الحدث ـ سجود عاصي
قال نقيب الأطباء الفلسطينيين في اتصال مع صحيفة الحدث، إنه اجتمع مساء أمس، الأحد، مع الأطباء الشرعيين الذين قدموا استقالتهم، لاستيضاح الأسباب وراء تقديم الاستقالة. وأضاف، أن لدى الأطباء المستقيلين بعض النقاط الجدية والتي تستحق الاهتمام، مشيرا إلى أنه سيجتمع مع وزير العدل محمد الشلالدة يوم الثلاثاء القادم لمناقشة هذه النقاط.
وأكد النقيب، أن الأطباء زودوه بكتب ووثائق تفيد بأسباب استقالتهم، وأن هذه الكتب رفعت للجهات المختصة لكنها "لم تجد آذانا صاغية". وشدد، على أن الأطباء لم يلقوا أي تجاوب رغم الاعتراضات والكتب التي كانوا يرفعونها للجهات المختصة، والتي تم إطلاعه عليها في الاجتماع، مؤكدا على أنه مصرّ على سماع رواية الطرف الآخر وما لديه من معلومات ومعطيات.
وقال إن الاعتراضات بعضها إداري وآخر صادم، فعلى سبيل المثال؛ تم تقديم تقارير طب شرعي للنيابة غير صادرة عن الأطباء الشرعيين، من قبل أشخاص ليسوا مختصين بالطب الشرعي، من بينهم فني تخدير وآخر يحمل درجة البكالوريوس في التربية الإسلامية.
ولفت النقيب، إلى أنه اطّلع على وثيقة تؤكد أنه في وقت سابق تقدم 6 من الأطباء الشرعيين باعتراض على طريقة إدارة الطب الشرعي، بالإشارة إلى أن العدد الكلي للأطباء الشرعيين 8، واحد منهم المسؤول الطبي ريان العلي، والذي يعمل في جامعة النجاح بقرار مجلس وزراء سابق، ولا يقوم بمهامه، كما ذكر الأطباء للنقيب.
وعن قضية إسراء غريب، قال النقيب إن الأطباء أبلغوه بأن من شرحها طبيب واحد ولم يتم إطلاعهم على الأمر، مع الرغم أن مثل هذه الحالات يتم تشريحها من قبل لجنة، خاصة وأنها قضية رأي عام، مؤكدين له أنه يوجد في الخليل مشرحتين. متسائلين: لماذا تم تشريحها من قبل طبيب واحد فقط بدون لجنة؟.
وأوضح النقيب، أن الأطباء أبلغوه أيضا فيما يتعلق بقضية إسراء، أنه تم إرسال واحدة من العينات للفحص، بينما العينة الأخرى المهمة لم يتم إرسالها إلا في وقت لاحق متأخر، بعدما تحولت القضية لرأي عام.
ونوه، إلى أنه يجب دراسة هذه الملاحظات إن كانت تشكل إدانة واتهاما أم أنها تجري ضمن الأصول، مشددا على ضرورة سماع الأطراف ككل وما لديهم من ملاحظات.
وشدد النقيب، على أن الأطباء الشرعيين أثاروا قضية إسراء غريب خلال اجتماعهم به، وأبلغوه بكافة ملاحظاتهم المتعلقة بها، مضيفا "الأطباء المستقيلون طرحوا موضوع إسراء غريب، بالإضافة إلى سياق من المخالفات والتجاوزات في عمل دائرة الطب الشرعي، ولكن ذلك أيضا بحاجة لردود من الطرف الآخر".
وأكد صبحة، أن الملاحظات والاعتراضات التي قدمها الأطباء حول سير دائرة الطب الشرعي، قد تنعكس أحيانا سلبا على الحالات التي يتم تشريحها والتعامل معها.
وقال النقيب، إن الأطباء أبلغوه بأن المدير الإداري هو من يدير الأطباء الشرعيين في الدائرة، رغم أنه لا يحمل شهادة في الطب، وإنما شهادة بكالوريوس في التربية الإسلامية.
وأضاف النقيب، أنه عاتب الأطباء المستقيلين لأنهم لم يتقدموا بهذه الملاحظات من قبل، وفاجأوه بالاستقالة، مؤكدا على أنه سيتم إحقاق الحق سواء كان لهم أو عليهم.
وحول التجاوزات التي اتهمت وزارة العدل الأطباء بالقيام بها، قال إن أطراف في الوزارة زودوه بالأوراق الخاصة بذلك، حيث إن أحد الأطباء متهم بأنه تأخر عن دوامه عدة مرات، والآخر مشتبه به بأنه تلقى 200 شيكل بشكل غير قانوني ولم يتم اتهامه بشكل نهائي بذلك.
مساء أمس، وبعد التقرير الذي نشرته صحيفة الحدث بخصوص الأطباء الشرعيين المستقيلين الثلاثة، أصدرت وزارة العدل الفلسطينية بيانا، قالت فيه إن "تقديم ثلاثة من الأطباء الشرعيين في الوزارة استقالاتهم ليس له علاقة بقضية وفاة المرحومة إسراء غريب، وإنما تأتي نتيجة ارتكابهم مخالفات، وصدور عقوبات تأديبية بحق بعضهم".
وجاء في تقرير الحدث، أن الأطباء الذين قدموا استقالتهم، هم: الدكتور مؤيد بدر اختصاصي الطب الشرعي في محافظة رام الله، الدكتور مهند شويكي اختصاصي الطب الشرعي في محافظة القدس، والدكتور مهند جابر اختصاصي الطب الشرعي في محافظة الخليل، مع الإشارة إلى أنهم مسؤولو الطب الشرعي في محافظات وسط وجنوب الضفة الغربية، ومن المفترض أن يشاركوا في كتابة التقرير الطبي الخاص بإسراء غريب، حيث إنهم أعضاء في اللجنة التي يتم تكليفها في تشريح الحالات الجنائية في معهد الطب العدلي أبو ديس.
وأضافت المصادر، أن الأطباء يعتبرون أن بعض التجاوزات في الدائرة أثرت على عملهم بشكل مباشر وساهمت في تأخير بعض الإجراءات المتعلقة بدائرة الطب الشرعي، ومن الأمثلة على ذلك؛ قضية إسراء غريب حيث استغرق صدور التقرير الطبي الخاص بها وقتا طويلا لا يتناسب وكونها قضية رأي عام حيث إنه يمكن إنجاز التقرير بشكل أسرع، بالإضافة إلى وجود حالة من التكتم والغموض في حالتها.
وقالت المصادر، إن بعض هذه التجاوزات قانوني يؤثر بشكل مباشر على عمل الدائرة، فبينما يمنع القانون ازدواجية العمل في حالة الأطباء الشرعيين، يعمل مدير الطب الشرعي المكلف ريان العلي، محاضرا في جامعة النجاح الوطنية، ويشغل كذلك منصب مدير معهد الطب العدلي في الجامعة، وهو ما أثر على إشرافه على الكثير من القضايا، من بينها قضية إسراء التي غاب عن تفاصيلها بشكل شبه كامل، قبل تحولها لقضية رأي عام.
وأفادت المصادر، أنه يعمل في الدائرة أشخاص ليس لهم علاقة بالطب الشرعي، وبعضهم يحمل شهادات بكالوريوس في التربية الإسلامية ويشرف على أمور حساسة وذات اختصاص، وبعضهم معه شهادة علاج طبيعي وفني تخدير وهي تخصصات ليس لها علاقة بالطب الشرعي، ومع ذلك يشرف هؤلاء على بعض القضايا الخاصة بالأطباء الشرعيين بتكليف مباشر من وكيل وزارة العدل محمد أبو السندس.
وتواصلت الحدث مع الدكتور مؤيد بدر اختصاصي الطب الشرعي في محافظة رام الله، وأكد بدوره خبر الاستقالة، لكنه رفض الحديث عن الأسباب التي دفعته وزملائه من اختصاصيي الطب الشرعي لتقديم استقالاتهم، مكتفيا بالقول: "إن الاستقالة مرفقة بأسبابها قدمت للجهات المختصة، ونتطلع لعلاج القضية في أطرها الرسمية".
وتؤكد صحيفة الحدث أنها ستنشر تقريرا خاصا ومفصلا في قضية إسراء غريب في عددها الصادر يوم غد 10.9.2019.