الحدث الاقتصادي
كشفت نتائج مقياس الفساد العالمي للمنطقة العربية، أن فلسطين تحتل المرتبة الثانية بالمقارنة مع لبنان والأردن في غالبية مظاهر وأشكال الفساد على مستوى الدول العربية، التي يراها المراقبون بأنها الأخطر؛ لأنها ما زالت في طور النشوء ومرحلة التحرر الوطني.
وبينت النتائج أن 17% من المواطنين المستطلعة آراؤهم كانوا قد دفعوا رشوة مقابل الحصول على خدمات حكومية خلال الـ 12 شهرا الماضية، فيما استخدم 39% منهم الواسطة من أجل الحصول على الخدمات العامة، و12% عُرِضت عليهم رشوة مقابل الإدلاء بأصواتهم في العملية "الديمقراطية" الانتخابية، و21% تعرّضوا للابتزاز الجنسي أو يعرفون شخصا تعرّض له لدى محاولة الحصول على خدمات حكومية في فلسطين، وهي نسبة بحاجة للوقوف عليها طويلا.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان في مقره برام الله، وأعلن فيه نتائج مقياس الفساد العالمي للمنطقة العربية، والتي شملت بدورها ست دول عربية، منها فلسطين، حيث كشفت النتائج آراء المواطنين المستطلعة آراؤهم الذين قاموا باستغلال علاقاتهم الشخصية، واستخدموا الواسطة للحصول على خدمات حكومية.
وأشارت النتائج بحسب ما أعلنها المدير التنفيذي لمؤسسة "أمان" مجدي أبو زيد، أنه وللمرة الأولى، طرح المقياس على المواطنين في فلسطين سؤالا عن تجربتهم مع الابتزاز الجنسي، وهو شكل من أشكال الفساد الذي يقع فيه استخدام الجنس بدل العملة النقدية في عمليات الارتشاء، وقد كانت النتيجة صادمة.
وأوضح أبو زيد، أن شخصاً واحداً من بين خمسة أشخاص تعرض إلى الابتزاز الجنسي لدى محاولته الحصول على خدمة ما من المصالح الحكومية في مختلف القطاعات كالصحة أو التعليم أو خدمات إسناد بطاقة الهوية، أو الشرطة أو القضاء أو المرافق العامة.
وقال: "جاءت نتائج المقياس الدولي الذي نفذته منظمة الشفافية الدولية متجانسة ومتوافقة إلى حد كبير مع نتائج استطلاع رأي المواطنين الذي تعده "أمان" بشكل سنوي، والذي يقيس انطباعات المواطنين حول واقع الفساد في فلسطين وجهود مكافحته، واعتمد على عينة مكونة من 1025 فردا من المجتمع الفلسطيني من الضفة الغربية والقدس وغزة.
وأشارت نتائج المقياس، إلى أن 62% من المواطنين المستطلعة آراؤهم في فلسطين يرون أن الفساد تفاقم خلال 12 شهرا الماضية، فيما قيّم 51% من المواطنين أن أداء الحكومة يعد ضعيفاً في مجال مكافحة الفساد، فيما يرى 45% من المواطنين أنه جيّد، و5% هامشية بأنهم لا يعرفون.
وأكد أبو زيد، على أن فلسطين تأتي أقل وطأة في استخدام الواسطة أو استغلال علاقاتهم الشخصية من حيث الدول العربية التي يتلقى فيها المواطنون الخدمات العامة بواسطتها، إذ بلغت نسبتها 39% بعد لبنان التي بلغت نسبة الواسطة فيها 54%، فيما وصلت نسبة استخدام الواسطة في الأردن 25%.
وبينت النتائج أن معدل الارتشاء في فلسطين بلغ 17% حسب المواطنين الذين قايضوا مقابل الحصول على خدمات حكومية كالتعليم أو الصحة مقابل دفعها بعدة أشكال، فيما بلغ معدل الارتشاء في لبنان 41%، و31% في المغرب، و24% في السودان، 18% في تونس، و4% في الأردن.
ووفقا للاستطلاع، قال أبو زيد: "أعرب المواطنون المستطلعة آراؤهم عن استيائهم من مسار الديمقراطية في بلادهم، إذ يرى 55% منهم في المنطقة العربية أن الرؤساء ورؤساء الوزراء متورطون بالفساد، فيما يرى 36% في المنطقة أن أعضاء البرلمان لهم صلة بالفساد، و47% من الموظفين الحكوميين، 36% من الشرطة، و31% من القضاة والموظفين القضائيين، و31% من المنظمات غير الحكومية 41% من مديري الأعمال متورطين في الفساد".
وبالمقابل أكد أبو زيد، أنه بالرغم من هذه الصورة القاتمة، إلا أن نتائج المسح أشارت إلى زيادة وعي المواطن بقدرته على التأثير، إذ باتت الأصوات المؤثرة تتعالى لمكافحة الفساد، إذ أفاد 51% من المواطنين أنه يمكن أن يكون للأشخاص العاديين تأثير على مكافحة الفساد، وهي نسبة تدعو للأمل والاستثمار بجهود مكافحة الفساد على نحو أكبر، وزيادة القنوات التي تطالب بتعزيز النزاهة الانتخابية لضمان انتخابات عادلة وديمقراطية، والعمل من أجل الحد من الواسطة وردعها، وتعزيز استقلالية القضاء والفصل بين السلطات الثلاث، وتجريم الرشوة الجنسية القائمة على النوع الاجتماعي، وتعزيز الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومات، وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام كسلطة رابعة تساهم في الكشف والحد من الفساد.
وأوضح أبو زيد أن مقياس الفساد العالمي الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية للمنطقة العربية للعام 2019 يعتبر مسحا شاملا لرأي المواطنين حول جهود مكافحة الفساد، وقد استند المقياس على عمل ميداني أُجري بين شهري آب 2018 وتشرين الأول 2019، وشمل المقياس ست دول عربية، وهي: فلسطين، والأردن، ولبنان والمغرب والسودان وتونس، كان قد شارك فيه أكثر من 6600 مواطن.