الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الطبيبة الشرعية الوحيدة في فلسطين: آن الأوان لكي نبني مؤسسة طب شرعي فلسطينية يحتذى بها

كتبت د.حفصة غانم / أخصائية الطب الشرعي

2019-09-17 12:48:13 PM
الطبيبة الشرعية الوحيدة في فلسطين: آن الأوان لكي نبني مؤسسة طب شرعي فلسطينية يحتذى بها
د. حفصة غانم


نعمل في مكان هو الأكثر برودة في كل الوطن.. هو المكان الذي يحتوي على أكبر مقدار من الألم والحزن والدموع.. واجبنا المهني يقتضي أن لا نحزن وأن لا نشعر وأن نخبئ حرقتنا وخوفنا مما تخبئه الأيام في أعماق أنفسنا..

في مكان لا يشعر به أحد إلا نحن.. ثلاجة الموتى وغرفة التشريح لا يعلم أحد مقدار برودتها ووحشتها إلا من يعمل بها.. أخصائي الطب الشرعي ومساعدوه هم وحدهم من يستطيعون محاولة وصف ذلك لكم إن استطاعوا..

القصص الحزينة والمرعبة والمفجعة التي تملأ جدران هذا المكان وتنتقل إلى عقلك وقلبك رغما عن إرادتك تجعلك تراجع نفسك يوميا لم أنا هنا؟ لماذا ؟.. كل خطوة أو إجراء أو كلمة نقولها او نكتبها هي بمثابة امتحان أمام أنفسنا وأمام الله..

وقد نصيب كثيرا وقد نخيب أحيانا لأننا بشر.. ونسأل أنفسنا بعد كل تقرير يا ترى هل أصبنا ؟

لكل ما سبق.. رجاء..

لا يزاود أحد لم يقف هذه الوقفة في هذه الغرفة الباردة التي مهما بلغت شدة إضاءتها فلا تزال مظلمة كالقبر.. لا يزاود على الأطباء الشرعيين. ولا يلم أحد لم يقف هذه الوقفة الطبيب إن قال كفى لم أعد أستطيع ..

ولا يوجه أحد لم يقف في هذا المكان تعليمات باهتة وغير واقعية وغير موضوعية لمن هم حقا وفعلا في هذا المكان يتعبون ويخافون ويشعرون بالخطر على أنفسهم وأهلهم وضمائرهم ..

نحن الذين نقف في هذا المكان يحق لنا أن نقول كفى.. آن الأوان لتضعوا أيديكم بأيدينا لكي نبني مؤسسة طب شرعي فلسطيني يحتذى بها أمام الدول ..

لدينا الكفاءات ولدينا العلم ولدينا الدعم الدولي ولدينا الخبرات لكن ينقصنا الترتيب والنظام وتنحية المصالح الشخصية، لأن الطبيب يستحق، والمواطن يستحق، وفلسطين تستحق ..