الحدث- قيس أبو سمرة
"أمتار قليلة تفصلنا عن باقة الغربية حيث تسكن شقيقاتي وبناتي، لكن الوصول إليهم يحتاج مني نحو 40 كيلومترا سيراً".. هكذا تكلم عبد الكريم عثمان عن ما خلفه الجدار الإسرائيلي الفاصل من أثر في حياته.
الفلسطيني عثمان، أحد سكان بلدة "نزلة عيسى"، قرب طولكرم، شمالي الضفة الغربية، يقول إنه لم يعد بإمكانه زيارة شقيقاته وبناته المتزوجات في بلدة "باقة الغربية" في الداخل المحتل، إلا في أوقات محددة وبتصاريح إسرائيلية، على الرغم أن منازلهن لا تبعد سوى بضع أمتار، وذلك بسبب الجدار الفاصل الذي شيدته إسرائيل عام 2002.
وكانت البلدتان "نزلة عيسى" و"باقة الغربية" قبل بناء الجدار توأمان متلاصقان.
وقد شكل الجدار عائقًا اجتماعيًا واقتصاديًا على "باقة الغربية" والقرى الفلسطينية المجاورة.
وبينما كان يقف بالقرب من جدار إسمنتي يبلغ ارتفاعه نحو 8 أمتار، مزود بأسلاك شائكة، ومجسات إلكترونية، وأجهزة إنذار مبكر، قال عثمان: "كنا نعيش قبل بناء الجدار كبلدة واحدة، نتشارك في المناسبات، وبيننا علاقات اجتماعية وتزاوج، لكن الجدار فصل البلدتين".
"تسمح لنا إسرائيل بالدخول في الأعياد فقط، عبر بوابة من الجدار، ودون ذلك نحتاج إلى تصاريح للدخول عبر معابر إسرائيلية، ما يعني السير نحو 40 كم"، يشرح عثمان كيف يحرمه الجدار من الوصول إلى عائلته في الضفة الأخرى التي يمكن لسكانها الحديث من على أسطح منازلهم مع جيرانهم في "نزلة عيسى" التي يقطنها نحو 3500 ألف نسمة.
معين الأسعد، أحد أصحاب هذه البيوت، يقول: "الجدار حول حياتنا إلى غربة، فصل بيوتنا عن البلدة، لا يسمح لأحد بالوصول إلينا، ونخضع لأعمال تفتيش ومضايقات يومية عند الدخول والخروج لبيوتنا عبر البوابة العسكرية".
ومنذ العام 2008، والمواطن أحمد عبد العزيز، محروم من الوصول إلى أرضه التي اقتطعها الجدار.
ويقول عبد العزيز: "لقد اقتطع الجدار نحو 18 دونماً (الدونم يساوي 1000 متر مربع) مزروعة بأشجار الزيتون المعمرة، كان يسمح لنا بالدخول لها مرات محدودة في كل عام ومنذ عام 2008 تم بحجج أمنية واهية".
وقبل بناء الجدار كانت بلدة "نزلة عيسى" مركزا تجارياً هاماً، يمر عبرها فلسطينيي شمال الضفة الغربية للوصول إلى أعمالهم داخل إسرائيل، بحسب رئيس مجلس قروي البلدة، عيسى عبد الرحيم جانم.
يقول جانم: "هدم الجيش الإسرائيلي عشرات المحال التجارية في البلدة بحجة وقوعها على خط بناء الجدار الإسمنتي، ما تسبب بخسارة كبيرة للسكان".
وصادر الجدار بحسب رئيس المجلس القروي، نحو 800 دونماً زراعياً، وفصل ستة منازل عن القرية، يقطنها نحو 70 شخصاً.