الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كلمة شرف!/ بقلم: د. سامر العاصي

2019-12-04 08:25:01 AM
كلمة شرف!/ بقلم: د. سامر العاصي
د. سامر العاصي

 

جاء رجل اسمه "بلال" إلى "عمر بن عبد العزيز"، بعد أن بويع بالخلافة (99-101) هجري، طالبا منه أن يكون واليا للعراق!؟. وبلال هذا، هو حفيد الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري، الذي ولي اليمن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن يوليه عمر بن الخطاب البصرة في العراق، ثم اختاره الخليفة عثمان بن عفان لولاية الكوفة، بعد أن ظل واليا عليها حتى خلعه عنها الخليفة علي بن أبي طالب. وعندما جاء يوم التحكيم في العام 37 هجري، بعد معركة صفين التي جرت بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن إبي سفيان؛ اختار الخليفة علي، أبا موسى الأشعري، محكما من طرفه، بينما اختار معاوية، داهية العرب، عمرو بن العاص، ليكون مبعوثه. وقيل إن أبا موسى خلع صاحبه عن الحكم، بعد أن اتفق المحكمان أن يخلع كل منهما صاحبه!. إلا أن بن العاص، قال حين جاء دوره:- لقد خلع أبا موسى صاحبه كما يُخلع الخاتم من الإصبع، وها أنا ذا، أثبت صاحبي كما أُثبت خاتمي في إصبعي. ومع أن خديعة "الخلع" هي رواية غير مؤكدة، إلا أن أبا موسى، ظل بعد ذلك، ملازما لعلي بن أبي طالب، حتى مات في الكوفة، وقيل إنه مات في مكة. 

وجاء رد الخليفة العادل، برفض التعيين، بعد أن قام بإرسال أحد رجالاته المخلصين، ليعرض وساطته على ابن الأشعري، شريطة أن يترك الرجل (الواسطة)، حرآ بجمع المال في العراق كيفما يشاء!. وهكذا منع بلال، من أن يتولى أي عمل  في الدولة. 

وفي عهد الخليفة، هشام بن عبد الملك، "105-125 هجري"، صار ابن الأشعري واليا للبصرة. وارتبط صعود نجم الرجل، بتطورات الصراع القبلي داخل الدولة الأموية، بين القبائل اليمنية والأشاعرة، وزعيمهم خالد القسري، والقبائل المضرية القيسية، وزعمائها من ثقيف وتميم وقريش، وكانت الغلبة في البداية لخالد القسري وللقبائل اليمنية، حتى أن زعماء ثقيف، ومنهم القائد العسكري، يوسف بن عمرو الثقفي (ابن عم، الحجاج بن يوسف الثقفي)، قد تم سجنهم والتنكيل بهم، إلا أن يوسف الثقفي، استطاع الهرب من سجنه، قاطعا عهدا على نفسه، بأن يرى جثة خصمه ابن الأشعري أمام قدميه.

 وقد عرف عن بلال، بالظلم الجائر وسوء الإدارة والرشوة والفساد، بعد أن اشتهرت فترة حكمه بالاستبداد والقهر والنهب والسلب. وبعد اشتهاره بجمع الكنوز؛ قرر الرجل بناء قصر لم تراه أعين الأعراب من قبل. وهكذا، شهد العراق والبصرة، في عهد خالد القسري وابن الأشعري، فسادا لم تشهده في تاريخها قط!

وفي العام 120 هجري، وقبل أن ينتهي بناء قصر ابن الأشعري، وقع خلاف وشقاق، بين الخليفة هشام بن عبد الملك، وخالد القسري، تم على إثرها عزل القسري عن ولاية العراق، وتعيين عدوه اللدود، يوسف بن عمرو الثقفي، واليا على العراق وخراسان. وسرعان ما علم الناس بمقتل القسري، قبل أن يزج صاحبه، بلال، في السجن، انتظارا ليوم موته. وشاءت الأقدار، أن يكون سردابا صغيرا في قصر ابن الأشعري، هي زنزانته. ووقف على باب زنزانة بلال، واحد ممن كان يوما في خدمه!، مما جعل ابن الأشعري يستلهم خطة جهنمية تمكنه من الهروب من سجنه، بعد أن عرف من خادمه، أن ابن الثقفي، كان يرسل جثة السجين الميت إلى أهله فورا. وعليه رتب بلال خدعته قائلا لخادمه (سجانه):- 

  • أريد منك "كلمة شرف"، وسوف أعطيك مائة ألف درهم، لتقول ليوسف الثقفي، أني قد مت، ولن يسمع لي يوسف أو أحدا في الدنيا كلها بخبرٍ!. فأتى السجان يوما عند يوسف بن عمر فقال له:-

  •  إن بلال قد مات!.... فقال الثقفي:-

  •  أرنيه إياه ميتاً، فإني أحب أن أراه أمام قدمي! 

فعاد السجان إلى ابن الأشعري، وقام بخنقه حتى مات، ثم أراه يوسف، بعد أن كان قد قبض المائة ألف درهم!. 

ترى وبعد أن تعهد لنا الأمريكي بشرفه، أن يضمن تطبيق اتفاقياتنا مع الإسرائيليين!، هل أصبح الحال معنا، كحال ابن الأشعري مع سجانه؟.