بلا ترددٍ، وافقت الشابة الغزيّة داليا شرّاب (32 عاماً)، قبل أربعة أعوام على عقد قرانها من الشاب الفلسطيني راشد فضل (35 عاماً)، الذي يقطن في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، غير آبهةً بالحدود الجغرافية التي تفصل المدينتين عن بعضهما.
لكن شرّاب لم تتخيل أن مسافة "ساعيتن" زمنيتن تنتقل فيهما من قطاع غزة إلى مدينة نابلس، بالضفة الغربية، ستحوّلها الحدود السياسية إلى أكثر من "أربعة" أعوام، متخوفةً من أن تمتد هذه المسافة الزمينة إلى أعوامٍ أخرى.
وتوضح شرّاب أنها قبل موافقتها على عقد قرانها من الشاب فضل، كانت قلقة بشأن تنقلها من مدينة نابلس، بالضفة الغربية لزيارة عائلتها من القطاع إذ توقّعت أن تنقلها سيواجه بعض الصعوبات بسبب وجود الاحتلال الإسرائيلي، على حدّ قولها، إلا أنها لم تتوقع أن يُحصر قلقها في كيفية انتقالها إلى "بيت الزوجية".
ونابلس، تقع شمال الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية، وتعتبر أكبر المدن الفلسطينية، وأهمها موقعاً، لذلك تمثّل عاصمة فلسطين الاقتصادية حسب مراقبون اقتصاديون، وهي تضمّ أكبر الجامعات الفلسطينية.
وقالت شراب:" تعرّفت على (خطيبي) فضل، المهندس في شركة كهرباء محافظة شمال فلسطين، خلال مقابلة جمعتنا في الأردن، لمناقشة القضية الفلسطينية، حيث كنت ناشطة في القضية وأشارك في الكثير من المؤتمرات التي تجمع الشباب العربي".
وأضافت:" قبل أربعة أعوام، تم اختياري من قبل مركز الحياة في نابلس، للمشاركة في مؤتمر يضم الشباب العربي، لكن من المؤسف أن الشباب العربي الذين يحملون جنسيات مختلفة شاركوا في ذلك المؤتمر، لكنني الفلسطينية ابنة قطاع غزة، منعني الاحتلال من الوصول إلى مدينة نابلس".
وبيّنت أن عائلتها قبل الموافقة على عقد قرانها من شابٍ فلسطيني، يقطن في "الشق الآخر من الوطن"، اشترطت عليه أن يقدّم لهم وثيقة تؤكد على السماح لابنتهم من دخول الضفة الغربية، وذلك ما قدّمه "فضل" قبل أربعة أعوام.
وأكملت لـ"الأناضول":" فعلاً قدّم فضل ورقة من مسئول سياسي رفيع المستوى، (رفضت الإفصاح عن اسمه)، تحدث أنه سيساعدني في الوصول إلى الضفة الغربية ، لكنه غادر فلسطين، وبعد أقلّ من عام، عاد وتجاهل قضيتي وأنكر معرفته بنا".
وتشير إلى أنّها عاجزة عن انتزاع تصريح يقرّ لها بأحقيتها في الانتقال إلى الضفة الغربية للالحتاق بزوجها، لافتةً إلى أن هذا التصريح يجب أن يصدر عن الارتباط المدني الفلسطيني التابع لوزارة الشئون المدنية الفلسطينية.
وتابعت: "لا يوجد معبر يمكن من خلاله أن ننتقل من غزة إلى الضفة، غير معبر بيت حانون (إيرز) شمالي قطاع غزة الخاضع للإدارة الإسرائيلية، بحيث يتطلب الانتقال للضفة الحصول على تصريح من الجانب الإسرائيلي".
وكان قطاع غزة يتمتع في السابق، بسبعة معابر تخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل، فيما يخضع المعبر السابع، (رفح البري)، للسيطرة المصرية.
لكن إسرائيل، أقدمت بعد سيطرة حركة حماس على القطاع في صيف عام 2007، على إغلاق 4 معابر والإبقاء على معبرين فقط، هما معبر كرم أبو سالم، كمنفذ تجاري، ومعبر بيت حانون (إيرز) كمنفذ للأفراد.
وتستعين الشابة شرّاب ببرامج التواصل الإجتماعي للتواصل مع "زوجها" المستقبلي، بعد أن فرقتها الحدود السياسية وأبعدتها عن تحقيق حلمها مسافة أربعة أعوام، وأكثر.
وتذكرت أنها تواصلت مع العديد من المؤسسات الحكومية، والأهلية المعنية بحقوق الإنسان، كي يساهموا في حلّ مشكلتها وإيصالها إلى بيت زوجها، بمدنية نابلس، إلا أن محاولتها باءت بالفشل، والوعود التي حصلت عليها من بعض الشخصيات، كانت "غير صادقة"، حسب قولها.
ولفتت إلى أنها تواصلت مع إدارة الصحفة الشخصية، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لتنقل معاناتها، مناشدةً إياه بالمساهمة في حلّ مشكلتهما.
وتابعت:" فعلاً تواصلت مع مدير الصفحة، وطلب مني أن أرسل له كتاباً رسمياً بالمعاناة الواقعة عليّ، إلا أنني لم أحصل على أي ردّ حتّى هذه اللحظة".
وبعد أن شعرت شرّاب بـ"اليأس" بسبب تهميش قضيتها، لجأت إلى "فيس بوك"، كي توصل صوتها للمسئولين الفلسطينيين، خاصة الرئيس الفلسطيني.
وأطلقت شرّاب، بمساعدة صديقتها حملة الكترونية تحت اسم "وصّل العروس للعريس يا رئيس"، لمناشدة الرئيس بإصدار تصريح يلمّ شملها مع زوجها في مدينة نابلس.
وذكرت شرّاب أن الصفحة لاقت تفاعلاً محلياً ودولياً، إذ شاركت عدة شخصيات تحمل جنسيات غير فلسطينية مع منشورات الصفحة، إلا أن صوتها لم يصل حتّى اللحظة إلى "المسئول الفلسطيني".
وتسمح إسرائيل بعبور نحو 50 إلى 350 مسافرا ما بين مرضى ورجال أعمال يوميا، وفق تأكيد ماهر أبو صبحة مدير دائرة المعابر في غزة.
ويقول أبو صبحة لوكالة الأناضول، في حوار سابق، إنّ معبر بيت حانون "إيريز"هو ممر الابتزاز، والمعاناة لسكان القطاع.
ويغلق المعبر كل يوم سبت، بسبب الإجازة الأسبوعية، إضافة إلى إغلاقه في فترات الأعياد اليهودية، أو لأسباب أمنيّة.