الحدث- محمد غفري
تستمر حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالتصعيد في سياساتها الاستيطانية، عبر التهام أراض جديدة من أراضي الضفة الغربية في محاولة منها لفرض واقع جديد وتوطين عدد أكبر من المستوطنين، ضاربة بعرض الحائط إدانة المجتمع الدولي للاستيطان، وتحركات القيادة الفلسطينية من أجل قيام الدولة الفلسطينية.
وتهدف حكومة الاحتلال كما يرى الخبير في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا، إلى الاستيلاء على كافة مقدرات الشعب الفلسطيني ومصادر قوته، وبالتالي تهجيره من هذه الأرض.
وأضاف الخواجا لـ"الحدث"، أن إسرائيل منذ العام 1967 بدأت بالتخطيط الاستراتيجي من أجل تهويد وتعزيز الاستيطان في مناطق الضفة الغربية أو كما تطلق عليها "يهودا والسامرة"، وهي تسير في عملية التهويد خطوة خطوة، حيث بدأت الخطوة الأولى في ضواحي القدس، وداخل الأسوار من البلدة القديمة، والآن في مناطق قريبة من مدن الضفة الغربية، وآخرها في بيت لحم.
وفي كل يوم يتم الكشف عن مخطط استيطاني جديد، كما جرى صباح اليوم عندما كشفت صحيفة "هارتس" العبرية في عنوانها الرئيسي عن قرار وزير الاسكان الإسرائيلي أوري أرائيل، حول تخطيط البنية التحتية في التل القريب من مستوطنة "افرات"، خارج جدار الفصل العنصري في منطقة بيت لحم، لتوسيع الاستيطان في المنطقة ليصل البناء الاستيطاني إلى مشارف المدينة، وتخصص 890 ألف شيقل لتخطيط البناء في المنطقة التي تعتبر هدفا استراتيجيا للمستوطنين، وتقرب الاستيطان إلى بيت لحم.
وتعتبر هذه المنطقة جزءا من تجمع مستوطنات "غوش عتصيون"، التي تعتبر بحسب الخواجا من أهم المستوطنات للحكومة الإسرائيلية، وفيها معسكر لجيش الاحتلال، وسوق تجاري يعرف بـ"رامي ليفي" وفيها مركز توقيف "عتصيون" للمعتقلين الفلسطينيين، لذلك إسرائيل تسعى لتعزيز الاستيطان في هذه المنطقة لتحقيق أكثر من غرض فيها.
ويمتد حدود الاستيطان فيها من الغرب، لتربط منطقة القدس وبيت لحم ومن الشرق تمتد حتى تصل لمنطقة البحر الميت أو مناطق جنوب غرب فلسطين.
وأشار الخواجا، إلى أن أخطر القرارات الاستيطانية، هوالقرار الذي صدر عام 2014 بمصادرة 4 آلاف دونم لصالح مستوطنة "غوش عتصيون"، بهدف فصل منطقة الخليل بالكامل عن منطقة بيت لحم.
وأكد الخبير في شؤون الاستيطان في حواره مع "الحدث"، أن الأمر الآخر الذي لا يقل خطورة هو ما تقوم به حكومة الاحتلال، من تهجير للفلسطينيين في منطقة الأغوار ومنطقة القدس، بتهجير أكثر من 46 تجمع بدوي، وبالتالي تقليل عدد الفلسطينيين في تلك المنطقة.
وكل هذا الاستيطان كما بين الخواجا، هو جزء من مخطط ما يسمى بالقدس الكبرى، التي تربط بين القدس الغربية والشرقية والغلاف الممتد في الجنوب في الأراضي المفتوحة في منطقة بيت لحم والخليل، وفي منطقة الشرق حتى البحر الميت، وفي مناطق الشمال حتى محيط مدينة رام الله وأراضي شمال غرب القدس.
واستدرك بالإشارة إلى أهمية المناطق "ج" اقتصاديا، أنه بحسب تقرير للبنك الدولي فإن عائدات ومقدرات المناطق "ج" تصل إلى 3 مليار دولار، ولو كانت هذه العائدات للفلسطينيين، فنحن لسنا بحاجة لأي جهات خارجية ومساعدات، وبالتالي القضاء على البطالة والفقر في فلسطين.
بدوره، قال مدير عام حركة السلام الآن الإسرائيلية يريب اوبنهامر، إن المستوطنين يستغلون فترة الانتخابات من أجل إرغام الحكومة على البناء الاستيطاني في المنطقة.
وأضاف ابنهامر أن المستوطنين سيبنون ويفرضون واقع جديد على الأرض، وذلك سيورط إسرائيل سياسيا وأيضا في محكمة الجنايات الدولية.
وبينت صحيفة "هآرتس"، أن قرار وزير الإسكان اتخذ في شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي، وتم على الرغم من قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التراجع عن البناء في تلك المنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأرض التي تخطط حكومة الاحتلال الاستيلاء عليها تقع خارج الجدار الذي أقامته إسرائيل على أراضي الضفة الغربية، لافتة إلى أنه "عندما تم رسم الجدار، قاتل المستوطنون من أجل إزاحة الجدار إلى الشرق من التلة مثل مستوطنة "افرات" القريبة ولكن التلة بقيت إلى الشرق من الجدار".
وأضافت الصحيفة العبرية "منذ ذلك الحين، جرت عدة محاولات لإيجاد موطئ قدم في التلة لكنها فشلت"، والحديث يدور الآن على أرض مساحتها 1700 دونم كانت إسرائيل أعلنت عنها في 2009 كأراضي دولة.
ويعزل الجدار نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وحول ما هو مطلوب من أجل مواجهة هذا السرطان الاستيطاني، قال الخواجا: "يجب البدء بتقديم ملفات الاستيطان كجريمة حرب لمحكمة الجنايات الدولية، وعدم المساومة على ذلك بأي مقترحات سوى إنهاء الاحتلال وهذا مالم يحصل .
وأضاف "ثم البدء بمطالبة المجتمع الدولي لرفع الغطاء السياسي والقانوني عن حكومة الاحتلال ونزع الاعتراف بها واعتبارها حكومة إرهاب ومقاطعتها".
وتابع الخواجا "بعد ذلك نقوم على الأرض بتحشيد قوانا السياسية والشعبية لانتفاضة فلسطينة ضد الاحتلال، من أجل تحقيق الحقوق الوطنيه وليس تحسين ظروف معيشية، وتحضير حملات المقاطعة في العالم والمتضامنين الدوليين والفلسطينيين والعرب لانتفاضة مدنية دولية في كل أرجاء العالم".