الخميس  24 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اغتيال سليماني يحمل مخاطر اندلاع حرب شاملة بين واشنطن وطهران

2020-01-03 08:25:40 PM
اغتيال سليماني يحمل مخاطر اندلاع حرب شاملة بين واشنطن وطهران
عملية الاغتيال

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي 

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية مقالاً  لمحرر شؤونها الدولية الكاتب ديفيد غاردنر، وتحدث فيه أن اغتيال قائد فيلق القدس يأخذ ترامب إلى منطقة خطرة.

اعتبر الكاتب غاردنر القصف الجوي الأمريكي الذي أودى بحياة الجنرال قاسم سليماني قائد فليق القدس الذراع الرائد للحرس الثوري الإيراني تصعيداً دراماتيكياً في حرب الظل بين طهران وواشنطن وحلفائهما في الشرق الأوسط.

ويعتقد غاردنر أنه سيكون من الصعب للغاية منع دائرة الأعمال الانتقامية والهجمات المضادة التي ستنشأ الآن، محذراً من انزلاق الأمور إلى مواجهة مباشرة تحمل مخاطر اندلاع حرب شاملة.

ويضيف غاردنر أنه حتى لو تم احتواء هذا الصراع المتصاعد، فإنه لن يمنع انتشار مزيداً من الشرر في المنطقة التي شوهتها الحروب والاضطرابات، مشيراً إلى أنه سيزيد من مخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمي الذي قفز بنسبة 3% بعد انتشار خبر اغتيال سليماني.

يرى الكاتب بأن قرار ترامب باغتيال سليماني، نقل رئاسته المتقلبة إلى مسار مجهول، في الوقت الذي يسعى فيه للهروب من حروب الشرق الأوسط المكلفة، مواجهة عمليات محاكمته أمام الكونغرس.

يتابع الكاتب بأن كله هذا يأتي دون النظر في تكاليف قراره على العراق، والتي وقعت بين التنافس المرير بين الولايات المتحدة وإيران منذ الغزو الأمريكي عام 2003، والذي يصب بمصلحة إيران بالدرجة الأولى، مضيفاً أن الحرب العراقية سلمت السلطة للشيعة، ومنحت سليماني فرصة لبناء محوري شيعي في منطقة الشرق الأوسط من من العراق ظغلى سوريا ولبنان، وممراً إيرانياً من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط.

توضح غاردنر بأن سليماني الذي أصبح ضابطاً في الحرس الثوري خلال الحرب الايرانية العراقية 1980-1988، التي دعم فيها الغرب صدام حسين، قضى معظم حياته ينسق الجهود من الظل.

يضف غاردنر بأن سليماني خرج إلى العلن بعد أن سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على مناطق واسعة من العراق وسوريا عام 2014، وظهر على الخطوط الأمامية إلى جانب الجماعات المسلحة الموالية لإيران، والتي بناها فيلق القدس، والتي حصلت على مجد دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" بعدما فشل الجيش العراقي المدرب على أيدي الجيش الأمريكي.

 ويلفت الكاتب إلى أن تدخل فيلق القدس في سوريا، من خلال نشر مقاتلي حزب الله اللبناني والجماعات المسلحة الشيعية الأخرى، كان محورياً في دعم بشار الأسد ضد التمرد السني، الذي بدأ بانتفاضة مدنية عام 2011، حتى تدخل روسيا عام 2015، الذي جاء بناء على طلب من سليماني نفسه، وهو الذي حرف ميزان الحرب.

ينوه الكاتب أن سليماني كان أحد أمراء الحرب المحترفين، الذي طور الجماعات العسكرية المحلية وزودها بالصواريخ التي لم يكن للمعارضة السنية أن تحصل عليها.

يرى غاردنر ان البراعة العسكرية جاءت دون الالتفات إلى شرعية الحكم، وهي عوامل وراء الانتفاضات المدنية في العراق ولبنان. وكانت هذه سبباً في قلق الحكومة الدينية في إيران، التي أرسلت سليماني في الأسابيع الماضية إلى بغداد وبيروت، لحث الحلفاء المحليين على الحفاظ على الوضع القائم.

يقول غاردنر أن استجابة طهران كانت قوية ولكنها كانت مدروسة أيضاً، فالهجمات الصاروخية التي استهدفت الوجود الأمريكي في العراق طوال الخريف كانت مجرد إزعاج وليست خطراً، حتى الصاروخ الذي قتل فيه متعهد أمريكي قرب كركوك. وقد أمر ترامب يوم الأحد بغارات على مواقع كتائب حزب الله التي قتل قائدها مع سليماني يوم الجمعة، مخلفة أعداداً من القتلى في صفوف الجماعة المسلحة، وردت الجماعة باختراق الحراسات الأمنية، وحاصرت السفارة الأمريكية الشاسعة في بغداد.

ويوضح الكاتب بأن هناك مقارنة جرت بين حصار بغداد واحتلال السفارة في طهران عام 1979، وهو ما قد يكون الدافع وراء اغتيال سليماني، رغم أن إدارة ترامب تقول إن لديها أدلة على  أن سليماني كان يخطط لشن هجمات على أهداف أمريكية.

ويفيد غاردنر بأن إيران ووكلائها استوعبوا عشرات الغارات الجوية ضد مقاتليها ومواقع تابعة لها: من قبل "إسرائيل" في سوريا وأمريكا في العراق والسعودية في اليمن، وبعد انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، والذي وقعته طهران وواشنطن وخمسة من القوى العالمية الأخرى، وأعاد فرض العقوبات التي تهدف بصراحة إلى تدمير الاقتصاد الأمريكي، فيما قامت طهران بالتصعيد البطيء.

يتابع الكاتب بأنه تلى ذلك سلسلة من الهجمات على ناقلات نفطية في الخليج، ثم جاء الهجوم على منشآت النفط السعودية بصواريخ كروز وطائرات مسيرة في سبتمبر أيلول الماضي، والذي عطل بشكل مؤقت نصف انتاج المملكة من النفط.

يرى الكاتب بأن ذلك كان دليلاً على القوة الإيرانية التي لم تكن الرياض قادرة على الرد عليها، ولم يرد عليها ترامب بشكل نشر الخوف وسط حلفاء واشنطن في المنطقة.

ويختم غاردنر مقاله بالقول: إن "العملية الأمريكية في مطار بغداد، والتي أسفرت عن تصفية قائد عسكري تم تحضيره للمناصب العليا، ورفع مقامه إلى محل الأسطورة، يعني رداً قوياً من طهران ودون تردد".