هؤلاء المحللون يذهبون، إلى أن هذا المؤتمر سيشهد صراعاً بين ما وصفوه بـ"جيليْن" و"تياريْن"، يمثل الأول منهما الرئيس الفلسطيني، القائد العام لفتح، محمود عباس (79 عاماً)، فيما يقود الثاني، القيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان (53 عاماً).
وفي الذكرى السنوية الخمسين لتأسيس حركة فتح، قال عباس، مطلع الشهر الجاري، إن اللجنة المركزية للحركة تعمل على قدم وساق من أجل التجهيز لعقد مؤتمر (فتح) السابع في أقرب وقت ممكن .
وقال هاني المصري، مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، في مدينة رام الله، إنّ "حركة فتح أمام مفترق طرق يتمثل في مؤتمرها السابع"، الذي يشهد انتخاب قادة الحركة.
وأضاف "هذا المؤتمر يختلف عن المؤتمرات السابقة، لكونه يأتي في ظل تغيرات داخلية كبيرة تشهدها الحركة، وصراعات بين تياريْن، تعصف بمستقبل فتح.. المؤتمر سيكشف مصير الصراع بين الأجنحة المختلفة داخل الحركة، وخصوصًا جناحي الرئيس عباس ودحلان".
ومضى المصري قائلاً إن "الرئيس عباس يهدف من خلال المؤتمر القادم إلى إقصاء تيار دحلان بشكل كامل، من خلال جملة من القرارات تتيح له السيطرة المُطلّقة على حركة فتح".
وتابع: "للأسف المتتبع للتحضير لمؤتمر حركة فتح المرتقب، لا يجد أن الخلاف والتنافس يتمحوران على ما يحتاجه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنيّة، وكيف يمكن لفتح أن تلعب دوراً مهماً في ذلك، بل إن المؤتمر يهدف إلى حسم الصراع بين الأجنحة المختلفة داخلياً، والحصص والمكاسب، وهو ما يجعل الحركة أمام منعطف خطير".
ويسود خلاف حاد بين كل من عباس ودحلان، بدأ في مارس/آذار الماضي، عندما اتهم الأول في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح، الآخر بـ"التخابر مع إسرائيل، والوقوف وراء اغتيال قيادات فلسطينية، والمشاركة في اغتيال الراحل ياسر عرفات"، وهو ما نفاه دحلان، متهماً الرئيس بـ"تحقيق أجندة أجنبية وإسرائيلية".
وتجدد التوتر بينهما عقب إعلان رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، رفيق النتشة، يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إحالة ملف دحلان إلى محكمة جرائم الفساد، بتهمة "الفساد والكسب غير المشروع". وهو ما اعتبره الأخير "محاكمة سياسية" يدبرها له عباس.
بدوره رأى مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، أن حركة فتح "تشهد انقساماً حاداً وتبياناً بين تياريْن وجيليْن".
وقال إن "المؤتمر القادم للحركة يشهد صراع أجيال، وهو ما سيجعل الحركة أمام تباينات داخلية كبيرة".
وبحسب أبو سعدة، فإن "نفوذ دحلان في قطاع غزة يتنامى، وقد يشكل تواجد تياره وحضوره في المؤتمر صدمة للرئيس، ما من شأنه أن ينعكس على قرارات المؤتمر، للحد من هذا التيار والعمل على إقصائه".
وللمرة الأولى، نظم المئات من أنصار دحلان تظاهرة مناوئة للرئيس الفلسطيني في ساحة المجلس التشريعي، وسط مدينة غزة، رافعين لافتات تهاجم عباس، وصوراً كبيرة للقيادي المفصول من الحركة، مكتوب عليها: "كلنا دحلان".
وجاءت هذه التظاهرة، في وقت يرى فيه مراقبون أن تقارباً يحصل في العلاقة بين حركة حماس بغزة ودحلان الذي كانت تعتبره الحركة "عدوها اللدود"، وأن الحركة تهدف من خلال ذلك إلى "الضغط على الرئيس عباس، في حين يرغب دحلان، في الرد على خطوات عباس، الهادفة لإقصائه من الحركة".
غير أن أبو سعدة لا يرى أن مؤتمر حركة فتح السابع سينجح في إقصاءتيار دحلان، معتبراً أن "الحركة بحاجة إلى ما هو أكبر من المؤتمر".
واستدرك بالقول: "يجب أن يكون هناك إعادة اعتبار لحركة فتح، وأن يتم ترتيب كافة الأوراق داخلياً وخارجياً، وأن يشكل المؤتمر بداية لنهضة الحركة".
أما الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، فقال في حديث مع وكالة الأناضول، إن "الرئيس عباس لن يسمح بأي تواجد ولا تمثيل لتيار دحلان في المؤتمر".
وأضاف "مؤتمر الحركة يتجه إلى إقصاء تيار دحلان، سواء من خلال سياسة الفصل، أو قرارات تحجم من تواجده، أو السماح لأتباعه بحسم المؤتمر لصالحهم".
وتابع "هناك خلافات كبيرة داخلية، وكل تيار يسعى إلى استمالة أنصاره، ومن الواضح أن هذا المؤتمر يختلف عن سابقه".
لكن الحسم النهائي بين التياريْن، كما يقول محيسن، "غير وارد.. وكل ما سيشهده المؤتمر هو عبارة عن مرحلة كسر العظم.. وأمام الحركة تحدٍ كبير في القدرة على تنظيم مؤتمرها العام السابع وترتيب أرواقها الداخلية وتوحيد كافة التيارات".
فيما يرى القيادي في حركة فتح، يحيي رباح، أن "مؤتمر الحركة السابع يسعى إلى ترتيب البيت الداخلي الفتحاوي".
ومضى رباح قائلاً، في تصريحات للأناضول، إن "الخلافات أمر طبيعي لن يؤثر في بنيّة الحركة.. فتح شهدت العقود الماضية خلافات داخلية كثيرة، والخلاف الأخير (دحلان _عباس)، لن يؤثر في الحركة، والمؤتمر سيناقش العديد من القضايا، وسنخرج برؤية موحدة لحل كافة الملفات العالقة".
وعقدت حركة فتح مؤتمرها السادس في أغسطس/آب 2008، في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، وقررت خلاله أن تجعل من مؤتمر الحركة، مؤتمرا دوريا يعقد كل 6 سنوات، بعد أن يعقد بشكل "غير دوري" وحسب الظروف السياسية والتنظمية القائمة على الأرض.
وكان من المفترض أن يعقد المؤتمر السابع في أغسطس/ آب 2014، لكن الظروف على الساحة السياسية الفلسطينية، والحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أجلت انعقاده، بحسب رباح.