الحدث – خاص:
دق قضاة وقانونيون وحقوقيون ناقوس الخطر أمام رئيس وأعضاء مجلس القضاء/ رئيس محكمة العدل العليا المستشار عيسى أبو شرار، وطالبوه بتهيئة المناخ العام لإصلاح القضاء وتحقيق إصلاح جذري في السلطة القضائية، وبضرورة وقف تدخلات السلطة التنفيذية بالشأن القضائي، واحترام القانون في إجراءات تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى وباقي الوظائف القضائية العليا. إضافة إلى توقف القضاة عن سياسة إعاقة أية محاولات إصلاحية للقضاء، وإتاحة المجال للجمهور للتعبير عن رأيه في الشأن القضائي، دون تشويه أو تخويف أو تخوين.
وأظهر استطلاع للرأي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخرا، أن 36% فقط من المستطلعة آراؤهم يثقون بالقضاء الفلسطيني، فيما يرى 67% من المستطلعة آراؤهم في الضفة الغربية أن هناك فسادا يعتري السلطة القضائية، وذلك بحسب استطلاع الرأي السنوي الذي أجراه ائتلاف أمان حول الفساد ومكافحته، الأمر الذي يسجل ترديا ملحوظا، وضعفا في ثقة المواطنين في القضاء، ما يدق ناقوس الخطر، مستوجبا إيجاد حل لإصلاح السلك القضائي، والنهوض به لأن يحظى من جديد بثقة الشارع الفلسطيني.
وجرم القضاة والقانونيون والحقوقيون التدخل في شؤون القضاء، مطالبين بتعزيز وحماية استقلال القضاء عن طريق تجريم هذا التدخل بعقوبة جزائية يضاف إليها العزل من الوظيفة، وبما يشمل كافة العاملين في السلطتين التنفيذية والقضائية وغيرهما، وإلزام القاضي بالإفصاح عن التدخلات التي يتعرض لها بشكل رسمي ومباشر لمجلس القضاء الأعلى، وتفعيل النصوص الدستورية المُجَرّمة للامتناع عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية أو تعطيلها. ورسم الحدود الفاصلة بين أركان العدالة وبخاصة بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، وتحديد الطبيعة القانونية للنيابة العامة باعتبارها شعبة من شعب السلطة القضائية، ووضع آلية لمساءلة النائب العام.
ويعتبر القضاة والقانونيون والحقوقيون، تنسيب رئيس مجلس القضاء الأعلى لرئيس السلطة التنفيذية من أهم الإشكاليات التي تعتري الجسم القضائي، وتعد تدخلا سافرا، ما يخلق إرباكاً في عمل السلطة القضائية، ويعود ذلك لضعف المجلس نفسه وانشغاله بالمحاصصة والولاءات وخضوعه لتأثيرات خارجية. كما شدد الائتلاف الأهلي على ضرورة الفصل بين رئاسة مجلس القضاء الأعلى كمنصب إداري ورئيس المحكمة العليا كمنصب قضائي، ما يسهم في تحقيق الإصلاحات القضائية وتعزيزها، إضافة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في عضوية مجلس القضاء الأعلى، ليشمل أصحاب الخبرة والكفاءة من خارج القضاء على نحو يحدده القانون بشكل واضح وبمعايير اختيار شفافة، وتعزيز منظومة المساءلة في عمل المجلس وتطوير آلية لمساءلة رئيس المجلس، وتبني الانتخاب من الهيئة العامة كأسلوب لتنسيب رئيس المحكمة العليا، وتعزيز منظومة النزاهة في عمل المجلس ووضع ضوابط ومعايير موضوعية وشفافة في تشكيل اللجان والدوائر والوحدات التابعة للمجلس، وتحديد مهامها واختصاصها والعلاقة القائمة فيما بينها، وبخاصة في عملية تعيين القضاة وترقيتهم ومساءلتهم، ناهيك عن تعزيز منظومة الشفافية من خلال نشر جدول أعمال وقرارات مجلس القضاء الأعلى بالوسائل المتاحة.
وأجمع هؤلاء على أن حالة التراجع التي تسود القضاء الفلسطيني مردها الأساسي تدخل السلطة التنفيذية في القضاء، وفتْح بعض القضاة الباب واسعا لتدخلها في الشأن القضائي، فيما عملت فئات أخرى على تحويل القضاء إلى إقطاعيات ومراكز قوى محصنة لا يجوز الاقتراب منها، عاملين وفقاً لمصالحهم الشخصية على إفشال أية جهود أو مطالبات لإصلاح القضاء، ومعرجين على الاستمرار في تطبيق مبدأ السلامة الأمنية في الدخول إلى الوظائف القضائية والعامة، وإحالة أسماء المرشحين للامتحانات القضائية إلى الأجهزة الأمنية بعيدا عن معيار الكفاءة والأحقية في دخول المؤسسة القضائية، في ظل عدم وجود سياسة معلنة وإجراءات واضحة وحقيقية داخل المؤسسة القضائية، إضافة إلى التدخل في تعيين رؤساء المحكمة العليا دون تنسيب قضائي وعلى نحو مخالف للقانون، ما يعكس وجود أزمة بنيوية في الجسم القضائي، وتواطؤ بعض المنتفعين مع السلطة التنفيذية، إضافة إلى محاولة تعديل قانون السلطة القضائية على نحو يشرعن تدخل السلطة التنفيذية فيه وتقنينة.
وبينما يؤكد مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان شوقي العيسة، على الإجماع المجتمعي حول حاجة القضاء للإصلاح، فإنه يقول: "مجرد ظهور عدم ثقة من المواطن بالسلطة القضائية فهو ناقوس خطر يتطلب من الجميع التحرك كواجب ومسؤولية، ويجب أن تكون السلطة القضائية مستقلة وعادلة ولكن تسير الأمور في السنوات الأخيرة بشكل عكسي، ولذلك فإن المطلوب استقلال القضاء والعمل على حل مشاكل السلطة القضائية التي هي منظومة متكاملة من نقص موظفين ومؤسسات وأبنية وقضاة، إضافة إلى تدخل السلطة التنفيذية الكبير في السلطة القضائية، وعلى مجلس القضاء الأعلى تقع المسؤولية الأساسية في الحفاظ على استقلاليته وكفاءته والتصدي لكل من يتدخل في استقلالية القضاء وعدالته، وصولا إلى سلطة قضائية مستقلة وعادلة تحظى بثقة المواطن".
بينما يرى رئيس مجلس إدارة ائتلاف (أمان)، عبد القادر الحسيني، أن نجاح عملية إصلاح القضاء وتوحيده تتوقف على مدى وجود إرادة سياسية جدية، بالتزامن مع وجود بيئة ديمقراطية ومجلس تشريعي منتخب، والاحترام لمبدأ الفصل المرن والمتوازن بين السلطات، وعدم استفراد السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية تحت ذريعة الإصلاح، ما يضمن أن عملية الإصلاح لن تستخدم لتصفية حسابات شخصية داخل القضاء وخارجه، ولضمان حماية استقلالية السلطة القضائية وإعادة دورها الحقيقي كجهة رقابية على أعمال السلطات الأخرى، وكضامنة للحقوق والحريات والعدالة وسيادة القانون في المجتمع.
فإنه يؤكد، على ضرورة تمتع أعمال القضاء بالشفافية والوضوح وحق المواطنين في الوصول إليها خاصة ما يتعلق بنشر قرارات ومحاضر مجلس القضاء الأعلى وتفعيل التفتيش القضائي، وتمثيل المجتمع في مجلس القضاء الأعلى. مشددا على المطلب الشعبي المتمثل في قضاء مستقل ونزيه ومحايد كركن أساسي من أركان دولة القانون، وضمانة رئيسية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، معتبرا أن النهوض بالقضاء الفلسطيني وإصلاحه وتوحيده يعتبر مصلحة وطنية عليا.
ويقول الحسيني: "إن 36% فقط من المستطلعة آراؤهم يثقون بالقضاء، فيما يرى 67% في الضفة أن هناك فسادا في السلطة القضائية حسب استطلاع الرأي السنوي حول الفساد ومكافحته الذي نظمه ائتلاف أمان، الأمر الذي يتطلب من مجلس القضاء الأعلى ويحثه لأن يكون القضاء صلبا وقويا، وهذا لا يمكن أن يكون إلا إذا كان فعالا ومحايدا ومستقلا".
وحمل الحسيني مجلس القضاء الأعلى والقضاة أنفسهم مسؤولية إصلاح القضاء، ومسؤولية ترحيل وتعطيل عملية الإصلاح المطلوبة في السلطة القضائية بالدرجة الأولى بجانب تدخلات وتأثيرات من خارج القضاء وتحديدا من أطراف مختلفة في السلطة التنفيذية في ظل غياب السلطة التشريعية، الأمر الذي يجعل إصلاح القضاء أصعب، فضلا عن أن عملية الإصلاح لن تستخدم في تصفية الحسابات الشخصية داخل القضاء وخارجه ولضمان حماية استقلالية السلطة القضائية وإعادة دورها الحقيقي كجهة رقابية على أعمال السلطات الأخرى والقضاء كضامنة للحقوق والحريات والعدالة وسيادة القانون في المجتمع وأن لا تتم أية قرارات استثنائية في غرف مغلقة وبعيدا عن المشاورات والحوارات المجتمعية واحتراما لمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات وعدم استفراد السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية تحت ذريعة الإصلاح".
في حين يحذر أمين سر مؤسسة الدراسات الفلسطينية د. كميل منصور، من عدم الاستهانة بالإنجازات التي تحققت في السلطة القضائية منذ نشأة السلطة، لكنه يؤكد على استمرار التدخل الفعلي لأجهزة السلطة في عمل المحاكم وخصوصا في تنفيذ الأحكام المدنية منها خصوصا الجزائية، إضافة إلى استمرار التنافس بين أطراف مرافق العدالة وخصوصا بين مجلس القضاء ووزارة العدل، بينما تعوز مجلس القضاء المأسسة.
ويؤكد منصور فشل اللجنة التوجيهية لتطوير القضاء وتصويب مرافق العدالة في مهامها التي شكلت بمرسوم رئاسي، وبالنتيجة استمر احتكار مجلس القضاء الأعلى من وجهة نظر مؤسساتية للإدارة القضائية وإدارة المحاكم والموارد المالية، وقال: "تحول المجلس القضاء الأعلى إلى مركز نفوذ مقابل انحسار الدور المؤسساتي لوزارة العدل في هذه القضايا وحتى تجاه النيابة العامة، وضعف التدفق الفعلي لقرار المحكمة من قبل أصحاب النفوذ أو من الأجهزة أو حتى من قبل قضاة العدل العليا في ظل غياب المجلس التشريعي وسيطرة الحزب الواحد في كل من الضفة وغزة".
ولتصويب الوضع، يرى منصور أنه "من الضروري منح مجلس القضاء الأعلى الدور الرئيسي لأن تدخل السلطة التنفيذية في هذه الأمور قد يحد من استقلال القضاة في عملهم القضائي وبطبيعة الحال يتطلب اطلاع مجلس القضاء بمسؤولية إدارة المهنة أن يضع معايير مهنية بخصوصها وأن يلتزم بها علنا، وإذا كان من الضروري توفير شروط استقلال القاضي وفعاليته ونزاهته من الضروري أيضا التأكد من شفافية وموضوعية أعمال مجلس القضاء، وتوسيع عضويته بحيث يضم شخصيات من خارج السلك القضائي، وبما يضمن حماية القضاة أعضاء المجلس من تدخلات أصحاب النفوذ".
ولا يأمل د. منصور في إصلاح القضاء بشكل جذري "إذا لم يكن هناك نظام سياسي ديمقراطي متعدد ومجلس تشريعي فعال تمثل فيه القوى السياسية كافة".
بينما يرى أستاذ الفلسفة والديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة بيرزيت، مدير عام المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية (مواطن) د. جورج جقمان، أنه "لا بد من إصلاح المنظومة القانونية كاملة وفصل الوظيفة العمومية في نطاق عملها العام عن الأحزاب السياسية ومصالحها الخاصة، ودون ذلك ستستمر الواسطة والمحسوبية في سياسة التوظيف وفي القرار الإداري وحتى القانوني، وسينتج عن النظام السياسي ويتحول إلى مجموعات من الأفراد المتنافسين أو المتفقين حول مصالح محددة وستبقى نظرة المواطنين للسلطة السياسية على أنها دولة محاسيب".
يقول جقمان "دون وجود قانون نافذ وقضاء مستقل مؤهل ونزيه وسلطة تنفذ قرارات المحاكم؛ لا يمكن إبقاء الدولة أو النظام السياسي متماسكا، وستنشأ آليات محلية للحكم والتحكيم للإيفاء بالحاجات المجتمعية كما هو الحال في الضفة الغربية من ازدهار للمحاكم العشائرية وغياب معيار الوعي الموحد للعدالة بين أبناء الشعب الواحد". مستدركا "بعض استطلاعات الرأي تؤشر بشكل غير مباشر على ضعف المنظومة القضائية بما في ذلك ضعف القانون على الأقل في رأي الجمهور، وأكثر الفساد انتشارا في فلسطين الواسطة والمحسوبية وهذا يعني عدم وجود محاسبة أو ضعف واختفاء القانون أو غياب المحاسبة من خلال القانون".
أما قاضي المحكمة العليا عبد الله غزلان، فيرفض أي تدخل من السلطة التنفيذية في أي شأن من شؤون القضاء "كتلك التي فيها الإذعان لرغبات السلطة التنفيذية في إصدار تنسيبات بالمقاس لأشخاص بعينهم أو إصدار تنسيبات على نحو يرضي السلطة التنفيذية أو إصدار تنسيبات لا تتفق مع قواعد وضوابط التنسيب كتلك التي يتخلى فيها المجلس عن دوره الحقيقي في التنسيب ويترك الخيار في ذلك للسلطة التنفيذية كتنسيب مجموعة أشخاص لإشغال موقع معين يراعى فيه أن أحدهم هو مرشح السلطة التنفيذية لإشغال ذلك الموقع".
وحث القاضي غزلان، مجلس القضاء الأعلى، على أن يقف على صلاحياته بوصفه التكوين المؤسسي للسلطة القضائية وأن يمارس أعماله ومسؤولياته على نحو مؤسسي، ذلك أن مهمة رئيس المجلس وعلى ما أنبأت عنه المادة 39 من قانون السلطة القضائية متابعة تنفيذ قرارات المجلس وأن ينوب عنه في صلاته بالغير وتمثيله أمام القضاء.
يقول القاضي غزلان "أظهرت الممارسات العملية أن ترك الكثير من صلاحيات المجلس لرئيسه ليقرر فيها ما يراه؛ يترك ظلالا قاتمة على النزاهة والشفافية والمساءلة بما يعزز التفرد والهيمنة والاستقواء والتزلف، وضرورة مراجعة كافة ما صدر عن رؤساء المجالس القضائية المتعاقبين و أو المجلس من تعميمات، والوقوف على مدى موافقتها لقانون السلطة القضائية والأعراف والاتفاقيات والمواثيق الدولية وإلغاء ما يخالفها. متابعة المجلس لقراراته التي خالفتها السلطة التنفيذية كتلك التي تتعلق بالترقيات والتعيينات والتي جاءت مخالفة لأحكام قانون السلطة القضائية ومبادىء وقيم القضاء وضوابط العمل القضائي والإداري بما يضمن الفصل بين السلطات واستقلال القضاء ومبدأ سيادة القانون، والاهتمام بالمكتب الفني والتفتيش القضائي وديوان الرقابة على القضاء، والمكتب الفني مما يرفع مستوى الأداء والنزاهة والشفافية والمساءلة ويضمن المساءلة والرعاية، إضافة إلى إعادة تفعيل وتنشيط مجلس التأديب، واتضح لي أن كافة الدعاوى التأديبية التي أحيلت له تتعلق بتصرفات مسلكية، علما أنني أرى أن هنالك من المسالك التي ترتبط بالعمل القضائي الصرف يمكن أن تكون محلا للمساءلة ويختص بنظرها وفق الإجراءات واجبة الاتباع مجلس التأديب وفي ذلك ما يعزز العناية والرعاية والشفافية والنزاهة".
ودعا القاضي غزلان، مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، إلى تفعيل دور المعهد القضائي وبرنامج الدبلوم بما يخدم العملية القضائية، مشددا على حسن اختيار القاضي باعتباره الضامن الأول لقضاء مستقل نزيه قادر وقوي، حيث يجب وضع ضوابط ومعايير موضوعية محكمة صارمة دقيقة لكل من يرغب الالتحاق بالمعهد وبالقضاء والنيابة بعيدا عن نظام الولاء والمحسوبية والمحاباة والواسطة والمناطقية والجهوية، أو الحاجة إلى ملء الشواغر وعدم ضياع الاعتمادات.
وشدد غزلان على أنه يجب توزيع الدعاوى على القضاة والهيئات وفق معيار رقمي مجرد تحقيقا للشفافية وقال: "إن أية دعوى تنظر من قبل قاض أو هيئة من غير الدعاوى التي حددت بالأرقام دون تبرير خطي من القاضي المختص أو دون إحالة محددة ضوابطها سلفا، من شأنه أن يجلب مظنة السوء وانعدام الشفافية بما يستوجب المساءلة".
أما عضو مجلس نقابة المحامين داود درعاوي، فيرى أن ما يطرح حاليا في إصلاح القضاء وبإرادة واضحة من السلطة التنفيذية والشكل المعلن عنه عبر مشروع القرار بقانون المعدل للسلطة القضائية هو "طريقة الإصلاح بالهدم"، وهي طريقة لم تخلف سوى حجارة لا تصلح للبناء، أي عملية إصلاح يجب أن تنطلق من الجانب الإيجابي وتعزيز المظاهر الإيجابية وعملية بناء دون الذهاب لهدم ما هو قائم في الظروف الحالية التي تحيط بواقع القضاء.
وفيما يتعلق بالمحطة الرئيسية التي حسمت موضوعة استقلال القضاء ودفعت به إلى الحالة التي وصلنا إليها، يقول درعاوي: "إنه الانقسام، واستيلاء حماس على السلطة القضائية في قطاع غزة؛ فلا يوجد قضاء بمفهوم مشروعية قانون السلطة القضائية في قطاع غزة، هناك قضاء أمر واقع يتبع إلى حركة حماس ما زال يدير الواقع القضائي في المحاكم هناك وأصدرت آلاف القضايا التي أنشأت مراكز قانونية للأفراد والتي ستثير موضوعا معقدا جدا أثناء الحديث عن توحيد القضاء كنتاج لمصالحة وطنية وإنهاء الانقسام".
لكنه قال مستدركا: "وفي الضفة الغربية بعد الانقسام كان هناك تعزيز للسطوة والقبضة الحديدية على كافة المؤسسات العامة الفلسطينية بما فيها المؤسسة القضائية، وبالتالي بدا وكأن هناك خشية من انتقال العدوى لما حصل في قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وبالتالي بدأت عملية التدخل المباشر وإحكام القبضة والسيطرة على المؤسسات والمرافق العامة من خلال سياسة التعيينات في الوظيفة العمومية".
وأشار درعاوي، إلى أنه أعقب الانقسام مباشرة تطبيق شرط السلامة الأمنية للولوج إلى الوظيفة العمومية ومن ثم تم تطبيق شرط السلامة الأمنية على الدخول إلى الوظائف القضائية والنيابة العامة، وقال "بالتالي أصبح القاضي قبل أن يدخل إلى حمى المؤسسة القضائية ويجلس على مقعد القضاء يجلس على مقعد الأمن الوقائي والمخابرات حتى يعلن عن سلامته الأمنية وصلاحيته للجلوس على مقعد القضاء بعيدا عن معيار الكفاءة وأحقية من يكون أيا منهم داخل المؤسسة القضائية".
ويؤكد درعاوي على أنه "قبل الانقسام كانت تطغى الواسطة والمحسوبية والولاء السياسي على التعيينات القضائية، لأنه لم تكن هناك سياسة لدى مجلس القضاء الأعلى معلنة وإجراءات واضحة وحقيقية للتعيينات القضائية، ويمكن تطبيقها على الجميع دون استثناء حتى لا تترك مجالا للتدخل أو لضغط المتنفذين للوصول إلى تعزيز مراكز قوى وثقل داخل المؤسسة القضائية، وبالتالي أثرت على ثقة الجمهور وأفقدتهم الثقة بأنهم أمام مؤسسة مستقلة، لأنه عندما يجب تطبيق شرط السلامة الأمنية؛ إذا في المقابل سيكون هناك حظوة ووصول وتأثير كبير للولاء السياسي للوصول إلى مقاعد الوظيفة القضائية وهذا ينطبق على النيابة العامة".
يقول درعاوي "التدخل في تعيين رؤساء المحكمة العليا كان من أكبر الأخطار للاستحواذ والسيطرة على المؤسسة القضائية، وخاصة أنه قبل وبعد الانقسام كانت تتم عملية تعيين رؤساء المحكمة العليا بصفتهم رؤساء للمجلس القضائي دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى لولا كان هناك نوع من التواطؤ من المؤسسة القضائية لما كان هناك تدخل وسيطرة من قبل السلطة التنفيذية على القضاء. وبالتالي عندما كان يتم تعيين رؤساء المحكمة العليا دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى هذا يعني أن المجلس قد تخلى طوعا عن صلاحيات أساسية ضامنة لاستقلال القضاء، وكان هناك أيضا تواطؤ من أصحاب المصلحة الذين تم تعيينهم، وبالتالي من يعين كرئيس للسلطة القضائية أو رئيس محكمة عليا أو مجلس قضاء أعلى ستشكل تربة خصبة للتأثير عليه، لأن طبيعة تشكيل مجلس القضاء الأعلى الذي يرتبط بشكل من أشكال العلاقة الرئيسية وليس الأفقية، وبالتالي هذه العلاقة تجعل من النظام الذي يدير المجلس يقوم على المجاملة والتبعية وبالتالي من يسيطر على رئاسة المحكمة العليا هو من يسيطر على السلطة القضائية برمتها بالرغم من أن قانون السلطة القضائية لا يعطي رئيس المجلس أية صلاحيات خارج إطار تنفيذ قرارات مجلس القضاء الأعلى، إلا أن الممارسات كانت معاكسة".
ويؤكد درعاوي على أن الأخطر بعد الانقسام في تعيين رؤساء المحكمة العليا "أن هناك ظهورا لبداية التدخل الحزبي السياسي، وهناك حالة من التماهي بين حزب السلطة مع السلطة التنفيذية ولكن فيما يتعلق بتعيين رؤساء المحكمة العليا بعد الانقسام بدأ هناك اقتراب واضح وتدخل لأشخاص ومتنفذين داخل حركة فتح في تعيين رؤساء محكمة العدل العليا وفيما بعد تدخل في عزلهم، وتركهم لمواقعهم".