين لمجرد هذه المسألة، ولكن يجب أن يكون هناك تفكير جماعي حول كيفية حفظ اسم الجلالة، وهناك الكثير من الأوراق والدعوات وعشرات وآلاف الرسائل التي تبدأ بالبسملة، المطلوب تفكير جماعي ومنطقي. ولكن هذا الإجراء والعمل لا علاقة له بالتجارة، لكنه يؤثر على العمل التجاري بشكل كبير، وهو عمل غير مقبول لا تجارياً ولا جغرافياً ولا وطنياً".
إجراء ليس له علاقة بالدين
ورفض رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية بسام ولويل الحديث في القضية إلى حين، لكنه بالمجمل العام قال: "إن مثل هذا الإجراء ليس له علاقة بالدين، نحن تحدثنا مع مفتي الديار الإسلامية وقال لنا إن هذا ليس له لزوم وليس له علاقة بالدين، فرام الله لا يقصد بها "الله" ولا يقصد فيها التعبير اللفظي فيهاـ فهذه مدينة".
(تاء) مربوطة لحل المشكلة
وكيل وزارة الاقتصاد الوطني د. تيسير عمرو سنقوم بفحص الموضوع لنأخذ إجراء تصويبياً، لأن العنوان يجب أن يكون واضحاً والاسم صحيحاً في بطاقة البيان التي تقرها الوزارة، وقال: "هذا الإجراء بحاجة إلى فتوى قانونية ولكن من حيث المبدأ لا يجوز أن تضع بطاقة البيان على منتج إلا بعد إقرارها من الوزارة". ويقترح د. عمرو حلاً بوضع تاء مربوطة لحل المشكلة وفي النهاية، قال: "من الصعب أن أفتي بهذا الموضوع، ولكن من حيث المبدأ هذا لا يؤثر على تضليل المستهلك ولكن من ناحية وطنية بحاجة إلى فتوى".
مراقب الشركات: حذف حرف (الهاء) من رام الله في عنوان الشركات قد يكون خطأ مطبعياً
أما الأغرب في القضية كان عند مراقب الشركات في وزارة الاقتصاد الوطني د. حاتم سرحان الذي يتوقع أن يكون حذف حرف (الهاء) من رام الله في عنوان الشركات خطأ مطبعياً، وبعد توضيح الأمر له عقب قائلاً: "بإمكان من يرغب تقديم شكوى على هذا التغيير في اسم المدينة التوجه بشكوى إلى دائرة العلامات التجارية بالوزارة".
وبعد أن أشرنا له بوضوح عن مبررات التغيير في اسم المدينة قال: "لا يجوز تغيير اسم المدينة إلا بالتنسيق مع دائرة العلامات التجارية، ولكن على حماية المستهلك تقديم شكوى لتفعيل الموضوع من أجل حل المشكلة، واتخاذ الإجراءات اللازمة".
وأضاف مؤكداً: "قانوناً لا يجوز على الشركة وأصحابها تغيير اسم المدينة إلا أن تبلغ جهات الاختصاص الرسمية".
تضاربت الأقوال عن تسمية رام الله. إلا أن هناك تفسيرات أقرب إلى الصحة حيث تعني كلمة رام المنطقة المرتفعة، وهي كلمة كنعانية منتشرة في أماكن مختلفة في فلسطين، وأضافت إليها العرب كلمة الله فأصبحت رام الله، وقد عرفها الصليبيون بهذا الاسم، ولكن الثابت تاريخيا أن قبيلة عربية جاءت في أواخر القرن السادس عشر وسكنت في قرية أو غابه حرجية اسمها رام الله.
تأسست مدينة رام الله على يد شيخ إحدى عشائر الكرك المسيحية يدعى الشيخ راشد الحدادين، قرر الجلو عن موطنه بسبب خلافات عشائرية في القرن السادس عشر. ويحكى أنه جلى من الكرك ليلا وبعد أيام دخل على أهل البيرة فرحبوا به. وأشارو عليه بخربة اسمها رام الله لتكون موطنه. اشترى الشيخ راشد خربة رام الله من عائلات البيرة القدامى، دون أن يعلم أنه كان يؤسس لمدينة سيكون لها دور هام في تاريخ الفلسطينين.
وتجسد تماثيل الأسود الخمسة الواقعة في ساحة المنارة وسط مدينة رام الله تاريخ المدينة، حيث أقام هذا المهاجر من الكرك هذه الأسود الخمسة رمزا لأبناءه، وتعطي صورة لأصول العائلات. وتعتزم بلدية رام الله تشييد نصب تذكاري لمؤسس المدينة بهدف تكريمه ولتعريف الأجيال القادمة بفضله في تأسيس مدينة الحكايات والكفاح.
وقد بدأ في رام الله مع نهاية القرن التاسع عشر تأسيس مدارس كانت من أول المدارس النظامية في فلسطين، اسمها "الفرندز" وتعني (الاصدقاء)، وهي من المدارس التبشيرية التي بادرت إلى ايجادها جماعة الكويكرز وهي منظمة دينية مسيحية اميركية. وتضم مدرستين في رام الله والبيرة، الأولى للبنات وتعود للعام 1889 والأخرى للصبيان تعود للعام 1901.
أما التطور الثاني فقد جاء نتيجة الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، حيث أقامت حكومة الانتداب على غرار ما جرى في بقية المدن الفلسطينية، المبنى الضخم المعروف حاليا بمبنى المقاطعة.
وتتمتع رام الله عن باقي المدن الفلسطينية باستمرارية وتعددية بالنشاطات الثقافية بين المهرجانات والندوات والمؤتمرات والمعارض، ويعود ذلك إلى عدة إسباب، أحدها تمركز عدد كبير من المؤسسات الناشطة في هذا المجال في مدينة رام الله إضافة إلى نشاط بلدية رام الله في هذا المجال ووجود وزارة الثقافة التابعة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني في المدينة. وكذلك تنوع النسيج الثقافي الاجتماعي في المدينة وإتساع هامش الحرية مما جذب العديد من الشخصيات الثقافية إلى مدينة رام الله من مخرجين وكتّاب وشعراء.
وتعكس رام الله صورة مدينة مزدهرة تشهد حركة اعمال محمومة وفورة عقارية كست تلالها بالمباني، غير ان هذه المدينة التي تحتضن مقر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تبقى استثناء في مشهد اقتصادي عام.
وتحتل رام الله حاليا مركزا سياسيا يجعلها من أهم المدن الفلسطينية، إذ انها تُعتبر العاصمة الإدارية المؤقتة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وفيها مقر المقاطعة (القصر الرئاسي)، ومبنى المجلس التشريعي الفلسطيني، والمقر العام لجهاز الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، بالإضافة إلى معظم مكاتب ووزارات السلطة. كما تعتبر العاصمة الثقافية لوجود عدد من المراكز الثقافية الفلسطينية النشطة فيها.