الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الطلاق الصامت يغزو بيوتنا.. هل تعرف ما معناه وخصائصه؟

2019-09-17 09:44:44 AM
الطلاق الصامت يغزو بيوتنا.. هل تعرف ما معناه وخصائصه؟
تعبيرية

 

الحدث ـ سوزان الطريفي

لطالما كان الطلاق بالنسبة لنا هو عملية انفصال تتم من خلال المحكمة الشرعية بإجراءات رسمية، لكن وفي المقابل هناك وجه آخر للطلاق لا يمر عبر المحكمة، إلا أنه واقع معاش، وهو ما يعرف بالطلاق الصامت، أي أن كلا الزوجين يعيشان في حالة انفصال فعلي رغم وجودهما في نفس البيت، إلا أن هذا لا يكون معلنا ولا معروفا.

وعن هذه الظاهرة قالت الأخصائية الاجتماعية في جمعية المرأة العاملة فاتن غزاوي، إن "هذه الظاهرة موجودة منذ القدم وبدأت تظهر مجددا بشكل أوسع، ونحن في الوطن العربي بشكل عام مجتمعات لا تتكلم ولا تعبر عن مشاعرها، ومؤخرا بظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والانتشار الواسع والكبير لها أصبح الزوجان لا يتواصلان مع بعضهما أو مع الأولاد في المنزل، وهذه الدائرة المغلقة تؤدي إلى متاهات كثيرة، ويجب أن لا نستهين فيها لأن تبعاتها كثيرة، وأصبحنا لا نرى تواصلا بين الزوجين ولا نسمع عن زوج يأتي ويسأل زوجته عن يومها وعن إذا ما حصل معها شيء وكذلك الزوجة، وهذا ما كنت ألمسه خلال لقاءاتي التدريبية، و90% من الحالات التي تأتي للمنتدى عندها خلل في آلية التواصل في البيت، ودائما نسعى إلى إيجاد آلية ناجحة للحديث فيما بينهم عما يحصل معهم بحب وحنان وإيصال رسالة للأطفال أيضا والحفاظ على استمرارية الأسرة".

وأضافت غزاوي "الطلاق الصامت جعل الزوجين كل في عالمه الخاص، وإذا لم يجدوا آلية للتواصل بينهم سيستمر هذا البيت مشتتا، والطلاق في المحاكم الشرعية نسبته معروفة وهناك إحصائيات فيه، لكن الطلاق الصامت قد يكون موجودا في كل بيت دون أن نعرف، والبديل لهذا الصمت وسائل التواصل الاجتماعي، ومن يقضي ساعات في التصفح والبحث، وإنما إشباع الفراغ العاطفي، والخطورة الأكبر إذا كانت هذه الأجهزة بين أيدي الأطفال، فكثير من يفضل هذا الطلاق على الانفصال النهائي والحفاظ على البيت ومنظومة الأسرة، وأركز كثيرا في ورشات العمل والعمل على خلق آلية آمنة لحماية هيكلية هذا البيت وبالتالي حماية الأطفال".

وبدروها قالت حنان قاعود من جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، إن "العنف الأسري من القضايا التي لا تأخذ أولوية في المجتمع الفلسطيني، وخاصة موضوع العائلة ومدى التفكك داخلها، فالأبحاث تشير إلى أن الظاهرة في ازدياد، وهي تأخذ أبعادا وأسبابا مختلفة ومنها المنظومة الاجتماعية المحافظة والخوف على الإناث من العائلة سواء كانت صغيرة أم ممتدة والنزعة الأبوية التي تحكم أسرنا، وأيضا الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي التي قد تلعب دورا سيئا في التوعية مثل الدور الإيجابي فما ينطبق في الخارج لا ينطبق على الأسرة الفلسطينية أحيانا، وهذا له علاقة في منظومة الثقافة والمبادئ التي ننشأ عليها من حب الغير واحترام الأب والأم كذلك،  لكن نلاحظ أن هذه المنظومة تكسرت في لحظة معينة نتيجة التأثير السلبي للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي واستخداماتها، وكمية الإيمان لدى الشباب خاصة وإطلاعهم على تجارب الغير مما ينشئ صراعا داخل العائلة وانفصاما أحيانا لماذا حياتهم بدت هكذا مما يؤدي إلى طلاق صامت أو انفصال".

وتابعت قاعود: "أود التأكيد على  أن الوضع الاقتصادي يخلق نوعا آخر من الصراع بين الفرد ونفسه أو عائلته، هل هو قادر على تأمين دخل جيد وبالتالي تأمين العيش الكريم للعائلة، وعمليا يفترض أن مؤسسة السلطة لها دور في توفير الضمان الاجتماعي للعائلة وبالتالي تأمين حياة كريمة وتحسين الظروف داخل العائلة، والذي يؤثر على العائلة والأجواء داخلها تفككها نتيجة تفكير كل في نفسه، مما يزيد العنف داخل الأسرة، ويفضي إلى الانفصال أو العيش في طلاق صامت".

وأضافت قاعود "ثقافة الزوج والزوجة ومستوى المعرفة  لديهم هي من تحدد تأثير الانفصال على الأولاد، وأعتقد أن هذا قد يتم بالاتفاق بينهم خاصة في حال كان الأولاد راشدين قد يكون القرار جماعي، وقد يكون أثر الطلاق أفضل إذا وصل الوضع إلى خطورة الاستمرار، والبعض قد يتنازل ويتحمل الوضع ولا يجد حلا آخر، لكن العواقب قد تكون وخيمة خارج البيت مثل لجوء الزوج إلى الزواج من أخرى وزيادة التفكك والعنف الأسري، وهذا يتطلب مراجعة للمنظومة القانونية المعمول بها".

وختمت قاعود حديثها "الظاهرة نشأت لأننا شعب غير منتج ومستهلك بامتياز.. نحن في جمعية المرأة العاملة لدينا برنامجا إرشاديا كاملا لمحاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي، ونعمل مع مؤسسات شريكة في البلد، وندعم إرشاديا ونفسيا ونتعامل مع الزوجين في هذه القضايا ومع أفراد الأسرة في الضفة وغزة، وهذه البرامج تشرك جميع أفراد العائلة، والحلول في بعض الأحيان قد تكون صعبة وتستوجب تحويلها إلى الجهات المختصة ومتابعتها من الجمعية".