الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غزة تُلون "سواد" ما خلّفته "الحرب"

2015-01-30 09:07:00 AM
غزة تُلون
صورة ارشيفية

 

الحدث-غزة-علا عطا الله

أمام منزله المتنقل "الكرفان" في بلدة خزاعة جنوبي قطاع غزة، يشعر الفلسطيني مصطفى النجار براحة نفسيّة، وهو ينظر إلى منزله المتنقل، وقد تبدلّت "ألوانه الزرقاء الباردة" إلى أخرى زاهية ورديّة، بفضل ريشة عدد من الفنانين والهواة الفلسطينيين الذين أطلقوا حملات مختلفة مؤخرا لتلوين آثار ما خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

وفي بلدة خزاعة، تنطلق ريشة عدد من الفنانين في رسم وتلوين جدران "الكرفانات الحديدية"، وتشكيل لوحات تبث "الروح" في "بيوت النازحين المتنقلّة", وتمنح قاطنيها شعورا بنسيان "ألوان الحرب القاسية" كما يقول النجار لوكالة الأناضول.
والنجار "49 عاما" واحد من بين مئات النازحين الذين يتخذون من "الكرافات الحديدية" مأوى لهم، بعد أن تسببت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بتدمير آلاف المنازل والأحياء السكنيّة.

وينسى ولو قليلا كما يقول النجار، أن هذا الكرفان لا يتسع له ولأبنائه الستة، عندما يشاهد الرسومات الزاهية الألوان، ورسومات الشمس والوجوه الطفولية الضاحكة التي تختصر "أحلام المشردين" بحياة هادئة.
وضمن حملة (100 همة ولمة) أطلق شبان فلسطينيون، بدعم من مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي (غير حكومية)، وضمن حملة (100 همة ولمة) أطلق شبان فلسطينيون، بدعم من مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي (غير حكومية)، مبادرات لرسم وتلوين "الكرفانات".

ويقول الفنان حازم الزمّر، أحد الرسامين المشاركين في تلوين "الكرافانات" لـ"الأناضول": "أردنا من خلال الرسم على الكرفانات وتلوينها، لفت انتباه أي زائر لبلدة خزاعة الحدودية المدمرة، وإيصال رسالة للعالم أن هناك منازل مدمرة سكانها يعيشون داخل كرفانات من الحديد، تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة".

وأضاف  الرسام الفلسطيني "هذه البيوت المتنقلّة تسكنها المآسي وصنوف المعاناة، لهذا أردنا إدخال البهجة على أصحابها، عبر تلوينها وقد كنا متخوفين من عدم قبول النازحين لتلك الرسومات، لكن حدث العكس، حتى أن بعضهم قدم المساعدة لنا".
ويتابع الزمّر "رسمنا فراشات كونها تعطي الأمل والحرية للأطفال، وزخارف فنية، وكتبنا كلمات تعبر عن الرغبة بالعيش بحرية وكرامة".

الطفلة فرح قديح (9 سنوات) بدت عليها علامات السعادة وهي تلهو إلى جانب أحد الرسامين الذي رسم على وجهها مجموعة من الزهور والفراشات الملونة.
وتقول قديح لـ "الأناضول" إن فرحة كبيرة غمرتها عندما جاء الرسامون، وبدأوا بتلوين الكرفانات والرسم على جدرانها.

وتضيف بأسى: "وضعنا صعب في الكرافانات، فهي ضيقة جدا والجو بارد ومياه الأمطار تتسلل إليها من السقف".
وتتمنى قديح أن تعيش كبقية أطفال العالم في منزل كبير يتسع لجميع أفراد أسرتها ويوفر لهم الدفء، وأن تغدو حياتها مشرقة كما الألوان الزاهية، كما تقول.

من جانبها، تقول سلمى أبو ضاحي، منسقة مشروع مبادرة حملة (100 همة ولمة)، لوكالة الأناضول، إن فكرة رسم وتلوين الكرفانات، جاءت من أجل التغلب على ما وصفته بـ "سوّاد الحرب" والحياة القاتمة"، لنازحي ومشردّي الحرب.
وأضافت: "أردنا أن نغير ألوان الحديد، وما تحمله من خطوط باردة وقاتمة إلى أخرى زاهية وملونة، كي يشعر النازحون براحة نفسية تُخفف من معاناتهم، والبؤس اليومي الذي يعيشونه داخل المنازل المتنقلة".

وإلى جانب الكرفانات، قام شبان في الحملة، بتلوين صخور ميناء غزة الذي يعد المتنفس الوحيد لسكان القطاع المحاصرين إسرائيليا منذ عام 2007.
وبألوان شبيهة بـ"قوس قزح"، تحولت صخور وحجارة "ميناء غزة" إلى ألوان زاهية أشبه بلوحة تشكيلية.

وإضافة إلى تلوين الصخور التي كانت رمادية اللون، ومصطفة قوق بعضها البعض، خط فنانون رسومات للعلم الفلسطيني ولوجوه ضاحكة بألوان "نارية" في مقدمتها "الأحمر" و"الزهري".
وتؤكد أبو ضاحي، أن تلوين صخور وحجارة ميناء غزة، رسالة إلى العالم بأن سكان القطاع يريدون العيش بسلام، وهدوء بعيدا عن الموت، والألوان القاتمة.
 
*الاناضول