الحدث – خاص:
ما زالت الخزينة العامة الفلسطينية تعاني من وضع مالي هش وغير مستدام بعد المنح والمساعدات، بسبب ضعف الإيرادات وزيادة النفقات وعدم سيطرة الحكومة على تحصيل الإيرادات، الأمر الذي يستدعي ضرورة ضبط النفقات وترشيدها، وعمل إصلاحات ضريبية وتحسين كفاءة نظام الجباية الضريبية خاصة التهرب الضريبي، وتجنب الاقتراض لتمويل النفقات التشغيلية، وضرورة قيام وزارة المالية بإضفاء المزيد من الشفافية والمساءلة في إدارة الدين العام وكذلك التشدد في مكافحة الاختلاسات الحكومية والبت بالقضايا بالسرعة الممكنة لإعادة الأموال المختلسة إلى الموازنة العامة، والعمل على زيادة الإيرادات المحلية، إما عن طريق توسيع طاقة الاقتصاد المحلي أو عبر تحسين الجباية الضريبية من توسيع القاعدة الأفقية للضرائب والحد من ظاهرتي التهرب والتسرب الضريبي.
وإذ تشكل النفقات الجارية معظم نفقات الموازنة الفلسطينية بنسبة 85%؛ فإن الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، يرى أن واقع اقتراض الحكومة داخليا من البنوك وخارجيا من الحكومات والمؤسسات الدولية يهدف إلى تعويض العجز الحاصل في الموازنة، البالغ عام 2018 حوالي مليار دولار، في حين بلغت النفقات حوالي 6 مليار دولار، مقابل 5 مليار دولار قيمة الإيرادات.
يقول عبد الكريم: "تشكل الجباية المحلية حوالي 25%، كذلك تصل نسبة المنح والهبات الخارجية إلى 25% أيضا، في حين يجمع النصف المتبقي من إيرادات المقاصة. وتكمن أهمية الدين العام في كونه يمس بمستوى المعيشة والخدمات الضرورية للجيل الحاضر والأجيال المقبلة والعدالة الاجتماعية".
75% من إيرادات السلطة تخضع للظروف السياسية
ويرى عبد الكريم، أن الدين العام هو نتاج السياسة المالية للسلطة والعجز في الرصيد الجاري في الموازنة العامة الفلسطينية لما تعانيه من وضع مالي هش وغير مستدام، سيما وأن 75% من إيرداتها تخضع للظروف السياسية، ما يعني زيادة في حجم الدين العام، وارتفاع مبلغ متأخرات القطاع الخاص.
ويعود سبب ارتفاع الدين العام الفلسطيني بحسب عبد الكريم، إلى نمو النفقات والتوسع المؤسساتي للسلطة الفلسطينية، وغياب الأسس السليمة في التنمية دون النظر إلى الظروف الاقتصادية وحجم الموارد التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وانخفاض الضرائب المحلية، وعدم قدرة السلطة على فرض ضرائب أخرى، دون إغفال السبب الأقوى والمتمثل بسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الموارد المحلية، والحدود والتحكم في تحويلات المقاصة.
تضارب أرقام قيمة وحجم الدين العام وامتناع وزارة المالية عن الإفصاح عنه
وفي ظل واقع الدين العام المقلق، فإن د. عبد الكريم ينتقد بشدة تضارب الأرقام حول قيمة وحجم الدين العام وامتناع وزارة المالية عن الإفصاح عنها بجدول زمني وجداوله واستحقاقه وشروطه وتكلفته كما ينص عليه قانون تنظيم الموازنة في المادة 21 عن الدين العام.
ويؤكد أن ارتفاع الدين العام ناتج عن عجز الموازنة المفتوح والمستمر "فلم يكن يقينا إمكانية أن تعيش السلطة إلا بعجز وهذا بحكم تشكيلتها ووجودها وظروفها، ولذلك لا نستغرب أن يبقى العجز دائما والاستدامة المالية ضعيفة، وبالتالي السلطة تبقى في حالة عوز وطبيعتها لا تستطيع إلا الاقتراض، ولولا المساعدات بقيمة 35 مليار دولار؛ لارتفعت قيمة الاقتراض إلى 40 مليار دولار".
ولضبط الدين العام؛ يحث عبد الكريم، الحكومة، على ضبط الموازنة وإزالة سبب وجود الدين العام بدعم العجز من خلال ضبط النفقات للتخلص من العجز وترشيدها ومحاربة الفساد وإيجاد فرص عمل، وتحسين الجباية المحلية ومنع التهرب الضريبي وإجراء إصلاحات ضريبية وتوزيع العبء الضريبي.
ويقول: "إن بقي العجز يمكن البحث عن تمويل يحتاج إلى سياسة اقتراض منسجمة مع القانون وتحديد أولوياته ولأي أغراض، والشروط التي يمكن القبول فيها وتحديد مصادرها ونتائجها وتبعاتها".
ويؤكد على أن "الذين لا يلتزمون بضريبة الدخل ولا يدفعونها هم الأغنياء لا الفقراء؛ فقيمة ضريبة الدخل 200 مليون دولار في كل فلسطين، ولذلك يجعل قانون ضريبة الدخل وتعديلاته والإعفاءات التي تقدم للشركات تحت مسميات مختلفة وقدرة الشركات الكبرى على التهرب حصتها ومساهمتها في ضريبة الدخل جدا ضئيلة، ومن يدفع الضريبة هم الموظفون ولذلك فإن العبء الضريبي على الفقراء وليس على الأغنياء، ولذلك يجب الإصلاح الضريبي وضمان تحقيق العدالة الغائبة.
فجوة تمويلية لا يتحملها غير الحكومة
ويشدد عبد الكريم على أضرار الدين العام وتأثيراته على حركة الاقتصاد وأدائه، إلا إذا كان تنمويا ويحكم على تداعياته من غرض توظيفه، لكنه يستدرك "إن مصدر الدين العام الأساسي هو نتاج السياسة المالية وعجز الموازنة، ولذلك فإن السياسة المالية هي إيرادات ونفقات ومساعدات، وبالتالي ما تبقى من فجوة تمويلية لا يتحملها غير الحكومة التي تبنت دائما سياسة تقشف تقتصر على فاتورة الرواتب فقط، ولذلك فإن هذه السياسة نقلت أزمة العبء المالي من وزارة المالية إلى المجتمع ولم تحلها نتيجة تأخير مستحقات الرواتب".
ولا يرى عبد الكريم، وجود تقشف في تحسن بعض الجوانب المالية؛ فالمقاصة تراجعت وبقيت تشكل 65% من الإيرادات وهيمنتها، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار الحاجة للاقتراض، لأن الفجوة التمويلية بقيت مستمرة ومستوى الاستدامة تراجع في القدرة على التمويل من الإيرادات المحلية للنفقات.
ويفضل عبد الكريم لجوء الحكومة للدين الخارجي وليس المحلي، لأن شروطه أفضل وميسرة في الغالب، ولأنه بالمجمل لا يمول نفقات تشغيلية كما لا يحدث مزاحمة مع القطاع الخاص، وتكمن أهميته في أنه يحدث سيولة في السوق.
وبالمقابل فإن عبد الكريم، يرى ضرورة إحجام الحكومة عن الاقتراض، كما أن التداعيات التنموية للاقتراض الجاري ليست كبيرة، فهي تنتهي من حيث تصرف، ولذلك دائما يحبذ للاستفادة منه في الفرص التنموية. ولكن "لا تلتزم السلطة كثيرا في هذا الموضوع لظروف وجود العجز الدائم في الموازنة، وتطور الدين العام الذي يتضح أن الخارجي منه يميل إلى الثبات ولم يختلف كثيرا عن الداخلي فبقي بحدود مليار دولار أو أكثر بقليل، بينما بقي الدين العام الداخلي متذبذبا صعودا وهبوطا حسب قدرة الحكومة على سداد القروض وتجديدها".
وإن كان الدين العام يبلغ حاليا حوالي 2.5 مليار دولار تقريبا وقيمة فوائده 47 مليون دولار، باستثناء النصف الأول من العام 2019 لأن عددا من القروض أضيف إلى هذا المبلغ، فإن تركيبة (الدين العام): "جاري/مدين المحلي 416 مليون دولار وهيئة البترول 213 مليون دولار والقروض من البنوك 738 مليون دولار تركيبة الدين العام الخارجي مؤسسات دولية 508 مليون دولار وحكومات دولية 200 مليون ومؤسسات عربية 512 مليون دولار".
الموردون يرفعون أسعار العطاءات الحكومية للتعويض عن أي خلل في علاقة مالية لاحقة
ويؤكد عبد الكريم، أن الموردين عندما يتقدمون لعطاءات السلطة يرفعون الأسعار لتعويضهم عن أي خلل في أي علاقة مالية لاحقة أثناء فترات السداد، فيأخذون أذونات دفع يقدمونها للبنوك، ومن أجل خصمها يمكن أن تكون ذات كلفة أعلى، لذا فهي ماليا مضرة أكثر من الدين الخارجي والمصرفي لأنها تجفف جزءا من السيولة وتمنع تدويرها في الاقتصاد، مما يربك الحياة الاقتصادية، وبالنتيجة لها تداعيات لاحقة على الناتج المحلي والبطالة، وعليه فإن مشكلة المتأخرات أكثر خطورة من الدين نفسه المجدول والمنظم بالعلاقة مع بنك.
صافي الإقراض معضلة يجب أن تنتهي
ويصف عبد الكريم، صافي الإقراض بالمعضلة التي يجب أن تنتهي؛ لأن الطرف فيه بلديات هيئات محلية ووزارة ولذلك بعض البلديات عليها ديون بمئات ملايين الشواقل ولذلك فإنه يرى، أنه لو تمكنت الحكومة من ضبط أو محاولة إلغاء صافي الإقراض( 300 مليون دولار) لتخلصت من المتأخرات على الإطلاق وقيمتها أكثر من 3 مليار دولار، ولكنه قال مستدركا "لم نتمكن من ضبطه، وتزاحم تبعات الدين العام القطاع الخاص والأهم أن مصيدة الدين تبقي الحكومة تقترض لتبقى تسدد قروضها بشروط، ولأننا نعيش حالة اللايقين فإنه من الصعب ضبط عجز الموازنة بما لا يزيد عن 3% من الناتج المحلي وبالتالي سنبقى نعاني من عجز موازنة مفتوح مستمر".
المشاريع الزراعية والصناعية الحكومية تعتبر بؤرة فساد
ولكن الباحث والأستاذ الاقتصادي الجامعي د. عمر عبد الرازق، يشكك في قدرة الحكومة على التخلص من المتأخرات وقال: "إنها نافذة مريحة لها".
ويرى عبد الرازق، أن الدين العام ناجم عن تأخير أموال المقاصة الذي اعتبره مؤقتا، وعند استردادها ستسدد الرواتب، في الوقت الذي يؤكد فيه أن المشكلة تكمن في عدم دفع جميع مستحقات القطاع الخاص "الموردين"، وأن سبب ارتفاع الدين العام هو عجز الموازنة الجاري، وبالتالي فإن الاقتراض محكوم لتمويل النفقات التشغيلية والعجز الجاري، وبالتالي لا يمكن الاشتراط على الحكومة الاستدانة من أجل التطوير، والمشاريع المدرة للدخل، التي اعتبرها دعوة صريحة لأن تتملك الحكومة المشاريع الزراعية أو الصناعية.
ويؤكد، أن وجود فجوة تمويلية نتيجة قصور الإيرادات المحلية والمنح والمساعدات الخارجية يجبر الحكومة على تأجيل التزاماتها المالية نحو القطاع الخاص من موردين للسلع والخدمات ومتعهدين، وحتى تأجيل دفع أجور ورواتب موظفي القطاع الحكومي، وتأخير تسديد مساهمات الحكومة في صندوق التقاعد والمعاشات والنفقات التحويلية الاجتماعية لمستحقيها أو الخيار الثاني وهو الاستدانة من المصارف المحلية.
ويقول عبد الرازق مستدركا: "لا نريد للحكومة أن تتملك لأن تملكها بؤرة فساد، ولكن نريد مشاركة القطاع الخاص في توفير الخدمات التعليمية والصحية ضمن قوانين وشروط وظروف ورقابة تضمن النوعية ووصول كل فئات المجتمع للتعليم والصحة، وبذلك يمكنها أن تخفف عن الموازنة في نسبة الإنفاق على التعليم العام والرعاية الصحية، ووضع استراتيجية متوسطة وطويلة الأجل لتقليص التوظيف في القطاع العام وخاصة الأمني منه".
وإن كان عبد الرازق يرى أن الحكومة أصبحت غير قادرة على الاستدانة بمرونة من خلال الاقتراض الداخلي بسبب ارتفاع حجم الدين الداخلي، وبنفس الوقت انخفاض هامش المرونة في الاستمرار بتأجيل تسديد مستحقات القطاع الخاص بسبب ارتفاع مبلغ المتأخرات المتراكمة، إضافة إلى صعوبة الاقتراض من المصادر الخارجية بسبب عدم توفرها أو لأنها مشروطة؛ فإنه يلخص أسباب تزايد الدين العام بـ: التهرب الضريبي بنسبة كبيرة، وأذونات الدفع واحتياطي العملات الصعبة إلى جانب سوء إدارة الدين العام وضعف الشفافية والرقابة والتنمية والنمو الاقتصادي الحقيقي.
توسيع الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص
وبحسب عبد الرازق، فإنه يرى الحل والمعالجة في وضع استراتيجية طويلة الأمد لتوسيع الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص، واعتماد آلية أخرى للشراكة في تمويل النفقات التطويرية ضمن ما يعرف بآليات البنك الدولي التي تخفف من حاجة الحكومة للاقتراض، إضافة إلى اعتماد استراتيجية وطنية لمواجهة التهرب الضريبي تقوم على محاربة الفساد.
ويقول عبد الرازق: "طالما يوجد فساد منتشر بهذه الصورة فالمواطن لن يدفع الضريبة وسيحاول قدر الإمكان التهرب منها".
أي مشروع تقيمه الحكومة يصبح بعد فترة عبئا على الموازنة وليس رافدا لها
ويشدد عبد الرازق على ضرورة تحسين الخدمات العامة لتعطي انطباعا للمواطن بأن هذه الضريبة التي تدفعها تنعكس على شكل خدمات صحية وتعليمية وخدماتية وعدالة اجتماعية، "ومن حيث المبدأ، فإن إنشاء أي مشروع تقيمه الحكومة يصبح بعد فترة بسيطة جدا عبئا على الموازنة وليس رافدا لها، ولذلك أنصح الحكومة بتأسيس بنك حكومي للتسليف الزراعي أو للتشجيع الصناعي وليس لحل مشاكل العجز أو الدين".
وفي رؤيتها التحليلية، ترى منسقة الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة الباحثة لميس فراج، أن المشكلة تكمن في تطبيق مبادئ الشفافية المتعلقة بالإفصاح عن الموازنة العامة وتفاصيلها، مؤكدة إيقاف التقارير المالية الشهرية على موقع وزارة المالية الإلكتروني تباعا للعمل بموزانة الطوارئ على نحو غير مبرر.
وعن النفقات، أكدت فراج أنه تم الالتزام بالإجراءات الخاصة بالتقنين النقدي، وتخفيض الإنفاق على الأساس النقدي، ما يشير إلى زيادة الأعباء والديون على الحكومة، كما تم تخفيض النفقات التشغيلية بدون توضيح لماهية النفقات التشغيلية التي تم تخفيضها، وضرورة الالتزام بعدم المساس في القطاعات التنموية التي تمس الخدمات العامة للمواطنين، إضافة إلى الحقائق التي تشير إلى أن صافي الإقراض في ارتفاع، ناهيك عن زيادة العجز في الموازنة، وزيادة الديون المحلية والمتأخرات.
إقرار غياب سياسة مالية واضحة
ويقر القائم بأعمال مدير عام الموازنة العامة في وزارة المالية طارق مصطفى، بغياب سياسة مالية واضحة عندما قال: "ليس لدينا سياسة مالية واضحة ولكن أدواتنا محدودة دائما، تحرك الاقتصاد السياسة النقدية والمالية ونخضع للتأثير المباشر للسياسة النقدية أكثر من المالية، ولكن أدواتنا محدودة بالحديث عن نسبة الضريبة وعجز الموازنة، ومن يطالب بعدم المساس أو رفع نسبة ضريبة الدخل هم ليسوا من المواطنين المتأثرين منها".
ولكن مصطفى يطمئن الجميع، قائلا "الدين العام مسيطر عليه بقدر الإمكان، وإن كان قد ارتفع بشكل طفيف نتيجة انخفاض الدعم الخارجي للموازنة من 1,2 مليار دولار عام 2013 إلى 550 مليون دولار عام 2018 وواصل الانخفاض إلى 2,5 مليون دولار حاليا، وبالمقابل ارتفع الدين العام بمبلغ تقريبا أقل".
ويؤكد مصطفى، ارتفاع الإيرادات بشكل عام بنسبة 44% من حوالي 8 مليار شيقل عام 2013 إلى حوالي 12 مليار شيقل عام 2018، وأنه لم يكن لعجز الموازنة تأثير كبير على الدين العام، أي نحو 100 مليون دولار زيادة على الدين العام، حتى الدين الخارجي ونتيجة جدولة السداد انخفض إلى حوالي تقريبا 70 مليون دولار خلال نفس الفترة.
وفيما يخص الدين الخاص لصندوق الأقصى وصندوق القدس، قال مصطفى: "لدينا حوالي 563 مليون دولار عبارة عن منح دوارة مقدمة للسلطة الفلسطينية يتم استثمارها وسدادها وبالتالي إعادة منحها مرة أخرى. ويقدم البنك الإسلامي للتنمية على إعفاء الفلسطينيين من هذه الديون مقابل تنفيذ مجموعة مشاريع تطويرية باسمه تنفذ من خلال وزارات الحكم المحلي والأشغال العامة والإسكان، وهي مشاريع بنية تحتية".
تحسن في آليات التحصيل وفي محاربة التهرب الضريبي
ويشير مصطفى إلى ارتفاع الإيرادات المحلية عام 2018 بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق بسبب الإيرادات الضريبية، نافيا وجود زيادة في الضرائب، في الوقت الذي أكد فيه على وجود تحسن في آليات التحصيل وفي محاربة التهرب الضريبي لكنه اعترف بوجود "عدة قطاعات تعمل في البلد دون أن تدفع الضريبة، وإن دفعت فإنها تدفع شيئا رمزيا لا علاقة له بالمبالغ الحقيقية المترتبة عليها".
صافي الإقراض يستنزف الخزينة
ويقر مصطفى، أن صافي الإقراض من أكثر البنود المستنزفة للخزينة العامة، ويقول: "عندما نتلقى رسالة من الجانب الإسرائيلي فيها حجم إيرادات المقاصة زائد الاقتطاعات (من كهرباء بقيمة 40 مليون شيقل للضفة الغربية و35 مليون شيقل لقطاع غزة، ومياه وصرف صحي) لا يتم على الفواتير أي مراجعة ولا محاسبة، إذ اقتطعت إسرائيل مؤخرا 500 مليون شيقل من الأموال المحتجزة لديها لصالح شركة الكهرباء القطرية عن شركة كهرباء القدس، وكذلك الحال بالنسبة للمياه والصرف الصحي بمعدل شهري 5 – 7 مليون شيقل، وجاءنا في الشهر الأخير خصم 33 مليون شيقل لا نعرف كيف وما هي آليات احتسابها، كما بلغت قيمة التحويلات الطبية المتوقفة لإسرائيل منذ شهر آذار الماضي ولغاية اليوم خصم ما معدله 95 مليون شيقل، غير مستشفيات القدس، وبعض النفقات تتوجه ليس لتقديم خدمات للمواطنين وإنما تسربات مالية هائلة كلها قضايا تؤثر على المالية العامة وعجز الموازنة والدين العام. ولكن لغاية شهر أيار الماضي كان رصيد الدين المترتب على البلديات حوالي 4 مليار شيقل وهي مشكلة، بينما تغطي فيها معظم البلديات إيراداتها نفقاتها التشغيلية ولا تسدد المستحقات المترتبة عليها".