إسرائيل دولة احتلال عنصرية زرعها الغرب الاستعماري في قلب الوطن العربي لفصل مشرقه عن مغربه، ولتكون كالسرطان ينخر جسد الأمة العربية ويبدد ثروتها، وقاعدة متقدمة للإمبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتماهى مع عنصرية إسرائيل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في عنصريته، إضافة إلى جهله وغبائه والصفات السيئة التي نعته بها سفير بريطانيا في واشنطن الذي استقال من منصبه بسبب عدم وجود أي أحد يسانده من حكومته التي يمثلها، ويدافع عن دبلوماسي صدق حكومته في تقرير له من العاصمة الاتحادية الأمريكية واشنطن حول شخصية ترامب، وكيف لحكومة متهاوية في بريطانيا تنتظر لرئاستها شخصية مماثلة لدونالد ترامب شكلا ومضمونا أن تنتصر لسفيرها وعنصرية ترامب وجهله التي تجعل منه تابعاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينية بنيامين نتنياهو ولطاقم مستشاريه في البيت الأبيض المتصهين كوشنير وغرينبلات وفريدمان، ويخضع سياسة الولايات المتحدة لرغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف وتبني سياسات إسرائيل في المنطقة العربية والشرق الأوسط وخاصة تجاه القضية الفلسطينية.
فلم يتردد في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وينقل سفارته إليها ويقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويبذل جهده لإلغاء حق العودة ويغلق المكتب التمثيلي للفلسطينيين في واشنطن، ويغض الطرف عن الاستيطان الإسرائيلي ويتنكر لحل الدولتين، ويطلق ما يسمى "صفقة القرن" وأكذوبة "السلام الاقتصادي" كحل لقضية فلسطين ويعقد لذلك ورشة فاشلة في المنامة عاصمة البحرين.
ولعل فشل ورشة المنام يشكل إعلانا لفشل "صفقة القرن"، لترتد صفعة توقظ ترامب من سذاجته وجهله بقوة وإرادة الشعوب المقهورة ونضالها العنيد لاستعادة حقوقها المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وفي مقدمة هذه الشعوب شعب فلسطين الطامح للعيش بعزة وكرامة في دولة مستقلة على أرض وطنه فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين في العودة إلى وطنهم وممتلكاتهم وفق قرارات الشرعية الدولية التي يتنكر لها باستخفاف رئيس الولايات المتحدة التي تستضيف على أرضها مقرات هيئة الأمم المتحدة.
لا يرى ترامب في حكومة إسرائيل ما يراه يهود الفلاشا من أصل إثيوبي من عنصرية، وما تقوم به شرطتها من قتل اليهود الفلاشا في الشوارع فقط لأنهم يهود ببشرة سوداء، فطموحه لولاية ثانية في البيت الأبيض تعمي ناظريه، فلا يرى إلا ما يراه نتنياهو وحكومته اليمينية، وهو على استعداد ليستعدي العالم كله من الصين إلى روسيا وإيران والهند وباكستان وتركيا والعراق وفلسطين وأوروبا وأمريكا اللاتينية إرضاء لصديقه بنيامين الذي يعده بمساعدته في حملته الانتخابية وإعادته إلى البيت الأبيض كجزء من صفقة القرن، واحدة بواحدة.
لقد رفع يهود الفلاشا المضطهدون في إسرائيل على أساس اللون، أعلام فلسطين في كل مكان من دولة الاحتلال، وهتفوا بحياة فلسطين وشعب فلسطين وسقوط الاحتلال، بل هللوا وكبروا ونطقوا بالشهادتين، وكفروا بالعنصرية البغيضة وبالاحتلال، وسخروا من ديمقراطية نتنياهو المزعومة في ضوء ما تمارسه حكومات اليمين الأبيض المتطرف تجاه الفلاشا والفلسطينيين الذين باتوا أقرب إليهم من نتنياهو وليبرمان وشاكيد وفريدمان وكوشنير.
ولعل ترامب يسمع ليهود الفلاشا ولمرشحة الرئاسة الأمريكية في الانتخابات القادمة التي جعلت من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية عنوان حملتها الانتخابية.
لعل ترامب وهو الجاهل الغبي على حد وصف سفير بريطانيا المستقيل، يعلم أن إسرائيل دولة عنصرية وأنها آخر دولة احتلال في العالم، وأنها تحتل أرض شعب عريق اسمه الشعب الفلسطيني وتعداده اليوم يزيد عن 13 مليون إنسان متعلم وعالم ومثقف ومحارب وناجح في كل مجالات الحياة، وأن هذا الشعب ترسخت أقدامه على أرض فلسطين وطبعها بطابعه الخاص قبل أن تنزل التوراة وقبل أن تطأ أقدام نبينا إبراهيم هذه الأرض بآلاف السنين وقبل أن يولد إسحق ابن إبراهيم ومن بعد إسحق يعقوب (إسرائيل) وأولاده يوسف والأسباط.
ليس لدى ترامب الغارق في الحسابات والأرقام والصفقات الرابحة متسع من الوقت ليقرأ صفحة عن تاريخ فلسطين والشرق بعيدا عن كوشنير ونتنياهو، وكم نتمنى أن يسمع ترامب كلمة "احتلال" إسرائيل للأرض الفلسطينية ولأرض عربية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو من ولي عهد الإمارات محمد بن زايد أو من أمير دولة قطر الشيخ تميم، وهو (أي ترامب) يعقد صفقات أسلحة بترليونات الدولارات ويؤمن وظائف لملايين الأمريكيين العاطلين عن العمل.
المليارات تجذب ترامب للمنطقة ويراهن على الصفقات التي يعقدها لتكون بطاقة انتخابية لولاية ثانية، وللأسف يغرف ترامب المليارات من أرصدة الدول العربية دون مقابل يقدمه للعرب. سوى ادعاء تقديم الحماية من خطر مفترض ليظل فزاعة لابتزاز الأموال العربية.
إن أمريكا وإسرائيل لا تحميان إلا أنفسهما ومصالحهما، ومن مصلحتهما استمرار التوتر بين دول المنطقة العربي وغير العربية.
ولعل استدارة الإمارات وإدراكها للأخطار التي تهدد دول المنطقة في حال نشوب صراع مسلح مؤشر على يقظة من غفلة رأت في العدو صديقا وفي الجار عدوا جائرا.