نحن شعب فلسطين.. قرارنا بأيدينا، لا ينوب عنا أحد، ولا نفوض ولم نفوض أي أحد للحديث باسم قضيتنا، فقد دفع شعبنا ثمنا غاليا على مدى قرن من الزمان لاستعادة قراره المستقل والحفاظ عليه حفاظا على حقوق شعبنا الثابتة وغير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لم نكن انعزاليين ونحن ندافع عن قرارنا المستقل، ولا متنكرين لعروبتنا ولعلاقاتنا الأخوية مع كل الاشقاء العرب، وكنا نسعى وما زلنا حتى يومنا هذا إلى دعم الأشقاء العرب شعوبا وأنظمة على قاعدة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وقرارات القمم العربية وما يرتضيه الشعب الفلسطيني لنفسه بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبار قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، والصراع مع العدو الصهيوني الذي يحتل أرض فلسطين ويتنكر للسلام العادل وللحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا هو الصراع المركزي للأمة العربية.
ويبدو اليوم، أن ثمة من ينكر وجود الشعب الفلسطيني جهلا أو اعتباطا، كالإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب الآتي من كوكب آخر غير الكوكب الذي نعيش فيه، والمحاط بأجرام هزيلة عديمة الخبرة كصهره كوشنر ومبعوثه غرينبلات وسفيره فريدمان المستوطن الذي يجب أن تخجل الولايات المتحدة من رعونته وتصرفاته العنصرية ومبالغته في إظهار صهيونيته اليمينية والولاء للمستوطنين والتنكر لحقوق شعب فلسطين التاريخية والقانونية والطبيعية في أرض فلسطين.
يحاول ترامب وطاقمه الرديء فرض الأمر الواقع عبر صفقة القرن التي تبدي منها حتى الآن اعترافا أمريكيا بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها وقطع المساعدات الأمريكية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومحاولة حل الوكالة لإنهاء حق العودة للفلسطينيين الذين طردوا بقوة السلاح من أرضهم ومنازلهم وممتلكاتهم عام 48، ثم تم إغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في الولايات المتحدة وتجفيف مصادر التمويل للسلطة الوطنية عبر قرصنة أموال شعبنا، لكن شعبنا كما يقول الرئيس محمود عباس، سوف يفشل بمقاومته الشعبية مخططات الاحتلال وأمريكا، وإن السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم لن يتحقق دون أن ينال شعبنا حقوقه كاملة.
وليدرك ترامب وطاقمه الرديء أننا كشعب فلسطيني بقيادته الشرعية؛ أصحاب القرار الأول في كل ما يتعلق بقضيتنا التي نلخصها اليوم بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي العنصري للأرض الفلسطينية وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على الأرض الفلسطينية التي احتلت في الخامس من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وفق حل الدولتين.
وعلى أشقائنا العرب الذين يقولون في قممهم وقررات جامعتهم العربية وقرارات المؤتمرات الإسلامية إن قضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين الأولى؛ أن يلتزموا قولا وعملا بقراراتهم وهو أضعف الإيمان، ونحن كفلسطينين نطلب منهم الالتزام بالمبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت، وهي مبادرة مرنة توجب عليهم دون حرج أن يتحدثوا عنها مع ترامب ومبعوثيه. وليدرك الأشقاء العرب أن ترامب ليس قدرنا ولا قدر المنطقة وهو ليس أكثر من تاجر عقارات يجيد السطو على أموال العرب، وهو لم يفلح في أي صفقة يعقدها مع أي دولة في العالم غير دولنا العربية للأسف دون أن يقدم شيئا يذكر للمنطقة لا في أمنها ولا استقرار أنظمتها التي اعتقدت أنه من سيحمي الخليج والأنظمة.
إن ترامب وطاقمه الرديء ليسوا أكثر من ظل لبنيامين نتنياهو الحاكم الفاسد اليميني العنصري في إسرائيل، ورغم كل الدعم الأمريكي لنتنياهو فقد فشل في الانتخابات الأخيرة في تشكيل حكومة برئاسته، ما دعاه إلى حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات جديدة في غضون شهرين أو ثلاثة لأول مرة في تاريخ إسرائيل، وحظوظه في تشكيل حكومة جديدة تتضاءل يوما بعد آخر، ما يعني أن كل الحبال التي مدها ترامب لنتنياهو كصفقة القرن وورشة المنامة وإيران كعدو رئيسي للعرب وليس إسرائيل وفتح أبواب التطبيع العربي الرسمي. ورغم كل ذلك، إلا أن الحكومة اليمينية لن تنقذ نتنياهو من المحكمة فور الانتهاء من انتخابات الكنيست.
وهنا يجب التذكير بأن لأبناء شعبنا داخل الخط الأخضر دورا هاما ومركزيا في الانتخابات القادمة إذا ما تمكنوا من خلال القائمة المشتركة للأحزاب العربية من رفع نسبة التصويت لتتعدى نسبة 65% ولم لا تتعدى 70- 80% من المصوتين! ليثبتوا أنهم الرقم الصعب في الحياة السياسية في إسرائيل ولإزاحة حكومة اليمين العنصري المتطرف من الحكم، وهي الحكومة التي أقرت قانون القومية الذي يتنكر للوجود العربي الفلسطيني في الداخل وأقرت قانون هدم المنازل العربية وعشرات القوانين العنصرية الأخرى ضد أبناء شعبنا في الداخل كما في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، ولتحقيق هذا الهدف ليس أمامنا إلا الطلب بإلحاح من جماهيرنا في الداخل ولكل قياداتهم سواء الذين شاركوا في القائمة أو غير الراضين عنها أن يغلبوا في هذه الانتخابات المصلحة الوطنية والقومية لجماهيرنا في الداخل لإزاحة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وليكتب لهم التاريخ أنهم أسقطوا نتنياهو ومخططاته وصفقاته مع ترامب وكوشنير وفريدمان وغرينبلات وليظل الشعب الفلسطيني الرقم الصعب في معادلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي وعنصريته.