الحدث- عبد الرؤوف أرناؤوط
تنتظر خديجة خويص، 37 عاما، الاثنين المقبل، بفارغ الصبر ففي ذلك اليوم تنتهي فترة إبعادها الثالثة عن المسجد الأقصى في القدس الشرقية والتي استمرت هذه المرة 21 يوما.
وخلال رباطها على بعد مئات الأمتار من باب السلسلة ، إحدى البوابات في الجدار الغربي للمسجد الأقصى، قالت خويص للأناضول، "يوم السادس والعشرين من الشهر (الاثنين) سألتقي بمحبوبي .. المسجد الأقصى، اشتاق لأن اشرب من ماءه وأتنفس هواءه والتقي أخواتي في رحابه.. وان شاء الله لن يتكرر الإبعاد".
ولخويص قصة متكررة مع قرارات إسرائيلية بالإبعاد عن المسجد الأقصى.
قالت، وهي تقف إلى جانب حاجز حديدي في الطريق المؤدي إلى المسجد الأقصى لا يسمح لها باجتيازه بقرار من الشرطة الإسرائيلية، "لقد أبعدت عن المسجد الأقصى خلال الأشهر الأربعة الأخيرة 3 مرات ، المرة الأولى في 15 سبتمبر /أيلول حيث تم اعتقالي في ذلك اليوم وإبعادي عن المسجد الأقصى حتى الثلاثين من الشهر ذاته بتهمة ضرب أحد المستوطنين الإسرائيليين المقتحمين للمسجد وبطبيعة الحال هي تهم باطلة تلفق لنا حتى يجدوا حجة لإبعادنا على المسجد".
وأضافت "دخلت المسجد في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، ولكن لم أكمل شهر واحد إذ أنه في 29 من الشهر تم اعتقالي وبت ليلة في السجن وعرضت على المحكمة في اليوم التالي حيث أبعدت لمدة 60 يوما عن المسجد الأقصى مع كفالة 500 شيكل (128 دولار أمريكي) و5 آلاف (1282 دولار) غرامة إذا دخلت المسجد".
وتابعت خويص "أنهيت فترة الإبعاد الظالمة في 31 ديسمبر/كانون الأول ودخلت المسجد في الأول من يناير/كانون الثاني ولكن في الرابع من الشهر اعتقلت مجددا وبت ليلة في السجن وعرضت في اليوم التالي على المحكمة الإسرائيلية التي وجهت لي تهمة التكبير وصد الاقتحامات وتحريض النساء في الداخل على صد الاقتحامات وأبعدت لمدة 21 يوما أخرى عن المسجد الأقصى وغرامة مالية وينتهي إبعادي الثالث في السادس والعشرين من الشهر الجاري إن شاء الله".
وتشير خديجة إلى أن 16 امرأة فلسطينية ممنوعات الآن من الدخول إلى المسجد الأقصى بقرار من الشرطة الإسرائيلية لفترات متفاوتة.
وفي هذا الصدد يقول محمود ابو عطا، مسؤول الإعلام في مؤسسة الأقصى وهي مؤسسة غير حكومية تختص بمتابعة شؤون المقدسات ل"الأناضول" ، "خلال العام الماضي 2014 منعت السلطات الإسرائيلية 100 رجل وامرأة من الدخول إلى المسجد الأقصى لفترات تتفاوت ما بين أسبوعين إلى 3 أشهر" وأضاف" 80% منهم هم من النساء".
وتحاول النساء المبعدات عن المسجد الأقصى الرد على القرارات الإسرائيلية هذه ولكن بطريقتهن الخاصة.
وقالت خويص "نخرج من بيوتنا ، نحن المبعدات، ونأتي للرباط عند أي بوابة من بوابات المسجد وخاصة بابي حطه والسلسلة في الساعة الثامنة صباحا وحتى صلاة الظهر وخلالها نقرأ القرآن وتخرج إلينا أحيانا بعض الأخوات من المسجد وندرس تجويد القرآن ونصلي الظهر ومن ثم نغادر إلى منازلنا".
خلال حديثها ل"الأناضول" خرج اثنين من المستوطنين من المسجد بعد اقتحامه فلاحقتهما بصيحات "الله أكبر" فهرولا مسرعين من المكان.
وتقول والى جانبها 3 من المبعدات عن المسجد الأقصى، "باب السلسلة استراتيجي إذ أن اقتحام المستوطنين إلى المسجد الأقصى يكون من باب المغاربة (إحدى البوابات في الجدار الغربي للمسجد) والخروج من هذه البوابة وبالتالي فإن تواجدنا هنا مهم واستراتيجي لنثبت للعدو، الذي أخرجنا ظلما وعدوانا، إننا موجودون برغم إبعادنا وبرغم قهرنا بإبعادنا عن المسجد".
ولكنها أضافت وبصوتها غصة "صاحب المسجد الحقيقي يمنع من دخوله، وهذا المحتل الغاصب المقتحم الذي يدنس المسجد وينتهك حرماته يخرج مصفقا ومستفزا ومعتديا علينا وساخرا منا ويعتدي علينا بكلامه السيئ ، هم من جهة والشرطة الإسرائيلية من الجهة الأخرى وكأننا بين فكي كماشة فالشرطة تترصد لنا كل حين وهم يستفزونا ويعتدون علينا".
وتابعت "أنا صاحبة الحق في هذا المكان والحق في المسجد الأقصى هو للمسلمين وحدهم ولا يجب أن تؤدى به غير شعائر المسلمين من صلاة وقراءة القرآن وحلقات ذكر ، فليس لغير المسلمين حق فيه".
وقالت مؤسسة الأقصى في تقرير توثيقي مطلع العام الجاري أن نحو 15 ألف إسرائيليا اقتحموا المسجد الأقصى خلال العام 2014.
ويقتحم المسجد يوميا عشرات المستوطنين الإسرائيليين ولكن العدد يزداد في فترة الأعياد اليهودية وهي كثيرة.
تقف خويص ومعها مبعدات أخريات وتنظر إلى المسجد الأقصى الذي تبدوا أجزاءا صغيرة منه من بوابات كبيرة خضراء يخرج منها بين الفينة والأخرى مستوطنين إسرائيليين أو سياح أجانب.
وتقول" نحرص على الوصول إلى اقرب نقطة يمكننا الوصول إليها وهي في هذه الحالة هي هذا الحاجز الحديدي (تشير إليه بيدها) ،إنها حواجز وضعتها الشرطة الإسرائيلية في الطرق المؤدية إلى البوابات نمنع من تجاوزها ولذلك نرابط عندها وهذا ما نستطيع فعله".
وأضافت خويص "هناك كاميرات للشرطة مثبتة فوق هذه الحواجز ترصدنا في حال تجاوزناها".
وتلفت خويص إلى أن السلطات الإسرائيلية تتعمد وضع العراقيل أمام وصول المصلين إلى المسجد الأقصى وتعاقب المصلين في حال احتجوا على الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد.
وقالت خويص"سلطات الاحتلال تلاحق الرجال والنساء على حد سواء ولكنها لاحقت الرجال قبل النساء ففرغت المسجد من الشباب والعناصر الفعالة وأبعدتهم عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة وحتى مدينة القدس بأكملها ".
وأضافت "عندما وجدت المرأة أن أخوها وابنها وزوجها أصبح متصدرا وقفت إلى جانبه للدفاع عن المسجد الأقصى وعندما وجد الاحتلال أن المرأة أصبح لها اثر فعال في صد الاقتحامات أصبح يستهدف النساء بشكل أكبر ".
وأدى القرار الإسرائيلي بمنعها من دخول المسجد الأقصى إلى حرمانها أيضا من الوصول إلى مكان عملها، فخويص تعمل معلمة في مدرسة الأقصى الإسلامية الموجودة داخل أسوار المسجد الأقصى
وقالت "ينتهي نشاطي كتعليم في المسجد الأقصى بانتهاء فترة العمل أما الرباط في المسجد الأقصى والدفاع عنه ونصرته في كل محفل وكل وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فهو لا يتوقف لأن الرباط هي عبادة أتقرب بها إلى الله، فأينما أكون فان المسجد الأقصى هو على رأس أولوياتي فهو بيتي الأول".
في رباطها عادة ما تواجه خويص لحظات صعبة ولكنها تقول"أصعب اللحظات عندما يحكم القاضي الإسرائيلي بالإبعاد فالسجن أهون ألف مرة ، ليحكموا علي بالسجن شهرين ولكن ليس أن أكون قريبة من المسجد ولا يسمح لي بدخوله".
وأضافت "ردة فعلي على قرارات الإبعاد تكون حسب الواقع الذي أعيشه، فأحيانا تكون ردة فعلي هي التكبير وأحيانا تصل إلى درجة البكاء بسبب القهر والظلم الذي نعيشه بينما الأمة الإسلامية صامتة وكأن المسجد الأقصى هو مجرد بيت عادي لا أهمية له".
وعن رسالتها تقول خويص"رسالتي إلى المسلمين في كل إنحاء الأرض وخاصة المقدسيين هي أن المسجد الأقصى أصبح يتيما وهو بحاجة إلى كل يد حانية تمسح على رأسه الحزين وعلى قبته التي تبكي هذا القهر وهذا الظلم صباح مساء والمسجد الأقصى ليس للمقدسيين وحدهم وليس للمرابطين والمرابطات وحدهم وإنما هو للمسلمين جميعا".
(المصدر: الأناضول)