الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"كانون النار" رفيق الفقراء والأغنياء في شتاء غزة القارس

2015-01-16 09:37:09 AM
صورة ارشيفية
الحدث- الأناضول

في أحد الأبراج السكنيّة غربي مدينة غزة، تتساوى المدفأة "الكبيرة حديثة طراز" مع غيرها من التحف الفنيّة داخل شقة الفلسطيني أمجد صيام، إذ تبدو كقطعة "ديكور"، في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تتجاوز الـ16 ساعة يوميا.
 
صيام، وهو أب لستة من الأبناء بينهم 3 أطفال، يقول لوكالة الأناضول إنّه يشعر بالأسف على شرائه في الصيف الماضي مدفأة "فاخرة غالية الثمن"، فهي في غزة، وتحديدا في الوقت الراهن، تماثل "اللوحات" و"الأشياء الرمزية"، على حد وصفه.
 
ويتابع صيام (42 عاما): "مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لم تعد هناك أي فائدة تُذكر لوسائل التدفئة الحديثة"، وفق مراسلة الأناضول.
 
ورغم معارضة زوجته الشديدة لجلّبه "كانون النار" التقليدي داخل الشقة، إلا أنّ صيام، وأمام البرد القارس، قرر أن يبحث عن الدفء من خلال "التدفئة البديلة" والبدائية في ذات الوقت.
 
ومنذ أكثر من أسبوعين، وبفعل توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل جراء نفاد السولار الصناعي اللازم لتشغيلها، أعلنت شركة توزيع الكهرباء عن زيادة عدد ساعات قطع التيار لتصل إلى 20 ساعة يوميا.
 
وصيام واحد من مئات الفلسطينيين في قطاع غزة، لم يجدوا أمامهم سوى "موقد النار" وشراء الحطب والفحم كوسيلة تعوضهم، ولو بشكل مؤقت، عن غياب وسائل التدفئة التي تعمل بالطاقة الكهربائية.
هو الآخر، يقول ماجد ناجي (26 عاما)، إنّه لم يجد حلا أمامه سوى شراء الحطب والفحم وإشعاله في "الموقد الصغير"، لتدفئة والده العجوز المريض.
 
ويمضي ناجي قائلا: "نقوم في أسفل البرج (البناية السكنية) بإشعال النار في الكانون (الموقد) والانتظار إلى حين انحسار الدخان الأبيض الكثيف (لتفادي الأضرار الصحية)، وإدخاله إلى الشقة.. أبي مريض والبرد يزيد من وجعه، وما من وسيلة سوى الاعتماد على وسائل التدفئة البديلة القديمة".
 
وتُدرك جيدا سلوى الزهارنة (34 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال، أضرار إشعال الحطب والفحم على الصحة، وما قد تسببه هذه الوسيلة من اختناق بفعل نقص للأوكسجين داخل الشقة، لكنها أمام ما تصفه بـ"البرد المرعب، والمخيف تجد في كانون النار ملاذا يقي أجساد صغارها من البرد القارس".
 
وتُضيف الزهارنة، في حديث مع وكالة الأناضول، أن "البرد مخيف وقاسٍ جدا هذا العام، ويأتي بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي، وما من حل أمامنا سوى التدفئة القديمة".
 
ومنذ 8 سنوات يعاني قطاع غزة، حيث يعيش حوالي 1.9 مليون نسمة، من أزمة كهرباء كبيرة، عقب قصف إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006، وهو ما دفع السكان إلى العيش وفقا لجدول توزيع يومي، بواقع 8 ساعات توافر للتيار الكهربائي و8 ساعات غياب، حسب مراسلة الأناضول.
 
وحتى تلك المدفأة التي تعمل بالغاز أو أنواع المحروقات المختلفة تبدو بلا أي فائدة، كما يقول الخمسيني يوسف النجار، وهو ما يجعل من "كانون النار" وفق قوله "رفيق الفقراء والأغنياء في غزة" التي تحاصرها إسرائيل منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.
 
ويُضيف النجار لوكالة الأناضول أن "الأسر الفقيرة والمحتاجة ليس باستطاعتها أن تشتري المدافئ الحديثة، والأسر الغنية، والتي بإمكانها أن تنال أي مدفأة تريدها ،لا تستفيد منها في ظل انقطاع التيار الكهربائي".
 
وعلى الرغم من خوفه من نيران الكانون، وما قد تسببه من أذى وحرائق، إلا أن الفلسطيني مروان خليفة، (45 عاما) قال إنّ البرد القارس جعلهم يبحثون عن أبسط الوسائل، وأكثرها بدائية.
 
ويتابع خلفية أن "أجهزة التدفئة التي تعمل على الكهرباء أو الغاز لم يعد لها قيمة في غزة بسبب أزمة الكهرباء.. لدى مدفأة تعمل على الغاز، ولكن في ظل أزمة الغاز تبدو بلا فائدة".
 
ويعاني قطاع غزة من أزمة في غاز الطهي، فالكميات المدخلة إليه يوميا من معبر كرم أبو سالم (المنفذ التجاري الوحيد للقطاع)، والمقدرة بـ120 طنا يوميا، لا تكفي لتلبية احتياجات القطاع الذي يحتاج كحد أدنى لـ300 طن يوميا.
ورغم أن خلفية يشعر بالدفء، إلا أنّه اعترف بأنّه كاد في إحدى المرات أن يتسبب بحريق داخل المنزل، بسبب تطاير شرر "موقد النار".
 
و"شديد القسوة جاء شتاء غزة هذا العام"، كما تقول شادية زقوت (50 عاما) لوكالة الأناضول.
 
وتضيف أنه "الأكثر برودة منذ عقود، الصغار والكبار تتجمد أطرافهم، والصقيع يشتد، لا ماء ساخن، ولا مدفأة تعمل، ولا وسيلة أمامنا سوى إشعال الحطب والفحم للحصول على بعض الدفء".
 
وبحسب الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أشرف القدرة، فإن العائلات الغزية، وفي ظل البرد الشديد، لجأت إلى الفحم والحطب،لاستخدامه في تدفئة منازلهم، كبديل عن المدافئ في ظل انقطاع التيار الكهربائي.
 
وأضاف القدرة، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن موجة البرد الشديدة التي صاحبت المنخفض الجوي الأخير دفعت المواطنين إلى استخدام الفحم بكثرة، مشيرا إلى وصول العديد من حالات الاختناق إلى مشافي غزة.
ويختم بقوله: "ولكن ما من وسيلة أمامهم سوى التدفئة البديلة، الأطفال يتجمدون، والبرد القارس تسبب بالعديد من الحالات المرضيّة، خاصة عند كبار السن.. موجة البرد الأخيرة تسببت في مصرع 5 من الفلسطينيين في غزة بينهم 4 أطفال".
 
وقد أصدر جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة نشرة يهدف من خلالها إلى توعية المواطنين بكيفية إشعال الفحم وتهوية المكان، خاصة في البيوت محكمة الإغلاق.

ويقوم الكثير من المواطنين بإشعال النار على الكانون في الشوارع أو قرب ساحات المنازل، ومن ثم الانتظار إلى حين هدوء النيران وتحول الحطب إلى جمر، ثم ينقلون الموقد إلى داخل البيوت لمنحها الدفء المطلوب.