الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العرب.. وأحلام ثوراتهم.. والديمقراطية

2015-01-27 02:40:27 PM
العرب.. وأحلام ثوراتهم.. والديمقراطية
صورة ارشيفية
بقلم: سامي سرحان
 
العرب يعيشون في محنة الدول والحكومات والشعوب؛ فاليمن دولة فاشلة بلا رئيس ومهددة بالانقسام إلى شمال وجنوب وزيديين (حوثيون) وشوافع. والعراق مهددة بالتقسيم؛ كرد وشيعة وسنة وربما تركمان والقتل اليومي والتفجيرات وغارات طيران التحالف الأمريكي لم تعد تستوقف المحللين والمتابعين، وسوريا باتت ركاماً وتجاوز قتلاها عشرات الآلاف ومهددة بالتقسيم؛ عونيون وكرد وسنه ودروز. وليبيا باتت بلا دولة مركزية ويحن تجار الحرب والنفط فيها إلى العودة إلى قبائلهم وولاياتهم القديمة؛ برقة وفزان وطرابلس.
وتونس تجاوزت ديمقراطيا أزمتها وربيعها واختارت رئيسا للبلاد وبرلمانا لكنها فشلت في تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الآن، وأقصت حركة النهضة التي تقول أنها لن تمنح الحكومة الثقة وكأننا عدنا إلى نظام بن علي لكن بثوب ديمقراطي. والأمر كذلك أيضاً بالنسبة لمصر فالعمليات الإرهابية لم تتوقف منذ أربع سنوات. ومرّت الذكرى الرابعة لثورتها أو ربيعها في 25 يناير أول أمس لتدور العجلة إلى الوراء وتسقط مصر مجدداً في دوامة حرية التعبير بالتظاهر السلمي وحق الدولة في الحفاظ على الأمن القومي، فيسقط قتلى وجرحى.
وأوضاع الصومال والسودان لا تسر صديقاً أو شقيقاً، وفي هكذا أوضاع انشغل العرب هذا الأسبوع بغياب الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك العربية السعودية الذي اتخذ مواقف واضحة وجريئة مما يجري في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر، وشكّل دعمه القوي سياسياً ومالياً واقتصادياً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والإطاحة بحكم الإخوان عاملاً حاسماً في الاستقرار النسبي الذي تشهده مصر.
ولا شك أن مصر اليوم تعيش حالة انتظار لمعرفة موقف الملك الجديد سليمان بن عبد العزيز من الوضع في مصر رغم أن سياسة المملكة العربية السعودية عرفت بالاتزان والبعد عن الخضات والتقلبات المفاجئة وإعلان الملك الجديد أنه سيسير على نهج أسلافه من ملوك العربية السعودية. ولا شك أن القيادة في مصر تضع في حسابها تأثير زيارة رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما للمملكة العربية السعودية واجتماعه بالملك اليوم الثلاثاء معزياً ومهنئاً وربما طارحاً لوجهات نظر مما يجري في المنطقة تتعارض مع السياسة التي سلكها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ولا شك أيضا أن قيادة مصر اليوم بحاجة إلى تطمينات شخصية من الملك سلمان بأن دعم السعودية لمصر لا مجال لتغييره وسيبقى كما رسمه وخطه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لأنه يتعلق بالأمن القومي العربي. وقد عرف عن الولايات المتحدة تأييدها لحكم الإخوان في مصر وغير مصر وبرعاية تركية.
في هكذا أجواء يتحرك الفلسطينييون في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية لانتزاع قرار تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم المحتلة عالم 1967، والاعتراف بدولة فلسطين. وقد كشف الرئيس أبو مازن في حديث متلفز أنه ذهب إلى مجلس الأمن بـ14 صوتا مؤيدا لمشروع قرار إنهاء الاحتلال لكن الولايات المتحدة مارست كل نفوذها على الدول الأعضاء في مجلس الأمن وأسقطت مشروع القرار وقلصت المؤيدين إلى ثماني دول.
ولم يثني الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل القيادة الفلسطينية وتهديدها بقطع المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية عن المضي في تنفيذ خطتها في الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى، وتحضير ملفات جرائم الحرب التي ارتكبها قادة وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في الحروب الإسرائيلية على شعب فلسطين وآخرها الحرب على غزة الصيف الماضي.
واليوم يمارس الأمريكان نفس الضغوط والتهديدات حتى لا تعود القيادة الفلسطينية مجدداً لطرح مشروع القرار الخاص بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى في آذار المقبل وعادت إلى التلويح بالعصا والجزرة، تارة بقطع المساعدات وتارة أخرى بعقد اجتماع للجنة الرباعية الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط التي همشت واشنطن دورها واحتكرت ما يسمى بعملية السلام والمفاوضات العقيمة لتمكن إسرائيل من استكمال مخططات تهويد الأرض الفلسطينية والقدس العربية وتستولي على ما تبقى من أرض وتهدم منازل الفلسطينيين وتطردهم قسراً من مناطق سكناهم.
لن يقودنا الوضع العربي المهترئ وعدم قدرة كل قطر عربي أو بقايا دولة لرغبات أمريكا الإسرائيلية فنحن أصحاب الحق وأصحاب القضية ونحن الشعب الذي قدم حتى اليوم 70 ألف شهيداً وأضعافهم من الجرحى والأسرى. وما زال هذا الشعب فتياً وفي عنوان الشباب صامداً مرابطاً مستعداً لانتفاضة تتلوها انتفاضة حتى يحقق حلمه في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف وحتى يعود كل لاجئ إلى داره وممتلكاته التي طرد منها عام 48. فهذا الليل العربي لن يطول.