سلام عليك أحمد، سلام عليك أبا يزن، سلام إلى روحك التي تحلق الآن في سمائنا كطائر النورس مشتاقة إلى الوطن الذي انزرعت فيه وناضلت من أجله.
أربعون يوما حزينة ثقيلة مرت على أحبتك وإخوتك ورفاق دربك يوم فارقتهم جسدا ولم تزل ترافقهم فكرا وتجربة كتبت بماء الذهب.
كيف يمكن أن يغيب أحمد عبد الرحمن لحظة عن الخاطر ونقول "غيبه الموت" وهو باق فينا ما بقيت فلسطين، وبقيت كلماته وتصريحاته وأفكاره وافتتاحياته التي خطها في "فلسطين الثورة" بمداد من دم يوم أن كانت الكلمة نورا يبدد ظلمة النكسة التي ختمت ثقيلة على الأمة، وكانت رصاصة تحرق الصمت والذهول الذي اعترى العرب يوم أن احتلت كل فلسطين وسيناء والجولان.
في هذه الظروف، التحق الأخ أحمد بعد الرحمن بالثورة الفلسطينية متسلحا بشهادة جامعية في الحقوق وبفكر تنظيم تقدمي وتربية وطنية عميقة، فهو ابن الشيخ الشهيد تاركا وظيفة رسمية في إحدى الدول العربية النفطية.
ويوم أن التحق أحمد بالثورة الفلسطينية وبحركة فتح على وجه التحديد، حمل مبادئها وأخلص لها، فكانت "ثورة حتى النصر" هي الشعار الأكبر الهادي إلى طريق الحرية والتحرير.
وعندما تداخلت الأمور وتعددت التنظيمات والتدخلات كان شعاره شعار فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية "لا وصاية، لا تبعية، لا احتواء"، وكان عليه أن يعلن جهارا ونهارا في تصريحاته ومؤتمراته الصحفية وحواراته عبر إذاعات الثورة الفلسطينية ومجلة فلسطين الثورة متحديا سطوة الأنظمة العربية وما يسمى منها بالتقدمية وما يسمى بـ الرجعية المتحالفة مع الإمبريالية.
كان أبو يزن ثوريا صلبا عصيا على الكسر، مرنا غير قابل للعصر، لم نره يوما غاضبا أو حانقا، كان كالنسيم العليل والماء الرقراق لا غنى عنهما "لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف".
وقد عكس هذه الشخصية على كل رفاق دربه فنجح في كل مهمة أوكلت إليه في مسيرته النضالية الطويلة والحافلة بالإنجازات.
خسرت الثورة الفلسطينية وحركة فتح فارسا شجاعا ومناضلا وطنيا كبيرا بغياب أحمد عبد الرحمن مدافعا عن الحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وإن كنا خسرنا جسدا فإن تجربته وآثاره باقية فينا وللأجيال القادمة وما بقي الوفاء والإخلاص للمبادئ السامية وما بقيت حركة فتح والثورة الفلسطينية والإرادة في الحرية والتحرير.
وداعا أحمد.. وداعا أبا يزن هكذا نحب أن نخاطبك وهكذا نحبك.. وسلام عليك.