كأس العالم بالعبري .. تطبيع مؤقت بين إسرائيل والمجتمع العربي
الحدث- القاهرة / حسين القباني
(10:50)
ظل أيمن محمد الشاب المصري الطامح لمشاهدة مباريات كأس العالم، المقامة حاليا في البرازيل، يتواصل مع أكثر عامل فني لينقل إليه تردد القنوات الإسرائيلية المفتوحة إلي تلفازه، لكن كان ردهم عليه لأيام إنهم مشغولون بإجراء نفس المهمة لآخرين.
هكذا تحدث الشاب المصري أيمن محمد، عن الصعوبات التي وجدها قبل أن يستطيع الوصول إلي عامل فني يدعي "صالح" منذ أيام قليلة لإجراءات تعديلات علي الهوائي المتصل بالتلفاز، لالتقاط إشارة القنوات الإسرائيلية المفتوحة، لمتابعات مباريات كأس العالم دون تشفير أو اشتراط وجود اتصالات علي شبكة الإنترنت للمتابعة.
ومع ارتفاع سعر الاشتراك في الشبكات التي تبث قنواتها مباريات البطولة التي ينتظرها عشاق كرة القدم من المصريين كل 4 أعوام، يلجا المصريون الذين يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة، خاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة، إلى حيل تمكنهم من متابعة المباريات.
ويضيف أيمن الذي لا يتخيل أن تمر البطولة دون مشاهدتها "التعليق بالعبري أثناء المباريات ولا توجد تغطية رياضية لها ولكن قبل وبعد المباريات توجد مسلسلات وأفلام عربية علي القناة الإسرائيلية التي أتابع المباريات من خلالها مجانا ولكن علي أية حال تجعلنا نتابع الحدث الرياضي الأهم كل أربع سنوات ".
وعن انطباعه حول مشاهدة مباريات كأس العالم على قناة إسرائيلية قال أيمن المبرر الوحيد لمتابعة قنوات إسرائيلية رغم العداء الشعبي العربي والمصري علي الأخص هو "الظروف" التي دفعته لذلك في ظل تشفير القنوات وليس غير ذلك.
هذه المتابعة على القمر الصناعي الإسرائيلي "عاموس" ليست مقتصرة علي مصر، لكن امتدت إلي دول جوار لإسرائيل، فيما ذكر التلفزيون الإسرائيلى في تقرير سابق له، أن عدد المشاهدين العرب الذين يشاهدون القنوات الإسرائيلية التى تبث مباريات كأس العالم قد تجاوز عشرة ملايين مشاهد.
وهو أعلى عدد من المشاهدات لقناة إسرائيلية طوال تاريخها إذ يبلغ عدد سكان إسرائيل قرابة 8 مليون نسمة فقط.
وذكر التقرير أن سبب الإقبال من جانب المشاهدين العرب خاصة من الدول المجاورة لإسرائيل التى تستطيع استقبال القنوات الإسرائيلية، وهى دول مصر وسوريا والأردن ولبنان بالإضافة إلى الأراضى الفلسطينية، يرجع لأسباب مادية، نظراً لإحتكار قنوات الجزيرة القطرية بث المباريات ونقلها على جهاز ديكودر جديد تتخطى تكلفته 300 دولار، وهو ما يفوق قدرات الأسر الفقيرة.
الإقبال علي كأس العالم باللغة العبرية، جعل أوفير جندلمان، المتحدث بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يعلق على صفحته "توتير" قائلا :"أسمع أن الكثير من معجبي كرة القدم في دول الجوار يشاهدون مباريات المونديال بالبث المباشر على القنوات الإسرائيلية.. أهلا وسهلا بكم"
كانت هناك ردود فعل حول متابعة كأس العالم عبر قنوات الإسرائيلية رافضة للفكرة، حيث قال الكاتب الفلسطيني جواد عوض الله إن "هذا الغزو عبر الشاشة الرياضية الأسرائيلية، وصل الى كافة الدول العربية الأسيوية والأفريقية، كما تابعت عبر المواقع والمنتديات، حيث أصبح متداول لدى الشباب عامة أن قناة إسرائيلية تنقل مبارايات كاس العالم بدون مقابل.؟؟!"
وفي مقال له بعنوان " الغزو الرياضي الأسرائيلي ..ثانيا ...وثالثا ؟" نشره موقع محلي فلسطيني تابع عوض الله قائلا "إن الجميع يأمل أن تصبح مشاهدة مباريات كأس العالم بالذات مجانية، ودون تكاليف باهظة الثمن باعتبارها بطولة عالمية، تقام كل أربع سنوات".
واستدرك متسائلا "لكن تساؤلي الأخير هل إسرائيل فوق القانون الرياضي أيضا، كما هو الحال في المجال السياسي وغيره، بحيث لا تندرج عليها شروط النقل والبث الفضائي التلفزيوني، كما لا تندرج عليها القوانين الدولية."
أما الخبير العسكري، علاء عز الدين، الرئيس الأسبق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالجيش، فيى أن "هناك غزو ثقافي وفكري من جانب إسرائيل للعرب عن طريق استغلال حاجة العرب لمتابعة كأس العالم في ظل ظروف معيشية صعبة "
وأوضح، في حديثه لوكالة الأناضول، أن "هذه المتابعة للقنوات الاسرائيلية لا تعني تطبيع مؤقتا من جانب العرب، ولكن تعني أننا نعيش حرب عقول تريد أن تغيير المفاهيم والقيم المغروسة في العقل العربي منذ القدم في عدائه لكيان محتل"، محذرا من خطورة ذلك علي المسقبل.
وقال عز الدين "عندما كنا أطفال كان لا يتخيل أحد أن يصافح إسرائيلي، وكنا نعتبرها كارثة من الكوارث، لكن إسرائيل تريد استغلال كأس العالم وتبث بعد أو قبل إذاعة مبارياتها سموم غزو الفكري للعرب."
في المقابل، يري سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي أن "إسرائيل تحاول عبر هذه الطريقة بأن تنقل رسالة للشباب والأجيال القادمة الأكثر متابعة لمباريات لكأس العالم أننا مختلفون عما قبل ونريد مزيد من العلاقات الجيدة"
وفي حديث عبر الهاتف لوكالة الاناضول يضيف صادق "العرب لن يتأثروا كثيرا بهذه الطريقة، لأنهم لجأوا فقط لمتابعته تلك القنوات لحاجتهم لذلك، وهذا الأمر غير مرتبط بكونه له علاقة بإسرائيل أم لا، وبالتالي لو وجدوها في قنوات أخري وأسهل من القنوات الإسرائيلية كان سيذهبون إليها "
وحول إمكانية النظرة والصورة الذهنية لدى الشعوب العربية، خاصة دول الجوار، عن إسرائيل، قال صادق "الشعوب العربية تركز في مشاكلها في المنطقة ولن تتأثر، ففي مصر هناك حديث عن تحديات اقتصادية وفي فلسطين حديث متصاعد بعد خطف الإسرائيلين الثلاثة والعراق وسوريا ولبنان لديهم أزمات ستشغلهم بعد انتهاء كأس العالم."
(المصدر: الأناضول)