الحدث- حوار محمد عابد
لؤي بلعاوي شاب طموح من عائلة متوسطة الحال تسكن حيا بسيطا في مدينة جنين، تعلم العزف على العود، في معهد الكمنجاتي، بعد تأثره بمجموعة من الألحان والأغاني التي كان يسمعها برفقة والده.
بعد أربع سنوات من العزف في المعهد وبعد فقدان الأمل منه، انتصر على خيبة الأمل وألف أول لحن روحاني ارتجالي لأغنية من تأليف أخته، ليصبح بعدها أستاذا في المعهد.
يعمل بلعاوي على إيصال الفكرة والهدف من خلال ألحانه ومقاطعه الموسيقية، ويحاول جاهدا الانتصار للفقراء والمستضعفين الذي يعد نفسه جزءا منهم ويمثلهم في نغماته، وفيما يلي نص الحوار:
1-من هو لؤي بلعاوي؟
عازف عود فلسطيني تعلمت في معهد الكمنجاتي، وبعد ذلك أصبحت أستاذا فيه، توجهت نحو التلحين والتأليف الموسيقي، ألفت في البداية موسيقى روحانية ارتجالية، بعد ذلك اتجهت إلى نوع أورينتل جاز (الموسيقى المعاصرة).
كنت في البداية أقرأ القرآن وأنشد أناشيد دينية، ومن هنا توجهت لفكرة الموسيقى، وبدأت بتطوير نفسي في القراءة والنشيد، وعرفت الكثير من المقامات، شاركت في الكثير من المهرجانات بقراءة القرآن وخصوصا في الإذاعات الصباحية.
دخلت في الموسيقى متأثرا بمارسيل خليفة وسميح شقير والشيخ إمام بسبب والدي الذي كان من الناس الذين كانوا ينتمون لحزب معين فعندما يعود من عمله كنت أسمع بعض الأغاني منه إما من خلال مسجل السيارة أو من خلال الغناء نفسه، وكنت أسأله عن معاني هذه الأغاني، ولكنه لم يخبرني ويردد جملة "بس تكبر بتفهم" مثلا أغنية "شيد قصورك على المزارع" وهذه الأغاني التي كانت تهتم بالكادحين والفقراء والمستضعفين سواء بسبب الاحتلال أو في الدولة نفسها أو المجتمع وهذا الفن الذي يحاكي الناس ويشرح همومهم.
2- كيف طورت نفسك حتى وصلت لهذه المرحلة؟
أول ثلاث سنوات في المعهد كنت شخصا ضعيفا جدا لدرجة خروجي من المعهد لأنني لم أتطور وأتقدم، في السنة الرابعة أختي كتبت كلمات لأغنية كانت تتحدث عن القدس، وكان هناك عرض طلاب يحصل مرة أو مرتين في السنة في معهد الكمنجاتي ليقدم للأهل، فكنت مؤلف موسيقى لهذه الأغنية ومن هنا انتقلت من شخص ضعيف جدا لشخص واثق من نفسه ويريد تطوير ذاته.
قبل هذه الفترة لم يكن لدي هدف محدد، كان اهتمامي ينصب فقط بأن أتعلم موسيقى ولكن لم أر نفسي كموسيقي، أو سأكون شيئا ما في يوم من الأيام، ولكن عندما لحنت ورأيت ردة الفعل من الأهالي وجدت أن هناك طاقة يجب أن تظهر.
3- من ساعدك ودعمك في هذا المجال؟
في البداية أسرتي والمعهد الذي تعلمت فيه، علمني وطورني وفي مراحل كثيرة لم يأخذ الاشتراك الشهري أو السنوي، وبعد ذلك توظفت فيه ولم أبحث عن عمل هنا وهناك، وهذه محفزات كثيرة.
في مرحلة من المراحل عندما كنت في الصغر وناشطا اجتماعيا أحمل "العود" وأتطوع، كان هناك الكثير من الأشخاص الذين يعرفون الأستاذ إياد استيتي، الذي تعلمت على يده، يقولون إن الروح الموجودة عندي كروحه في العزف، فهو المدرب الأول والأخير لي ونتعلم منه الكثير من الأمور، سواء فنية أو اجتماعية أو سياسية.
4- عندما تريد إنتاج لحن معين، إلى ماذا تحتاج؟
في البداية يجب أن يكون لديك أهداف من هذا اللحن، فهناك الكثير من الأمور الموجودة التي نستطيع أن نحصل منها على أفكار مثل الاحتلال والفقر والاستبداد، ويجب أن يكون لديك إحساس، لأن الموسيقى كذلك، وهذا بإمكانك أن تحصل عليه من المحيط، فمثلا عندما أشعر بمن استشهد نجلها، سأعمل موسيقى تحاكي وجعها.
5- ما هي نوعية الألحان التي تنتجها؟
في البداية كنت أعمل على الموسيقى الارتجالية الروحانية، وكانت معمولة خصيصا لفرقة "ثلاثي شغف" التي أسستها في عام 2014، وكانت مؤسسة من أدهم خمايسة العازف على القانون ومحمد نجيب العازف على الناي بالإضافة إليّ أنا بالعزف على العود، وشاركت هذه الفرقة بالكثير من المهرجانات منها مهرجان "أدنبره" الدولي في اسكتلندا في بريطانيا.
بعد ذلك انفصلت الفرقة، هنا بدأت أعمل على لحن لؤي بلعاوي وليس "شغف"، ولكن كان الشعور عظيما جدا مع الفرقة لأننا كنا صغارا في تلك الفترة، وعملنا على شيء من إنتاجنا.
ومن الألحان التي أنتجتها، الغنائي والناقد والمعاصر والارتجالي والروحاني، وحاليا "الأورينتل جاز" (الدمج ما بين الموسيقى الشرقية والغربية).
7- هل تقيم حفلات لمختلف الأعمار أم فقط للشباب الواعي؟
الموسيقى التي أنتجها ليست لعمر معين، ولكنها لظرف معين، فمن الممكن أن يتحكم بها ظرف الأشخاص وليس أعمارهم.
8- كنت تعزف في مطعم "قمحة" في الجامعة العربية الأمريكية، ما الهدف من ذلك؟
نشر ثقافة الموسيقى المهذبة في المقاهي، فعادة في المقاهي تكون فكرتها أكثر راقصة وحيوية، ولكن أحاول السيطرة على الأشخاص، ليتأثروا بالشيء الذي تأثرت فيه، مثل مارسيل خليفة وسميح شقير، فكانوا مثلا يطلبون في نهاية الحفلة يوميا أغنية بين ريتا وعيوني ويغنونها معي.
9- هل تطمح للوصول للعالمية، وكيف تعمل على ذلك؟
تفكيري عالمي، لو نظرت على المستوى الفلسطيني سأتوقف عن العمل، نحن مجتمع مُحبِط ونحب كل شيء من خارج البلد، وكذلك الموسيقى التي أعزفها لا يفهمها الجميع، فهنا الأغلب يتجه نحو الدحية والموسيقى الشعبية.
10- هل شارك في مسابقات بخصوص العزف، وحصلت على جوائز خلال المشاركة؟
كان هناك مسابقة عالمية في فرنسا حصلت فيها على المرتبة السابعة موسيقيا في عام 2015، وأحدثت تغييرا في مسيرتي، وبخصوص المسابقات والجوائز لا أفضل في المرحلة الحالية، لأني ما زلت أتعلم، لم أصل مرحلة الصراع.
كما أن هناك الكثير من المدارس التي تدرس ألحان العود فلا تستطيع التحكيم بين العازف الفلسطيني والعازف العراقي، فلكل عازف مدرسته الخاصة، ممكن أن أشارك كلوحة موسيقية كاملة ولكن كعازف عود لا أفضل.
11- الآن لديك منحة لفرنسا بخصوص الموسيقى، حدثنا عنها؟
منحة من عبد المحسن قطان وبلدية باريس، عبارة عن إقامة فنية بمدينة الفنون من ثلاثة شهور، سأعمل فيها على مشروعين، لقاء ونسمة ضوء مع موسيقيين فرنسيين، و سيكون هناك جولة عروض بالإضافة للقاءات عمل موسيقية، للحديث عن العود والموسيقى الشرقية بشكل عام.
12- ما هي رسالتك التي توجهها من خلال ألحانك؟
أكثر رسالة أحملها في الحياة الانتصار للضعفاء والبسطاء، لأني أنزعج عندما أرى شخصا بسيطا، لأني عشت هذه الأمور، وما زلت فأبذل قصاري جهدي لعمل العرض أو التدريب أو شراء العود.
13- ما هي رسالتك للأشخاص الذين يتدربون على عزف العود؟
أهم شيء أن يسمعوا للأشياء التي تأثرت بها، الفن بدون قضية تجارة وليس فنا، فيجب أن يكون خلفك قضية مهمة واقعية وحقيقية، لكي يعد موسيقي وفنان ويثق من نفسه، ويكون له هدف سامي ليصله.