يحكى أن حيوانات الغابة اجتمعت في ساحة كبيرة، بعد أن علمت، أن طعاما يكفيها طيلة فصل الشتاء القادم، موجود داخل كهف مظلم يقع في طرف الغابة. وتقرر إرسال الفأر الأسود كجاسوس، ليرى إن كان على مدخل الكهف يقف حارس. واختارت الحيوانات أن يخرج الفأر إلى "الاستطلاع"، في ليلة مظلمة، يكون فيها القمر غائبا حتى لا يراه الحارس. وما إن خرج الفأر عند باب الكهف، دون صوت أو ضجيج، من جحره وأطل برأسه، عند باب الكهف، حتى صاح "البوم" يسأله:- ماذا تريد أيها الفأر؟ أجئت تسأل عن طعام الحيوانات لتأخذوه؟... وارتجف الفأر من الصوت بعد أن وقف في ذهول، ثم كرّ مسرعا وهاربا إلى الساحة عند كل الحيوانات. ووصل الفأر وهو يلهث ويقول، بأن البوم هو أذكى وأعقل الحيوانات، وهو يتمتع بما لا يتمتع به أي حيوان في الغابة! لقد رآني البوم فور خروجي من الجحر! إنه يرى في الظلام!. وهنا تطوع طائر "الكاتب الأفريقي" الذكي، قائلآ:- إن البوم لا يعرفني ولم يكن رآني يوما ما! وهو لا يعرف عني شيئا، سأذهب في الليلة التالية وسأسأله سؤالا واحدا وسأعود إليكم.
وفي الليلة التالية، خرج الطائر الغريب لملاقاة البوم، الذي ما إن وقف الطائر أمامه حتى سأله:-
أيها البوم، كم مخلبا لدي؟...
وعلى الفور أجاب البوم:- لديك 4 مخالب قوية جدا! في كل رجل، اثنان!. وانبهر الطائر المفترس، الذي ألقى بسؤاله الثاني، على الفور:- وأي الحيوانات منا أطولها عمرا؟، وجاء رد البوم الفوري:- إنه السمك الكبير الذي يعيش في الماء البارد. وعلى الفور، فرد الطائر الذكي جناحيه، ليعود إلى الحيوانات ويخبرهم أن البوم، لا بد وأنه يتمتع بقدرات إلهية خارقة، لأنه الوحيد الذي يرى الأشياء بوضوح في الليل، وأنه أذكى الحيوانات وأعظمها، وأن البوم يجب أن يكون ملكا علينا! عندها وقف الثعلب الخبيث متسائلا:-
وهل يستطيع البوم أن يرى في النهار أيضا؟.
وضحكت الحيوانات على الثعلب الذي كان ينوي الترشح لمنصب ملك الغابة، وكادت الحيوانات أن تطرده منها، عندها، أعرب الثعلب المكار، عن نيته الطيبة واستعداده للذهاب إلى البوم، وإحضاره معه لتنصيبه ملكا، دليلا على المحبة وعدم الغيرة والوئام مع الملك الجديد. وبالفعل ذهب الثعلب في الليلة التالية والتقى بالبوم الذي سر بمنصبه الجديد وأعرب عن استعداده للطيران فورا إلى الساحة التي تنتظره فيها كل الحيوانات، إلا أن الثعلب المكار أخبره بأنه لا يستطيع الطيران، وأن الاثنين يجب أن يعودا معا إلى مكان الاجتماع. واقتنع البوم برأي الثعلب، وبدئا السير معا وسط الغابة، بعد أن اختار الثعلب الطرق "الالتفافية" فقط للوصول. ومع بزوغ أشعة شمس الصباح كان الملك ومرافقه الخبيث، قد وصلا للتو إلى ساحة اجتماع الحيوانات، التي استقبلت الملك بالهتاف والتصفيق.
ومرت الدقائق، وصارت عيون البوم ترى الأشياء أقل وضوحا، مما جعله يفتح عيونه أكثر فأكثر، وبدأ البوم بلف رأسه حول جسمه، ورأت الحيوانات ولأول مرة، عيون البوم الأسود الواسعة والمبحلقة، التي رسمت على وجهه هالة رهيبة، أعطته وقارا وهيبة أكثر، عندها صاحت الدجاجة:-
إنه الآلهة، إنه الآلهة، إنه ملك الغابة بحق، إنه الملك. عندها وقف الثعلب بكل طيبة، وقال:
إذن، فلنمشي الآن وراء ملكنا الجديد.
وبدأ البوم السير في الغابة، وهو يصطدم بالأشياء حوله، وجميع الحيوانات، تصطدم بالأشياء نفسها من خلفه أيضا!، وأخيرا، وصل البوم إلى منتصف شارع عريض في نهاية الغابة، عندما رأى الصقر شاحنة مسرعة على الشارع، والذي أخبر بدوره الثعلب، بضرورة تحذير الملك. ولكن الثعلب اختار أن يحُذر ملكه، بسؤال، وليس بنقل التحذير حين قال للملك:-
ألست خائفا يا سيدي؟. وأجاب البوم:-
ممن علي أن أخاف؟.. (ذلك لأنه لم يكن يستطيع الرؤيا نهارا).
وسمعت الحيوانات جواب الملك، وظنت بأنه أقوى من الشاحنة، وبدأت تصرخ وتقول:- إنه الآلهة، إنه الآلهة!، ولم تمض دقائق قليلة حتى كانت الشاحنة قد دهست الملك ومات، ومعه بعض ممن سار خلفه.
العبرة:- إنتبه من الثعالب حولك!
وهناك الكثير من العبر!