الحدث - جهاد الدين بدوي
تتمتع أستراليا بعلاقات وثيقة عسكرية وأمنية واقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لا يعني أن تضحي أستراليا بمصالحها الاقتصادية مع الصين بنشر صواريخ أمريكية على أراضيها.
ألغى كل من رئيس الوزراء سكوت موريسون ووزيرة الدفاع ليندا رينولدز فكرة نشر صواريخ أمريكية متوسطة المدى في شمال أستراليا، جاء رد استراليا بعد أن قال وزير الدفاع الأمريكي مايك إسبر، إن الولايات المتحدة تأمل في نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا، مما يؤدي إلى تكهنات بأن أستراليا ستكون مرشحًا رئيسًا ومكانا حيوياً لقربها مع الصين.
وقد نقلت المجلة الأمريكية "ناشيونال إنترست" عن مالكولم ديفيز، كبير المحللين في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، أن نشر واشنطن لصواريخها متوسطة وقصيرة المدى على الأراضي الأسترالية يحمل مزايا استراتيجية هامة، وأضاف المحلل الأسترالي أنه بالإمكان نشر مثل هذه الصواريخ في جزيرة غوام وتجنب المشاكل المرتبطة بالقواعد الأجنبية تماماً، ولكن غوام هي بالفعل هدف استراتيجي ذو قيمة عالية لصواريخ كروز الباليستية والهجمات البرية الصينية.
وأكد ديفيز قد يكون الاعتماد على وضع الكثير من البيض في سلة واحدة كنشر الصواريخ الامريكية في غوام خطأ كبير، كما أن وجود قواعد عسكرية أمريكية في اليابان من شأنه أن يولد مخاطر سياسية محلية محتملة، ومن شأنه أن يشعل النزاع المحلي حول الوجود الأمريكي هناك، ويعرض هذه الأسلحة إلى خطر كبير من أنظمة الصواريخ الصينية قصيرة ومتوسطة المدى.
أستراليا هي المكان المثالي لنشر الصواريخ الأمريكي، فصاروخ متوسط المدى يبلغ مداه القتالي 4000 كم متمركز في الشمال الأسترالي بالقرب من قاعدة القوات الجوية الملكية الاسترالية "تيندال"، سيكون بالتأكيد قادراً على ضرب قواعد الصين في جزر سبراتلي. إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بتطوير صواريخ فرط صوتية، فإن السلاح الأمريكي سيغطي بقية بحر الصين الجنوبي، وربما في جنوب شرق الصين ويشمل ذلك جزيرة هاينان.
على عكس غوام أو أوكيناوا يوجد بأستراليا مساحات واسعة لاخفاء الصواريخ الباليستية، وهي أقل عرضة للخطر من قبل الجيش الصيني، وأكد ديفيس أن الصين ستحتاج إلى نشر صواريخ (DF-26) في جزر سبراتلي، ومواصلة تطوير نظام الدفاع الصاروخي (CH-AS-X-13 ALBM)، أو استخدام وسائل أخرى لمهاجمة الصواريخ الأمريكية الموجودة في شمال استراليا، وعلى الصين أيضا انشاء جيل جديد من الصواريخ وهذا ليس بالأمر المستحيل على الصين ولكنه في نفس الوقت ليس بالأمر الهين.
يعتبر نشر الصواريخ الأمريكية على الأراضي الأسترالية يحمل إيجابيات عدة؛ كتوثيق العلاقات العسكرية والأمنية مع واشنطن، ما يشير إلى الالتزام الأمريكي بالمنطقة، ناهيك عن تعزيز الدفاع الأسترالي في مواجهة العملاق الصيني.
ولكنه وفي نفس الوقت يحمل عدة مخاطر وسلبيات داخلية وخارجية، فعلى المستوى الداخلي قد يعترض بعض الأستراليين على جعل أستراليا هدفًا أكبر في نزاع محتمل بين الولايات المتحدة والصين، وخارجية في العلاقة الاقتصادية الاسترالية الصينية التي قد تضحي استراليا في حال نشرت صواريخ أمريكية على أراضيها بمصالح اقتصادية مع الصين تقدر بمائة مليار دولار.
خلص ديفيس إلى نتيجة: "أن الحكومة الحالية تحاول الحفاظ في المستقبل المنظور على توازن دقيق في علاقتها الاستراتيجية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة من جانب، وعلاقتها التجارية الهامة مع الصين من جانب آخر".
وختم ديفيس أنه لا يمكن أن تستمر علاقتها المتوازنة لفترة أطول من اللازم، حيث تزداد أنشطة الحرب السياسية الصينية ضد أستراليا وتتزايد مصالحها الإقليمية. في مرحلة ما، ستحتاج أستراليا إلى اتخاذ بعض الخيارات الصعبة بشأن مستقبلها الاستراتيجي.