الحدث- ناديا القطب
بعد أن صدر البيان الصحفي الأخير عن مجلس الوزراء الفلسطيني يوم الثلاثاء الماضي والمعنون بأن السلطة الفلسطينية ستعيد إعادة صياغة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، لم يفهم المواطنون أو الاقتصاديون معنى هذه الجملة، خاصة إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار علاقة الهيمنة والتبعية بين اقتصاد محتل واقتصاد واقع تحت الاحتلال، وفي ظل التعنت الإسرائيلي الأخير ومماطلته في تحويل أموال المقاصة الفلسطينية، ما أعطى أكثر من دليل على أن حلقات الاقتصاد الفلسطيني محكمة الإغلاق في يد الاحتلال الإسرائيلي. "الحدث" حملت سؤال ماذا نعني بإعادة صياغة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد د. محمد مصطفى، فقال لـ "الحدث" إن الترتيبات الناظمة للعلاقات الاقتصادية بين فلسطين وإسرائيل أصبحت سيفاً مسلطاً على الاقتصاد الفلسطيني وتطوره، وعلى الأوضاع المالية بمجملها، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على قدرة الحكومة الفلسطينية من الوفاء بالتزاماتها نحو الموظفين والموردين ومقدمي الخدمات. كما أدى ذلك إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي التي كانت سلبية بنسبة (-1%) في عام 2014، مما أثر سلبياً على مؤشرات البطالة والفقر وغيرها من المؤشرات الاقتصادية. لذلك، فإنه لا بد من اتخاذ إجراءات لتغيير هذا الوضع.
وفي سؤال حول تلك الإجراءات قال د. مصطفى إن الحكومة ستعمل على السيطرة على القرار الاقتصادي الفلسطيني من خلال إزالة التبعية وإطلاق طاقات القطاع الخاص الفلسطيني، وتعزيز دور المنتج الوطني. موضحاً أن هذا الأمر سيتطلب جهوداً دبلوماسية ودولية من قبل الحكومة الفلسطينية والمجتمع المدني والقطاع الخاص للمساهمة في إنجاز هذه المهمة الوطنية الملحة.
وقال د. مصطفى: " أن غياب الوصول إلى اتفاق للحل الدائم سيعقد مهمة تغيير العلاقات الاقتصادية، لكن لا بديل لنا إلا أن نناضل بكل الوسائل الممكنة لتحقيق هذا المطلب، بما في ذلك الحصول على دعم المؤسسات الدولية، وخاصة منظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي." وفي توضيح موضع زيادة الاعتماد على المنتج الوطني قال د. مصطفى: إن الحكومة تريد العمل مع المجتمع والقطاع الخاص من أجل زيادة حصة المنتج الوطني في السوق. هذا يتطلب بالطبع إجراءات حكومية لتمكين المنتجين، كما يتطلب ذلك تغييراً في السلوك الاستهلاكي للمواطن، وقد بذلت بعض الجهود المقدرة في هذه الاتجاهات، ولكن أصبح من الضرورة بمكان اتخاذ مزيد من الإجراءات.
ومن ناحيتها، ستستمر الحكومة في تطبيق قراراتها السابقة بخصوص إعطاء الأفضلية للمنتج الوطني، كما ستضعف جهودها للوصول لتنافسية وجودة أكبر للمنتج الوطني." وفي سؤال لـ "الحدث" حول إمكانية إعادة طرح بروتوكول باريس للنقاش والتفاوض، قال د. مصطفى: " من المهم معرفة أن بروتوكول باريس قديم وعمره 20 عاماً، وتمت صياغته على أساس أنه متعلق بمرحلة مؤقتة لن تتجاوز 5 سنوات، حيث كانت الاجواء السياسية السائدة إيجابية آنذاك، وذلك من حيث عدم وجود جدار عنصري فاصل، ولم يكن قطاع غزة محاصراً ومفصولاً عن الضفة الغربية، وكانت المعابر مفتوحة مع الأردن بشكل كامل، ووجود جسر تجاري مع الأردن. لكن بعد ذلك، قامت إسرائيل بتغيير كل هذه الترتيبات، فأصبح السوق الفلسطيني مستباحاً للمنتجات الإسرائيلية، ووضعت إسرائيل قيوداً على التجارة الحرة مع المنطقة العربية، واستغلت إسرائيل أموال الضرائب/المقاصة كسلاح سياسي ضدنا.
لذلك، فإن الحاجة للتوصل إلى ترتيبات جديدة تحكم العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل وفلسطين أصبحت أمراً ملحاً وليس خياراً."