الحدث الثقافي
يبقى "دير القديس هيلاريون" شاهداً على إرث الشعب الفلسطيني العريق، على الرغم من سرقة قوات الاحتلال غالبية مقتنياته الأثرية.
فقد تعرض "دير القديس هيلاريون"، لعمليات نهب واسعة نفذتها سلطات الاحتلال في الفترة الواقعة بين 1967- 1995، وعمدت خلالها الأخيرة على نبشه وسرقة آثاره، ونقلت إلى المتاحف الإسرائيلية.
ودعمت مؤسسة الإغاثة الأولية الدولية مشروعاً لإعادة ترميم الدير الذي يزيد عمره على 1450 عاماً، من خلال مشروع بدأ أواخر العام 2017 ويستمر حتى العام 2019.
وشملت عملية الترميم تنظيف أقبية الدير، وإقامة ممرات خشبية مرتفعة لمرور الزوار والمهتمين، ومشاهدة محتويات الدير من الأعلى، مع وجود دليل سياحي متخصص يشرح بإسهاب ما يحويه الدير الذي تزيد مساحته على 7000 متر مربع.
ويسمى الدير محليا بـ"تلة أم عامر"، نسبة لأنثى الضبع، عندما كانت الضباع تستوطن الدير.
"الأيام" جالت داخل الدير الذي يقع إلى الجنوب الغربي من مخيم النصيرات للاجئين، وسط القطاع، وتحديداً على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ويحتوي في مدخله تيجاناً وأعمدة أثرية بيزنطية، يزيد عمرها على 1400 عام، وفي مدخله توجد صالة استقبال للحجيج والزوار المسيحيين، ممن كانوا يصلون إليه من مختلف أنحاء العالم، خاصة حوض البحر الأبيض المتوسط، والصالة أرضيتها مصنوعة من الفسيفساء المرصعة، مرسوم عليها طيور وحيوانات، وهي مخصصة لمباركة القسيس للزوار خاصة الأطفال والمواليد الجدد.
ويحتوي الدير كذلك على حمام بيزنطي قديم، يضم غرفة لـ"الساونا" ومغطس ماء ساخن، وبجانبها فندق لإقامة الحجيج، ممن جاؤوا من مناطق بعيدة، وكذلك مطبخ لإعداد الطعام، إضافة إلى مكان مخصص للعبادة وأداء الطقوس والشعائر الدينية، بجانبها غرف خاصة لإقامة رجال الدين، حيث يقيمون صلواتهم، وأرضيتها أيضاً مرصعة بالفسيفساء، وتضم الفسيفساء عبارات تتضمن أسماء أربعة أنهر يعتقد القساوسة وجودها في الجنة.
كما يتضمن الدير الذي بدأت مساحته في القرن الرابع بـ 250 متراً مربعاً ثم توسعت تدريجياً لتصل إلى 7000 متر في القرن السادس، وبركاً مخصصة لتربية الأسماك، حيث يتم صرف مياه الحمام إلى هذه البرك، وما يفيض من الماء يتم سقاية الأشجار داخل الدير.
وأكد القائمون على ترميم الدير، أن الأمور تسير بشكل جيد، وتم انجاز جزء كبير من العمل، بما يبرز محتوياته وحفظها، وخلال العام الجاري والقادم سيكون الدير مؤهلا لاستقبال الزوار والباحثين والمؤرخين، ويصبح من أهم المعالم الأثرية في فلسطين.
من جهته قال الباحث والمؤرخ وليد العقاد، إن دير "القديس هيلاريون" من أهم المعالم الأثرية في الفترة البيزنطية، وظل لقرون طويلة من أهم المعالم الدينية المسيحية في العالم العربي كله، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحضارة والتاريخ العريق لفلسطين.
وأكد العقاد لـ"الايام" أن الآثار والمقتنيات التي عثر عليها داخل الدير تدل بشكل واضح على فن العمارة الكبير والتقدم الحضاري للبيزنطيين في فلسطين إبان تلك الفترة، حيث كانت تفتقد الكثير من المناطق المجاورة إلى هذا الفن المميز.
وأكد العقاد أنه ورغم أهمية الدير "تلة أم عامر" وعراقته، إلا أنه للأسف في غزة تم إزالة وإهمال مواقع أثرية أقدم وأعرق منه، من بينها تل السكن الأثري الذي تم تجريفه، وكذلك تل رفح الذي تعرض للإهمال، مشيداً بالدور المهم الذي أداه باحثون وعلماء آثار فرنسيون في اكتشاف الدير، والتنقيب عن الآثار بداخله.
وأوضح العقاد أن أسوأ فترة تعرض لها "دير القديس هيلاريون"، كانت إبان احتلال إسرائيل لقطاع غزة ما بين 1967- 1995، حيث عملت الأخيرة على نبشه وسرقة آثاره.
المصدر:- جريدة الأيام