خاص الحدث
إذا ما شوهدت دواب يحثها شبان على الإسراع، وخلفها جيبات خضراء تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية صفراء، فإن ذلك ليست رياضة جبلية في الضفة الغربية.
إنه الصراع الذي ينخرط فيه الفلسطينيون الذين يجنون ثمار العكوب، ويهربون من السلطات الإسرائيلية التي تلاحقهم في برية فلسطين.
وانخرط الفلسطينيون منذ نحو اسبوعين في موسمهم السنوي، الذي يستمر لاكثر من شهر، حيث يجنون ثمار شوكية ويبيعونها في الاسواق المحلية.
ويستخدمه الفلسطينيون كطعام موسمي اما خلال الشتاء او بعد وضعه في برادات طيلة فصول السنة.وغالبا ما يطهى العكوب مثل الخضار، ممزوجا مع اللحوم والماء او الالبان.
والعكوب هو نبات شوكي، من الفصيلة النجمية، ينمو في فصل الشتاء، وهو معروف جدا في الاراضي الفلسطيني، وايضا في بعض بلاد الشام، لكن الحصول عليه في فلسطين اخذ طابعا دراميا.
فالحصول على كمية منه، ليس امرا سهلا. وتلاحق السلطات الاسرائيلية قاطفي النبية وتفرض عليهم غرامات باهظة، بعد مصادرة ما يجنونه.
وينبت العكوب في جبال شرق الضفة الغربية التي تخضع معظمها للسيطره الاسرائيلية.
وقال احد القاطفين فضل عدم الكشف عن اسمه، انه بدأ بجني الثمار منذ نحو عشرة ايام، لكن لغاية هذا اليوم لم يتعرض لملاحقة سلطات الاحتلال.
وغالبا ما يخرج الباحثون عن العكوب في ساعات الصباح الباكر مشيا على الاقدام نحو الجبال، او يستخدمون الدواب في نقل هذا النبات الشوكي.
قال باحثون عن العكوب في منطقة الغور الشمالي التي تشتهر بنمو هذه النبتة، انهم شاهدوا عددا من الجيبات الخضراء تجوب الجبال خلال الايام الماضية.
وغالبا ما تشير هذه الجيبات الى مركبات تستخدمها سلطات البيئة الاسرائيلية.
وخلال السنوات الماضية، تعرض قاطفي العكوب لملاحقات قاسية، بعضها خلف اصابات في صفوفهم اثناء وقوعهم من على منحدرات صخرية بسبب الهروب من تلك الجيبات.
وقال احد القاطفين، انه تعرض لرضوض اجبرته على النوم لايام طويلة بسبب وقوعه من فوق حماره اثناء هروبه من جيبات قال انها تابعة للجيش الاسرائيلي الذي كان يرافق جيبات الطبيعة الاسرائيلية.
ويعتبر موسم العكوب، من المواسم الفصلية المجدية عند بعض العائلات التي تسوق غلالها الى الاسواق. في هذه الايام يباع العكوب باسعار عالية جدا.
وقال قاطفون انهم ينقلون العكوب، بعيدا عن الحواجر الاسرائيلية.
وتعتبر مدينة نابلس، واحدة من اهم الاسواق التي تستقبل كميات كبيرة من هذا النبات، اذ ان المدينة عرفت تاريخيا بحبها لهـذه النبته.
في السنوات الماضية، خضعت اسواق العكوب الى البيع عبر المزاد العلني، لكن ذلك لم يمنع من بيعه في شتى انحاء المدينة.
والعكوب واحد من الاصناف التي يمكن ان تستزرع في بساتين مروية، لكن القاطفين يقولون ان العكوب البري يتميز بمذاقه الخاص.
وينتشر القاطفون اما على شكل افراد او جماعات، وبعضهم ينتقل من السكن في القرى للسكن في المناطق الغورية وقضاء شهر كامل في البحث عن هـذه النبتة.
وقال احد القاطفين الذي هو ايضا احجم عن ذكر اسمه لنفس الاسباب التي يحجم معظم القاطفين عن ذكر اسمائهم انه يسكن وهو زوجته لدى اقارب في منطقة شمال الغور، عوضا عن الانتقال من قريته الى المنطقة يوميا.
ويستخدم القاطفون نصال حادة في نبش التراب والوصول الى جذر النبته قبل اقتلاعها. وعمليا ادى القطع الجائر لهذه النبته الى تلاشي النبتة من كثير من المناطق.
لكن القاطفين يقولون ان السلطات الاسرائيلية التي تمنع قطف هذه النباتات ذاتها تقوم خلال الصيف باحراق مساحات واسعة من موئل هذه البناتات عبر اجراء تدريبات بالذخيرة الحية في هذه المناطق ما يؤدي الى اشتعال النيران في كل الغطاء النباتي الجاف والقضاء على جذوره وبذوره.
رغم تلك الاجراءت التي تتخذها سلطات الاحتلال ضد القاطفين عبر ملاحقتهم وتغريمهم، الا ان عملية القطاف مستمرة منذ سنوات، وفي كل مرة يتعرض لها القاطفون للملاحقة يجدون طرقا اخرى للالتفاف على الاجراءات الاسرائيلية.
قال قاطف انه لا يأبه للملاحقة.
واضاف" انا اخشى فقط التغريم. احيانا تصل قيمة الغرامة الى الاف الشواكل". وعبر سنوات ماضية اصبح بعض القاطفين ضليعين بطرق الهروب من وجه الملاحقة.
وغالبا ما تصل نباتات العكوب الى الاسواق بعد عناء، لكن لوكنها قاسيه وشوكية، فانها تصمد لايام طويلة قبل ان تذبل.