على مدار عقود أزور الاْردن ثلاث إلى أربع مرات سنوياً، إما لفرح أو عزاء، أو قليل من الشوق في ساعات الصفاء.
ومع كل زيارة أسمع نوعين من الشكوى...
شكوى الفقراء والبسطاء، وتبدأ مع ركوبي سيارة التاكسي في الجانب الأردني من الأغوار، عن الجفاف ووادي شعيب والزراعة وشح الأمطار، وعن الغلاء والأوضاع المعيشية، والمخدرات والمهربات وإهمال الحكومات، وآخر قضايا الشرف والعشائرية، وصولاً إلى عمان العاصمة الأردنية.
في عمان.. وبعد اللقاء مع الأصدقاء المثقفين ومن أوساط المال والأعمال، وبعض الأقارب والإخوان...
يستمر حبل الشكوى على شكل مخاوف من المستقبل وركود الحالة الاقتصادية، والتجارة عبر الحدود السورية الأردنية، واضطراب في قراءة الحالة السياسية، والصراعات العربية العربية، وآخر التطورات الإقليمية.
في عمان، لي من الخبز والملح ما يحملني الكثير من الحنين والمشاعر المختلطة، تزيد عليّ من صعوبة المُهمة في فهم شكاوى الأمة.
في زيارتي الأخيرة الأسبوع الماضي، ومن غرفتي في الفندق على الدوار الخامس، كنت أطل على أكثر من مليار دينار استثمارات في فنادق ومشاريع تحت الإنشاء سكنية وسياحية، فِي ظل أزمة اقتصادية، وحصار ومخاوف من صفقات القرن والمؤامرات الدولية.
ما أريد قوله... منذ عقود ونحن نسمع هذه الشكاوى والمخاوف في الأردن؛ فالعامة تشكو ضيق الحال، مع قليل من العمل والنشاط، وكثير من الصلوات والابتهال، وشعارهم على الله الاتكال.
ورجال المال والأعمال، يخشون من تجفيف مياه الحيتان، وضياع الفرص وتغيير الأحوال، وما بين أغلبية تطارد لقمة العيش وأخرى تطارد أحلامها في رغد العيش...
وبعد هذه الأيام والسنين والتنقل بين الضفتين، أقول أن في الاردن شعب عربي أصيل، تقوده قيادة تسير بين حبات الأمطار، من الأغوار إلى دير الغبار.
جعلت من الأردن واحة استقرارا وصمام أمان بالرغم من شح المال وتبدل الأحوال...
حمى الله الأردن وفلسطين
من العنصريين والطائفيين
وسماسرة السياسة وتجار الدين