كافكا... ثقافة فوق ركام ثقافة

 الحدث ـ محمد عابد

فوق ركام سينما جنين التي هدمت قبل ثلاث سنوات، والتي كانت تحتضن مجموعة من المثقفين والمؤثرين والموهوبين وغيرهم من فئات المجتمع، وفي المبنى الذي أقيم فوقها، يتربع مكان هادئ تحت ظل الأزمة والضجة التي يحدثها الناس والباعة المتجولون، ليحتضن النخبة مرة أخرى.

بإطلالة "كافكا" الجميلة على السوق وعلى الجبال المحيطة بالمدينة من جهة مرج ابن عامر، استطاع أن يجذب الكثير من الأشخاص المثقفين، والذين يحاولون النهوض في المدينة من خلال تفكيرهم الشبابي.

تقول منال فزع إحدى الرياديات اللواتي عملن على فكرة "كافكا" إنه مكان يضم بين أروقته زوايا عديدة، لتلبية حاجات المجتمع الثقافية، لإيجاد مكان هادئ للدراسة أو العمل أو القراءة.

بينما المكان ممتلئ بالشباب، تستكمل فزع حديثها: هنا تجد زاوية الكتب المتنوعة وزاوية الأطفال، وكذلك زاوية لدعم المشاريع الصغيرة بالإضافة لتقديم بعض المشروبات والمأكولات.

في تلك الساعة كانت فيروز ما زالت تغني "كيفك إنت ملا إنت"، وتتحدث فزع أن الفكرة أتت من حاجة جنين لمكان ثقافي، وكان تسميته نسبة لكتاب "كافكا على الشاطئ"، والكاتب "فرانس كافكا" الذي كان يعاني من ضغوط المجتمع والعائلة، فهذا المتجر متنفس للأشخاص الذين يمارس عليهم القمع من المحيط.

تسهب فزع في حديثها وفي عيونها نظرات أمل وتفاؤل في متجرهن مع ابتسامة عريضة ترافق هذه النظرات، وتبين أن تمويله ذاتي من القائمات عليه، مضيفة ًأنه يحتوي على زاوية الكتب المتنوعة وتشمل كافة الأذواق تقريبا.

تقوم فزع بأخذ بعض الكتب من عدة رفوف وتضعها على الطاولة وتوضح أنه موجود لديهم الروايات وكتب التنمية البشرية والفلسفة والدين والفنون، "ويوجد لدينا نظام الإعارة لتشجيع الناس على القراءة، كما أن من يزور "كافكا" يحترم فكرة المطالعة فيوفر الهدوء في المكان، ولا يؤثر على من هم حوله.

فوانيس الشهر الفضيل "رمضان" ما زالت معلقة في السقف ومتدلية بجانب بعض الإنارات وتقول فزع: "كافكا" مفتوح لكافة أفراد المجتمع فلا يوجد فئة محددة، ويهتم بكافة المناسبات ويشارك فيها ولكن بطريقته الخاصة، فمثلا يوم نتائج الثانوية العامة نشرنا على صفحة الفيس بوك أنه يوجد احتفال أحيته فرقة الكمنجاتي.

قبل الحديث عن الخدمة الذاتية، كان يزن أحد العاملين في المكان يقول لأحد الزبائن تفضل لأخذ الشاي، وعندما تحدثنا عن هذه الخدمة تشرح فزع أهميتها بأن يشعر الفرد أنه في بيته ويعتمد على نفسه ولا يكون عالة على المجتمع، فهذا الشيء يساعد على التنمية وتحمل المسؤولية.

قبل أن أنهت فزع حديثها وعند الساعة الثانية عشر وثلاثة وعشرون دقيقة بالتحديد تبين أن تصميم المكان كان من المهتمين بمساعدتهم في اختيار بعض التفاصيل ذات الطابع الكلاسيكي والألوان الهادئة التي تبعث الراحة والسكينة، كما يحتوي على مجسم لأجنحة تبعث نوعا من الحرية.