الحدث أراء ومدونات
التحولات الكبرى التي مر فيها المجتمع الفلسطيني منذ توقيع اتفاق أوسلو ورفع شعار "المفاوضات والحل السلمي" "التنمية وبناء المؤسسات لإقامة الدولة" رافقه تغيرات وتحولات في البنية الثقافية للمجتمع وخاصة مؤسسات المجتمع الأهلي الفلسطيني وترافق ذلك مع التراجع السياسي وفقدان الرؤية الوطنية الشاملة بالإضافة إلى الهزيمة القاسية في برنامج منظمة التحرير وفشلها في تحقيق أي من أهدافها الذي قامت عليها في منتصف ستينات العصر الماضي.
المؤسسات الأهلية الفلسطينية في القدس جزء من الصورة العامة لهذا القطاع مُضاف أليها ما تقوم فيه دولة الاحتلال من إغلاق وتقييد لهذه المؤسسات في حملتها لتغيير الهوية السياسية للمدينة وهي إجراءات قصريه شملت العشرات من المؤسسات العاملة في المدينة, ولكن بعتقد أن أخطر ما يواجهه العمل الأهلي والوطني في القدس هو "التغيرات الطوعية" التي أدخلتها المؤسسات على هويتها الثقافية وتحويلها من مؤسسات قاعدية أهلية وطنية إلى "مؤسسات أنجزه وتمويلية ووسيلة للكسب السريع", ولا شك أن تأثير برامج وسياسات التمويل أخذت مجراها بشكل كبير داخل المؤسسات عبر السنين وجعلت المؤسسات المقصودة حُضن دافئ للعمل السهل والبرامج الطيارة ونفخ البلالين والألعاب الترفيهية بالإضافة إلى شريحة بعقلية براغماتية قائمة على التوسل والبكاء ومهارة الإعلام الرقمي بالإضافة إلى عضوية الفئات السياسية المهيمنة لشفط المكاسب الشخصية والمالية.
يتوازى مع ذلك حالة السكون داخل المؤسسات وخاصة بنيتها الإدارية وترهلها ومرونة أهدافها وسرعة تقلباتها وهشاشة تأثيرها وتضخيم عملها إعلاميا باحترافية عالية وسعيها لرضى الممول والقبول بكل ما يطرحه وحتى لو تعارض مع سبب وجودها, المهم هو البقاء حتى لو كان التضحية بالهوية الثقافية للمؤسسات والتي هي عقد اجتماعي بين المؤسسة والمستفيدين منها.