الحدث- رفح- محمد مصطفى
وجدت الكثير من العائلات في قطاع غزة، نفسها مضطرة لنفض الغبار عن "وابور الكاز"، الذي هجرته لسنوات، مع استمرار وتفاقم أزمة غاز الطهي، وصعوبة الحصول على اسطوانة ممتلئة.
فالأزمة التي تواصلت خلال الأشهر الماضية، بلغت ذروتها مؤخراً، وأجبرت العائلات على اللجوء لبدائل بدائية وتقليدية، وفي مقدمتها وابور الكاز، والحطب.
رحلة يومية شاقة
الفتى إبراهيم حمد، كان يتنقل بين البساتين، باحثاً عن الحطب وسيقان الأشجار الجافة، بغية استخدامه كوقود لإنضاج الخبز والطعام، وحتى تسخين الماء للأغراض المنزلية.
وأكد حمد ويقطن شرق مدينة رفح، أن بعض أشقائه يتجولون على البقالات والمحال التي تبيع المواد الغذائية، بحثاً عن بقايا الورق المقوى "كرتون"، بينما يبحث هو وشقيق آخر عن الحطب وبقايا الأغصان.
ولفت إلى أن والدتهم تنتظرهم، وفور عودتهم من الخارج محملين بالحطب والكرتون، تشعل النار في فناء خارج المنزل، لتبدأ بطهي الطعام، وإنضاج الخبز، والقيام بباقي الأعمال المنزلية.
وأشار حمد إلى أن منزله خالي من غاز الطهي منذ مدة طويلة، باستثناء بقايا اسطوانة، فالأزمة الخانقة حرمتهم من السلعة المذكورة، رغم محاولات والده وأشقائه المستميتة من أجل تعبئة ولو اسطوانة واحدة، من أصل اثنتين فارغتين.
وبين أنهم يعانون جراء إشعال النار بصورة يومية، فدخانها بتسبب في حرقة في أعينهم، كما أن رائحته الكريهة تعلق في الملابس، إضافة إلى أن طهي الطعام والخبز على النار يستغرق وقت أطول من المعتاد.
العودة للوابور
أما المواطن إبراهيم سلامة، ويقطن في مخيم رفح، فأكد أن منزله الصغير يمنعه من إشعال النار للطهي، وأزمة الكهرباء تحرمه من استغلال الطاقة المذكورة في عمليات الطهي، فلم يعد أمامه خيار سوى نفض الغبار عن "وابور الكاز"، الذي كان هجره منذ العام 2008.
ولفت سلامة إلى أنه يشتري وقود السولار المخصص للمركبات، ويضيف إليه القليل من الملح، من أجل تنقيته من الزيوت، ليصبح أكثر صلاحية للاستخدام في الوابور.
وبين أنه يدرك خطورة إشعال الوابور، لذلك اتخذ كل الإجراءات اللازمة، لحماية أبنائه، ولا يشعله إلا بوجود عدد من جراكل المياه حوله، لاستخدامها في حل حدث أي حريق أو تسرب للوقود.
وأوضح سلامة أن أكثر ما يزعج زوجته، حاجة الوابور للصيانة على مدار الساعة، جراء انسداد "عين الكاز" الضيقة، وحاجته لضغط الهواء كل فترة قصيرة، ناهيك عن انخفاض كفاءته مقارنة بغاز الطهي.
وكان موزعوا غاز محليون، أكدوا استمرار الأزمة على نحو غير مسبوق منذ العام 2008، مؤكدين أن الكميات التي تصل المحطات لا تكفي لسد احتياجاتهم.
وقال أحد الموزعين، إن مخازنه ممتلئة عن آخرها بالاسطوانات الفارغة، التي يعجز عن تعبئتها، لذلك قرر التوقف عن اخذ اسطوانات جديدة من المواطنين.
وبين محمد الشيخ، أن إنهاء الأزمة بحاجة لإدخال كميات كبيرة من الغاز بصورة يومية، ولمدة لا تقل عن شهر، حتى يتمكن الموزعون من تعبئة عشرات الآلاف من الاسطوانات الفارغة، وتعود الأمور لطبيعتها من جديد.
يذكر أن ثمة عدة أسباب لنشوء الأزمة، من أبرزها شح كميات الغاز التي تصل القطاع، واستخدام السلعة المذكورة كوقود للسيارات.
وحاولت السلطة الفلسطينية حل الأزمة، عبر السماح لشركات الوقود بشرائه من شركات إسرائيلية بصورة مباشرة.