الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بين سيداو وعشتار| بقلم: زياد البرغوثي

2020-01-03 07:39:16 AM
بين سيداو وعشتار| بقلم: زياد البرغوثي
زياد البرغوثي

من شيوخ العشائر والقبائل إلى شيوخ السلطة والفصائل..

لعدة أسباب ومنذ عقود، أزور دولة الاحتلال على الأقل مرة في الشهر، ولا أدّعي إن قلت إني أفهم قليلاً في العقلية الإسرائيلية..

منذ عقود بدأ عندهم التغيير في الحياة الاجتماعية العصرية، ومنذ ثلاث سنوات بدأت ألاحظ حجم البناء والتوسع الأفقي والعمودي في العمران، وكأنه سباق مع الزمن مصحوباً ومنظماً بمواصفات آخر ما توصل إليه فن العمارة ومتطلبات الحياة العصرية..

توسع يكاد يكون على شكل زراعة الأبراج والمجمعات الخرسانية زراعة، وأصبحت وتيرة هذا البناء علامة مميزة يتفاجأ الزائر فيها مع كل زيارة دورية إلى الداخل المحتل..

كل ذلك ترافق مع نهضة كبيرة في مجال التكنولوجيا والهايتك وعزوف واضح عن المهن الكلاسيكية التي تتطلب سنوات دراسية طويلة مثل الطب والصيدلة والتي تَصدر فيها الشباب العربي الفلسطيني المشهد..

إن المراقب للمشهد الإسرائيلي يُدرك تماماً أن هذه الحركة العمرانية ليست من أجل سد الحاجة لسكن الأزواج الشابة، فكم البناء ومركزه ونوعيته أبعد بكثير عن هذا السبب..

وصلت إلى قناعة بأن إسرائيل وصلت إلى مرحلة من الاطمئنان والاستقرار في المنطقة، بعد أن أصبحت الرقم الصعب في المنظومة الدولية علميًا وتكنولوجياً وعسكرياً ومالياً، وهي تعمل الآن على التحول إلى مركز لصناعة وتصدير التكنولوجيا في الشرق الأوسط والخليج العربي وأطراف الشرق الأقصى، مع قدرة كبيرة على استيعاب الكفاءات والأموال والاستثمارات في هذا المجال..

أما نحن سنبقى لسنوات قادمة نعيش مجموعة من التناقضات، تائهين، نتغنى بإنجازات وهمية

في مجال الديمقراطية والتعددية والتعليم والإبداع، نعمق الانقسام ونبني جسوراً من الأوهام، منقسمين على أنفسنا نراوح بين مشروعين..

الأول..

توفير الأمن والأمان وخزان أساسي للعمالة الرخيصة في مجال البناء والحِرف المختلفة لبناء دولة إسرائيل المعاصرة المتغطرسة..

والثاني..

سنبقى نجادل في اتفاقية سيداو واعتذار عشتار

ونصارع بين شيوخ السلطة والفصائل

وبين شيوخ العشائر والقبائل..

نبحث عن ملفات فسادنا وصناديق انتخاباتنا في طريق الآلام أو في تفسير الأحلام..

وسَيُكتبُ في سفر الخالدين عن حصيلة صمود شعب ضحى بدمه وبخيرة أبنائه وبناته دفاعًا عن مشروعه الوطني..

قد لا نجد مكاناً لهذا الكتاب إلا على يمين بائعٍ متجول على ناصية شارع في زقاق مخيم، أو تحت شاهد على قبرٍ في بلاد المنافي والشتات..