الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أحلام الانفكاك وأوهام الضم / بقلم: زياد البرغوثي

2019-08-09 04:53:10 AM
أحلام الانفكاك وأوهام الضم / بقلم: زياد البرغوثي
زياد فوزي البرغوثي

الحدث مقالات - زياد البرغوثي

تتواتر الأخبار من الفضائيات والمحليات والمسؤولين مضطربة خجولة، عن نية إسرائيل ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وفرض القانون الإسرائيلي عليها من جهة، ونية المسؤولين عندنا بالانفكاك عن إسرائيل من جهة أخرى.

لقد تحدَّت إسرائيل العالم وفرضت على الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس، هذه الولايات المتحدة راعية الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

كانت هذه الرسالة الأقوى إلى الغربِ والعربِ والفلسطينيين.

وكانت الخطوة الأكثر خطورة في مسار وَهْم مسيرة السلام التي تمسكنا بخيوطها وقدمنا كل شيء من أجلها ومن أجل إسرائيل والإسرائيليين، ولَم نتقدم فيها خطوة واحدة على طريق الاستقلال.

ما أريد قوله، إن إسرائيل لم تنسحب من متر واحد من أراضي الضفة الغربية، وما قامت به هو تكييف النظام السياسي بمشروع إدارة سكانية أمنية مقابل مشروع صهيوني استيطاني يعمل على تجسيد فكرة أرض إسرائيل الكبرى.

هذا المشروع الصهيوني الاستيطاني سيستمر طيلة العقود القادمة حتى استكمال استيطان كل التلال الفلسطينية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال (تحويل السكان الفلسطينيين إلى أقليات وجزر معزولة بين المستوطنات)، وستستمر إسرائيل بطلب المزيد من الأيدي العاملة الفلسطينية حتى استكمال المشروع العمراني في الداخل لاستقبال أكبر عدد من القادمين والخبراء والسياح وشركات التكنولوجيا والشركات الاستثمارية من دول العالم العربي والغربي.

برأي الخبراء، تحتاج إسرائيل إلى عشر سنوات أو أقل من البناء والاستيطان المتواصل حتى تستكمل حلم مملكة إسرائيل، وهي ليست بحاجة إلى ضم المناطق، بل على العكس، ستتمسك إسرائيل بالنظام السياسي وإحكام القبضة عليه، من أجل الاستمرار بشطب كل المرجعيات في عملية السلام والقرارات الدولية والثوابت الفلسطينية على مرأى ومسمع من القيادة الفلسطينية والعربية والدولية.

وسَتُبقي إسرائيل على يدها العليا فوق النظام السياسي، من أجل ضمان تقديم خدماته ( وفقاً لاتفاق أوسلو ) والاستمرار في توريد أبنائه إلى سوق العمل ورعاية عائلات وأبناء العمال صحياً وتعليمياً وأمنياً.

باعتقادي، سيستمر النشاط الاقتصادي في كل مناطق السلطة باستثناء المناطق (أ) التي ستُحاصر سياسياً وتنكمش اقتصادياً نتيجة شُح الموارد للسلطة الوطنية وزيادة الضرائب والرسوم عليها، من أجل تعويض وتغطية مصاريف ورواتب مسؤولي وموظفي النظام السياسي، وقد يقوم الكثيرون من موظفي السلطة نتيجة لذلك بالالتحاق تدريجياً بسوق العمل الإسرائيلي.

إسرائيل لا تملك اَي مشروع للفلسطينيين في هذه المرحلة، ولا ترى في الفلسطينيين إلا أداة في استكمال المشروع الصهيوني الاستيطاني في العقد القادم.

فهل نملك نحن مشروعا للعقد القادم؟