الحدث الثقافي
الأكلات الشعبية من العادات التي يريد الفلسطينيون المحافظة عليها ضمن عاداتهم وتقاليدهم التي يتمسكون بها، في مواجهة ما يحاول الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليه وسرقته وتحويله إلى تراث يهودي.
المشاط (زهرة القرنبيط)هي أكلة من زمن الأجداد، تتناقلها الأجيال جيلا بعد آخر، وفيها المذاق القديم الذي يحمل في طياته الكثير من الدلالات التي من الممكن أن يتحسر الناس على ضياعها لو ضاعت. وهو أكلة فلسطينية معروفة ما زالت على قيد الحياة، عمرها يطول مئات السنين، سريعة التحضير. يكثر إعدادها في فصل الشتاء، ومكوناتها بسيطة وسهلة التحضير، ويحبها الفلسطينيون بمختلف أعمارهم.
تشتهر بها مدينة الخليل أكثر من غيرها من بقية المدن الأخرى، وتختلف في كل مدينة اختلافاً بسيطاً في طقوس تحضيرها. وهي أكلة مفضلة وتصلح أن تكون بديلا لإحدى الوجبات الرئيسية. وتندرج تحت قائمة الأكلات الشعبية الفلسطينية كالملبن والبرغل والجريشة والمجدرة.
ترتبط المشاط ارتباطاً كبيراً في الأرض، ويعرفها الفلاحون الفلسطينيون كثيراً، مكوناتها الأساسية زهر "القرنبيط"، ويستخدم في بعض الأحيان الكوسا بديلاً عن زهر القرنبيط، أو البطاطا. ويقلى بزيت الزيتون على غاز الطهو لبعض الوقت وعادة لبضع دقائق، ثم يقدم مع البصل الأخضر والبقدونس. يطبخ "المشاط" في هذ الوقت من السنة، كونه الوقت الأنسب لجني زهر القرنبيط، وكذلك البصل الأخضر والبقدونس، كما أنَّ هذا الوقت يعتبر وافراً بزيت الزيتون الذي لم يمض عليه سوى بضعة أشهر، كل شيء طازج لإعداده.
يريد أهالي مدينة الخليل أن يحافظوا على هذه الأكلة التي تعتبر من عادات المدينة في فصل الشتاء، وأن يواجهوا بها الوجبات السريعة غير الصحية. وكذلك المحافظة عليها كهوية فلسطينية عربية وفق ما يقول رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، عزمي الشيوخي .
مذاق أكلة المشاط أو "عجة الزهر" كما يطلق عليها في بعض القرى والبلدات الفلسطينية، مختلف ولذيذ، ويمكنها أن تبقى وتعيش أكثر ضمن عادات وثقافة أهل الخليل، لأنها ببساطة أكلة مفضلة عند الصغار والكبار، ما يجعل فرصة بقائها لمواجهة الوجبات السريعة التي تغزوا الأسواق كبيرة جداً.
ووفق الشيوخي فإن الخليل من المدن التي تتمسك بعاداتها، وطقوسها الكثيرة، والمشاط بالأساس يعتمد على مكونات متوفرة دائما في المنزل، وهي زهر "القرنبيط" والبصل الأخضر والبقدونس والبيض والطحين.
الناس في ذروة البرد، يفضلون البقاء في المنزل، ولا يفضلون الخروج إلى السوق، ويحبذون الأكلات الساخنة والدافئة، لذا تلجأ ربات المنازل إلى إعدادها بما هو متوفر، حتى إذا لم يتوفر الزهر فتعد بالبطاطا، ويطلب أكثر في الأجواء شديدة البرودة لما تمنحه من دفء وقيمة غذائية. ما يميز المشاط هو أنه أكلة الغني والفقير قديماً، وهو من خيرات الأرض وجهد الفلاح الفلسطيني، ويمثل قصة وحكاية قديمة تحكي للأجيال صفاوة الحياة وطبيعة العلاقة بين الفلاح وأرضه الذي لا يأكل إلا من زيتها وزهرها وقمحها.