الحدث- هداية الصعيدي (الأناضول)
داخل صالة رياضية اكتست جدرانها باللونين الأزرق والوردي، تستجمع الفلسطينية انتصار النجار (39 عامًا)، قوتها لرفع كلتا يديّها وصدّ كرة المنافس، ضمن تدريباتها في أول فريق "للكرة الطائرة جلوس" للفتيات في غزة.
النجار، التي أصيبت بشلل أطفال في قدمها اليسرى وهي في الثانية من عمرها، قالت لوكالة الأناضول: "أنا سعيدة جدا بالتحاقي بالفريق، فتشكيله خطوة مهمة لتعزيز دور ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من التهميش في المجتمع".
ويحتضن الفريق، الذي شكله الاتحاد العام للمعاقين في مدينة غزة قبل نحو أربعة أشهر، 15 لاعبة تعانيْن من إعاقات حركية، وتتراوح أعمارهن بين 18 -50 عاما، رغم أن عادات وتقاليد المجتمع الغزّي لا تشجع "خوض الإناث" للمجال الرياضي.
وهذا الفريق هو الأول من نوعه على مستوى فلسطين للإناث، وفقا لرئيس اتحاد المعاقين العام في وسط قطاع غزة، مازن بشير.
وآثرت النجار أن تقضي وقت فراغها في تطوير قدراتها الحركية، على أن تبقى أسيرة عادات وتقاليد مجتمعها الغزّي الذي يتسم بـ "المحافظ"، كما قالت للأناضول.
وأضافت: "أنا أحب الرياضة كثيرًا، وكنت دومًا أتمنى ممارستها، وهذا الفريق بمثابة الوسيلة القوية لتعزيز الثقة بالنفس والتفريغ النفسي، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية، والأداة لتحقيق هدفي في أن أصبح رياضية".
واختارت النجار هذه الرياضة، لأنها تناسب حالتها الصحية. ويمارس اللاعبون هذه الرياضة وهم جالسون على أرضية المعلب أو على كراسٍ متحركة، ويتكون فريقها من 6 لاعبين.
وظهرت رياضة كرة الطائرة جلوس، التي تختص بالأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، في هولندا عام 1956، وأصبحت رياضة أولمبية للرجال عام 1980، ثم للنساء عام 2004.
ويبدو الحماس والشغف واضحين على وجه الفتاة، نبال مسّمح، وهي تمارس تدريباتها، وتصدّ عدة رميات وجهها إليها مدرب الفريق، الذي أثنى عليها، لمهاراتها في الأداء.
وقالت مسّمح، التي تعاني من شلل أطفال في ساقيها: "أصبحت أشعر بأن حياتي ذات قيمة، في السابق لم أكن أجد ما أفعله، لا دور للمعاق هنا، ولا مؤسسات تهتم به، وتوقفت عن التعليم منذ المرحلة الإعدادية (المرحلة الثانية في التعليم الأساسي)".
وبعد عدّة محاولات، استطاعت أن تقنع عائلتها بالسماح لها بالالتحاق بهذا الفريق، وأنه سيساعدها في تحسين قدرتها الحركية، وفقا لقولها.
وأكملت: "تحسنت قدراتي الجسمية والنفسية، والتدريبات جيدة، لكن أواجه صعوبة في توفير المال اللازمة لدفع أجرة المواصلات للوصول إلى صالة التدريب".
وتطمح مسّمح، التي تقول إن حركة ومرونة أطرافها العلوية تحسنت كثيرًا، بعد ممارسة رياضة الطائرة جلوس، في أن "يتطور الفريق أكثر ويلقى الاهتمام من الجهات المعنية ويصل إلى العالمية".
ووفق إحصائية لـ"الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، (حكومي مقره الضفة الغربية)، فإن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، البالغين أكثر من 18 عامًا، يصل إلى نحو 27 ألفا، منهم 17 الفا يعانون من إعاقة حركية من أصل حوالي 1.9 مليون نسمة هم تعداد قطاع غزة.
وبحسب الاتحاد العام للمعاقين في غـزة، فإن أكثر من 40% من جرحى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، التي بدأت في السابع من يوليو/ تموز الماضي واستمرت 51 يوما، أصيبوا بإعاقات سمعية وبصرية وحركية.
وقال رئيس الاتحاد العام للمعاقين، ومدرب الفريق، مازن بشير، إن فريق كرة الطائرة الجلوس للإناث هو الأول من نوعه على مستوى فلسطين، موضحًا أنه تم تشكيل فريق خاص بالذكور، قبل نحو عامين.
وأضاف شبير، في حديث مع وكالة الأناضول، أن "الفتاة التي تعاني من إعاقة لها وضع خاص لا سيما في مجتمع محافظ مثل غزة، وهذا يسبب لها حالة نفسية قد تصل بها إلى السلبية".
وأكمل: "أردت أن أساعد الفتيات في الخروج من بوتقة التفكير السلبي، وأمنحهن الثقة بأنفسهن، وأنهن قادرات على تحقيق ذواتهن من خلال هذا الفريق، وبالتالي تحقيق دورهن في المجتمع".
وتابع أنه قام بحملة إقناع لأهالي الفتيات للموافقة على التحاقهن بالفريق، وضرورة ممارستهن للرياضة"، مشيرًا إلى أنه "واجه صعوبات في بداية الأمر من رفض المجتمع ممارسة الفتاة للرياضة".
ومضى قائلا إن "الفتيات المعاقات يحتجن إلى تنمية القدرات الجسدية للاعتماد على ذاتهن بصورة أفضل، وعدم الحركة بشكل مستمر وممارسة التمارين يزيد من صعوبة حركة الفتاة التي تعاني من إعاقة".
وختم رئيس الاتحاد العام للمعاقين، مدرب الفريق، بقوله: "أعاني صعوبة في تمويل الفريق قد تؤدي إلى وقف تدريباته في أي وقت"، مناشدًا المسؤولين محليًا وعربيًا ودوليًا بـ"مساعدة الفلسطينيين ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة منهم".