الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المياه في الأغوار: جنة لليهود وللفلسطينيين نار

2015-01-31 10:31:04 AM
المياه في الأغوار: جنة لليهود وللفلسطينيين نار
صورة ارشيفية
 
خاص الحدث
 
لم يكن تخريب خط مياه قيد التنفيذ قرب طوباس شمال الضفة الغربية من قبل السلطات الاسرائيلية، حدثا عابرا في اجندة ايام الفلسطينيين، فالعملية التي جرت في وضح النهار جاءت في سياق عملية مستمرة للسيطرة على مصادر المياه بدأت منذ اللحظة الأولى لاحتلال الضفة الغربية.
 
كان الفلسطنيون يأملون في ربط تجمع رعوي مستقر حتى قبل ايام النكسة، بمصدر للمياه، يبرد حر الصيف، ويقلل من مشاق الحصول على اكسير الحياة في منطقة جبلية وعرة.
 
لكن بعد ان انهوا نحو نصف كيلو متر من مد الانابيب، هاجمت قوات مدعمة برافعات وجرافات خط المياه، ونقلته، بحجة ايقاف العمل به.
 
يقول سكان المنطقة التي كان من المفترض ان تصلهم المياه من منطقة تبعد كيلومترات قليلة، ان حلمهم تبدد نهائيا، اذ ان الاسرائيليين لن يسمحوا بتمرير اية انابيب الى خربتهم بعد اليوم.
 
ويعيش بضع عشرات من سكان خربة يرزا في منطقة السفوح الشرقية، ولا يتمتع السكان بالبنية التحتية. وكان مشروع المياه التي اوقفت السلطات الاسرائيلية تنفيذه اول مشروع تنموي مستدام ينفذ للسكان.
 
ويقول مسؤولون فلسطينيون ان سيطرة اسرائيل على مصادر المياه الجوفية في منطقة الغور يهدف الى تفريغ المنطقة من سكان، واحلال مزيدا من المستوطنين اليهود فيها.
 
منذ العام ١٩٦٧ سيطر الاحتلال الاسرائيلي على منابع المياه، بما فيها مياه نهر الاردن التي كان سكان المنطقة يستفيدون منها في رعي محاصيلهم الزراعية ومواشيهم.
 
يقول خبير القانون الدولي الدكتور حنا عيسى أن تدمير جرافات سلطات الاحتلال صباح الخميس، خط مياه بطول 1000 متر بين قرية عاطوف وخربة يزرا بالأغوار الشمالية، يأتي في سياق تعدي إسرائيل الصارخ على القانون الدولي.
 
وقال عيسى، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لهيئة نصرة القدس، إن سلطات الاحتلال الاسرائيلية مطالبة بالانسحاب من أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة بموجب مجموعة من القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة وفي مقدمها قراري مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و 338 لعام 1973، بما يعني أن تلك الإجراءات باطلة من أساسها.
 
وأضاف، 'إسرائيل دولة احتلال كما هو منصوص عليه في القانون الدولي، وهي مطالبة باحترام وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والتي تقضي بحماية المدنيين في حالة الحرب عن خلال مبادئ عدة، أولها أن الدولة المحتلة لا تملك حق السيادة على الأراضي التي احتلها، وإنما يمكنها من ممارسة سلطة مؤقتة عليها نتجت عن عملية الاحتلال  غير الشرعي'.
 
وأشار إلى الإحصائيات التي تشير إلى أن سلطات الاحتلال تستهلك من المياه حوالي 80% من مجموع الأحواض المائية المشتركة مع الفلسطينيين في حين أن 80-95% من مناطق التغذية لتلك الأحواض تقع في المناطق الفلسطينية.
 
وشدد على أن 'سرقة مياه اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل هي نتيجة احتلال ترفضه الأعراف والقوانين الدولية، وتدينه قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية'.
 
في مناطق الاغوار التي تمتد على طول شرق الضفة الغربية، وهي منطقة حارة خلال فصل الصيف، وتقع فوق واحد من الاحواض المائية الرئيسة يتزود معظم السكان بالمياه من خلال نقلها عبر صهاريج من مناطق بعيدة. يقول احد سائقي الجرارات الزراعية انه يعمل يوميا على نقل المياه الى بعض المضارب من ابار ارتوازية تبعد عن مناطق سكناهم نحو ٢٠ كيلو متر.
 
ولا يخلو اي مضرب رعوي في المنطقة من صهريج مياه. في الصيف تشتعل الحرارة، ويتحول العطش الذي يستبد بالمحاصيل الزراعية الى نار تحرقها بسبب حالات الجفاف.
 
وتشكل الزراعة بشقها الحيواني والنباتي عصب الحياة في هذه المنطقة. ويقول الفلسطينيون ان اسرائيل تهدف من خلال السيطرة على مصادر المياه الى سد حاجة الكيبوتسات الزراعية اليهودية في المنطقة من المياه التي يملكها الفلسطينيون.
 
وقال عارف دراغمة وهو رئيس مجلس محلي وادي المالح اكبر المناطق الرعوية في المنطقة، ان عملية السيطرة على منابع المياه بدأت منذ عقود طويلة، عندما اغلقت السلطات الاسرائيلية منابع المياه وحولت جريانها الجوفي الى ابار جوفية عميقة حفرتها في المنطقة.
 
ويقول تقرير رسمي فلسطيني ان اسرائيل حفرت (27 بئرا)، ذات طاقة انتاجية عالية في مناطق الأغوار، والتي تتغذى من الطبقات الجوفية الجبلية العميقة والتي تؤثر سلباً على التغذية الجانبية للآبار الفلسطينية والذي بدوره يضعف الآبار الفلسطينية الضحلة أساسا، حيث يقدر معدل الاستخراج السنوي للآبار الاسرائيلية بحوالي 35 م م3.
 
ويمكن ان يظهر الفارق بشكل واضح بين المناطق التي يسكنها الفلسطينيون والمستوطنون. ففي المناطق الفلسطينية يظهر شح المياه مثل نار تحرق كل شيء خلال فصل الصيف، فيما تحول وفرة المياه في المستوطنات المزارع الى جنان خضراء يانعة.