الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"هوديني"| بقلم: د. سامر العاصي

2019-12-25 02:00:45 PM
د. سامر العاصي

 


إن كنت تريد الوصول إلى هدفك، والنجاح بشدة، عليك أن تعرف وتَفهم عدوك، وأن تبحث بشكل متواصل ومستمر عن أماكن ونقاط ضعفه، عليك أن تصبر دون كلل أو ملل، ودون أن تفضح تعبك ومرارة الانتظار، حتى وإن طال بك الزمن. دع عدوك يستنفذ قواه، ويتعب لسانه وعقله، كي لا يفكر بك أثناء استعدادك لضربه، تماما كما كان فنان "الإفلات" المجري/الأميركي الشهير، هاري هوديني، في بداية القرن الماضي يحقق انتصاراته.

كان الساحر الأشهر في التاريخ/ يقوم بحركات أشبه بالحركات السحرية، التي أكسبته شهرة عالمية، خاصة حيلته بالتخلص من القيود والأقفال، حتى أنه لُقِب بـ"سيّد السحرة"، في فك القيود والأصفاد. وسرعان ما أصبحت عروضه الذكية، تُقدمُ في أشهر مسارح العالم، خاصة بعد نجاحه المنقطع النظير، الذي انطوى على الكثير من المجازفة، بخروجه حيا، من صندوق، أو غرفة زجاجية صغيرة، كانت مملوءةً بالماء، استطاع خلالها أن يفك يديه ورجليه، التي كانت مكبلة بشكل محكم، بعد ثلاث دقائق فقط، من حبسه فيها!. 

ذاع صيت الرجل في العالم كله بعد أن استطاع إخفاء فيل ضخم، أمام أعين الجمهور في قاعة، لا يمكن إخفاء حصان فيها!.

تعلم هوديني، في صغره حيلة يابانية، مكنته من وضع قطعة بحجم حبة بطاطا صغيرة في حلقة، جعلته يخفي فيها مفاتيح صغيرة، تمكنه بحركة صغيرة، من إعادتها إلى فمه، متى شاء. ولأن النجاح يجلب معه الغيرة والحسد، فقد قرر أحد السحرة الألمان، ويدعى "كليبيني"، تحدي الساحر الكبير، الذي كان واحد من أصدقائه، يعمل مع هوديني. وعلم المتحدي، بأن هوديني، يتدرب على استعمال الأقفال الفرنسية المشفرة، التي سيخبره صديقه برموزها مقابل جائزة مالية. وبالفعل استطاع المتحدي بمساعدة جاسوسه، أن يجرب الأقفال بصورة خفية وفكها خلال دقائق قبل يوم من المبارزة. 

وجاء يوم التحدي على خشبة المسرح، الذي اجتمع حوله الآلاف لمشاهدة هزيمة الساحر الكبير. 

وفي البداية طلب هوديني أن تقوم لجنة التحكيم بتكبيل يديه ورجليه، بالمفاتيح الفرنسية المشفرة أولا!، وقوبل طلبه بالرفض لأن المتحدي كان قد طلب من اللجنة أن يكون هو الأول. واستمر هوديني باحتجاجه على قرار اللجنة، حتى ظن الجمهور بأن المبارزة ستلغى. ومع إلحاح المتحدي، أعلن هوديني انصياعه لقرار اللجنة. وعلى الفور، أعلن المتحدي أمام الجمهور، بأنه سوف يهزم "هوديني" خلال دقائق شر هزيمة، وتم تكبيل المتحدي بالأصفاد والأقفال المشفرة. ومضت الدقائق الأولى، ثم الساعة، ثم الساعتين، حتى أعلن الرجل هزيمته بعد ثلاث ساعات وسط ضحكات الجمهور، الذي اختفى جاسوسه بينهم. 

وجاء دور هوديني الذي استطاع بعد 3 دقائق فقط من فك قيوده والتحرر من جميع الأقفال وسط ذهول وتصفيق الجمهور له. وهكذا فاز هوديني بعد أن قام قبل صعوده خشبة المسرح مباشرة، بتغيير "شيفرة الأرقام" التي حصل خصمه عليها بالأمس.

ترى! هل كان "الطرف الضامن" الذي نقل إلينا، فك رموز وقيود الاحتلال"، عند التوقيع على اتفاق أوسلو، يعمل جاسوسا لعدونا؟ أم أن التحدي لدخول أوسلو كان مبكرا؟