الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دور الإعلام في توثيق الصورة الثقافية الفلسطينية

2020-01-26 12:39:36 PM
دور الإعلام في توثيق الصورة الثقافية الفلسطينية
مكتبة العم صالح - نابلس

 

الحدث - إسراء أبو عيشة

لا يخفى على أحد أن الإعلام يلعب دوراً أساسياً في دعم المشهد الثقافي داخل المجتمعات، وكذلك في توثيق وتعميق الصورة الثقافية لدى الأجيال، وفي رعاية الفعاليات والأنشطة الثقافية وإبرازها، ولطالما أيضاً كان للإعلام دور هام في دعم القضية الفلسطينية على امتداد مراحل النضال والتحرر، وهو ما يشير إلى أنه لا بد من التحرك لدعم الجهود الإعلامية في تعزيز المشهد الثقافي والحفاظ على موروثه التاريخي، خاصة في ظل التحديات الحالية التي نشهدها من تراجع للثقافة والتراث الفلسطينيين.

وقالت الكاتبة والشاعرة نداء يونس، إن "الصحافة الثقافية"، هي صحافة متخصصة في تغطية الأخبار الثقافية وإبراز الإنجازات الثقافية على صعيد إعلامي، والتي تعمل في المساهمة في نشرها وتعريف الآخرين بها.

وأشارت يونس، أنه يجب تعزيز الثقافة الذاتية للصحفي نفسه في المجالات الثقافية والشعر والرواية والمسرح والفنون والسينما من جهة، ومن جهة أخرى، العمل على إدراج الصحافة الثقافية كتخصص في الجامعات الفلسطينية، ولكن حتى لو كان هناك تخصص بدون الثقافة الذاتية والعمل على نظريات النقد الأدبي ونظريات النقد الفني والسينمائي ونظريات المعرفة بشكل عام والفلسفات المختلفة لا يمكن أن ينهض الصحفي الثقافي.

فيما أوضح الكاتب والأديب الفلسطيني وليد الهودلي لـ"الحدث"، بأنه يجب أن تكون هناك مؤسسات ثقافية قائمة بذاتها لكي ترفد المشهد الثقافي الفلسطيني بصورة متكاملة، وأن تحتوي على خطط وأهداف واضحة ولجان عاملة، ولديها رؤية ورسالة، لأنه بوجود تلك المؤسسات الثقافية سوف تنهض الصحافة الثقافية.

وأكد الهودلي، على أن المستوى الحضاري للبلد يقاس من خلال قوة المشهد الثقافي والفني والأدبي، حيث إن الأمة العربية والإسلامية تعاني من هبوط حضاري، "فنحن نعيش في حالة تخلف حضاري وليس حالة صعود".

وأشار الهودلي، إلى أن الخلل في العمل الثقافي يكمن في صناع القرار الذين لا يولونه اهتماما كافيا، حيث لا يتم صرف ما يكفي من الأموال لدعم المشاريع الثقافية أو ما يكفي 1% فقط من احتياجات الصحافة الثقافية، لذلك "حتى نرتقي بالعمل الثقافي والصحافة الثقافية، قبل كل شيء يجب أن تكون هناك رؤية ثقافية عند صاحب القرار، الذي يستطيع أن يقوم بدعم هذه المشاريع ماديا بشكل كاف، وأيضا، يجب الانتباه على أن توضع هذه الأموال بأيد أمينة ولديها رؤية حضارية، لكي تستطيع تحويل هذا الدعم المادي إلى عمل ثقافي حقيقي ذو مستوى عال".

لا يوجد صحافة متخصصة بالشأن الثقافي في فلسطين

وبحسب الهودلي، فإنه وفي الحالة الفلسطينية هناك محاولات لرسم المشهد الثقافي بطريقة حضارية، حيث إن أغلب الجهود تكون فردية، والتي لم ترتقي بعد للمستوى الرسمي الذي يوليها اهتماما كافيا، ولا تزال المؤسسات ضعيفة،  وتكون حصيلة إنجازات هذه المؤسسات الثقافية خلال عام متواضعة جداً.

وحول ذات السياق قال الصحفي والكاتب، معز كراجة، "إنه لا يوجد لدينا في فلسطين صحافة متخصصة في شأن معين، بل هي تقتصر على أنها صحافة حدثية ترتكز بشكل رئيسي على الأخبار، وأرجح أن يكون السبب في ذلك، أنه ما زال الحدث السياسي هو المركزي والرئيسي للصحافة الفلسطينية، وهذا الذي يجعلها تساهم في منع التوجه نحو صحافة متخصصة في المجال الثقافي، وكذلك الجمهور بالأساس يبحث عن الاخبار السياسية بالدرجة الأولى، وهذا يقف عائقا أمام الصحافة لتتوسع في مجال الصحافة الثقافية.

وهو ما أكده الفنان خالد حوراني، حيث قال، إن الصحافة في فلسطين تركز بشكل أساسي على السياسة، رغم أن الصحافة المتخصصة في مواضيع مختلفة منتشرة بشكل كبير في العالم مثل: "الصحافة الطبية، والسيارت، الجغرافيا، الاقتصاد،.."، وبين أن كل تخصص له أسلوب خاص وله لغته ولا يجوز للصحفي أن يكتب في مجال الطب كما يكتب في مجال السياسة والاقتصاد مثلاً، لذلك من المهم التخصص في المجال الذي يريد الصحفي الكتابة عنه، وكذلك أن يكون لديه شغف وحب للعمل، حيث يستوجب على الصحفي المتخصص في الشؤون الثقافية على أن يكون ملما وعلى معرفة قوية بالأحداث الثقافية والإصدارات، ولديه القدرة على التحليل وعلى إيصال رأيه سواء النقد الإيجابي أو السلبي للجمهور، وذلك لأن الصحفي الذي سيغطي الشؤون الثقافية مهمته أكثر صعوبة من الجوانب الأخرى، لأنها تستلزم منه معرفة أكثر حتى يستطيع أن يقوم بتحويل الأحداث الثقافية إلى مادة مستساغة من قبل الجمهور، كما أن أغلب عمله سيكون عبارة عن إعادة كتابة الأحدث من "مسرح، معرض فني، فيلم.. إلخ"، المادة ليست بالسهلة، لذلك نشهد في الساحة الإعلامية المحلية قصورا كبيرا في التغطية فيما يحدث على الساحة الثقافية رغم ما تشهده الساحة الثقافية من ازدهار وتنوع في الممارسات الفنية والثقافية، حيث إن كل ما يكتب هو أقرب للمادة الوصفية غير المهمة.

العمل الثقافي ساحة مواجهة مباشرة مع الاحتلال

معزية يونس، ذلك لأسباب عدة، أولها عدم الوعي لأهمية الثقافة في مشروعنا الوجودي والإنساني والنضالي، مقارنة بوعي سابق في القرن العشرين من قبل الأحزاب الفلسطينية المختلفة ومن قبل المناضلين الفلسطينيين بأهمية الثقافة، حيث أن المناضلين الفلسطينين كان أغلبهم شعراء وكتاب وصحفيين وأغلب من استهدفهم الموساد الإسرائيلي في سنوات النضال الأولى كانوا من حملة الأقلام الفلسطينية، بمعنى أن الثقافة كانت هي الحامي لمشروع النضال، وكانت مؤثرة بشكل جعل الاحتلال الإسرائيلي يخافها.

وبحسب الهودلي، فأن العمل الثقافي كان يعتبر ساحة معركة ومواجهة مباشرة مع الاحتلال، وكان تحديا، حيث كانت ثقافة المقاومة والمواجهة مفروضة على الشعب الفلسطيني بصورة جدية وقوية، وكان هناك تحديا بين ثقافتين، ثقافة المحتل وثقافة الشعب المحتل، "أما اليوم فنحن نعاني من حالة من الترهل الثقافي، بسبب تراجع ثقافة المقاومة والتضحية".

وهذا ما أكدته الكاتبة والأكاديمية، وداد البرغوثي، حيث أشارت بأن الصحافة الفلسطينية منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انطلقت من حضن الثقافة، فكان المثقفون والأدباء هم من بادروا لإنشاء الصحف والمجلات، حيث أكدوا أن الثقافة لا تنفصل عن السياسة وهي جزء أصيل من هوية أي مجتمع وأي أمة، والذي استمر هذا الاهتمام بالثقافة مع وجود الصحافة، إلا أن الصحافة عاشت سنوات مد وجزر، خاصة في مرحلة النكبة وما بعدها.

وأردفت البرغوثي، "اهتمام الصحافة بالثقافة اتسم بطابع الفردية لا الطابع الجمعي، فالسياسات العليا لم تعد الثقافة جزءا أصيلا منها إلا إذا كان القائمون عليها لديهم اهتمامات شخصية. فلأن، شاعرا مثل علي الخليلي كان له موقعه في صحيفة الفجر وفي التنظيم القائم على الصحيفة فقد نشأت مجلة الفجر الأدبي. ولأن أسعد الأسعد كان له موقعه في حزبه السياسي فقد نشأت مجلة الكاتب، ولأن محمود درويش له مكانته وحظوته فقد نشأت الكرمل، وعلى مستوى الحكومة نجد أن ميزانية وزارة الثقافة لا تصل الى 3% بينما تقترب موازنة الأمن من نصف موازنة الحكومة".

وأوضحت يونس، أنه في الوضع الحالي ليس هناك إدراك لأهمية الثقافة كـ"حامي للمشروع الوطني"، وبالتالي ضعف الاهتمام بها، ما أدى إلى ضعف المؤسسات الإعلامية التي تصدر صفحات وزوايا خاصة بالثقافة الفلسطينية، حيث إن التغطيات تبقى في اطار التغطية الإخبارية والعلاقات العامة، والتي تفتقر إلى ذلك البعد الفلسفي والتقييمي الذي يساهم في إعادة إنتاج المادة، إما بشكل جمالي آخر من خلال التعليق أو إما من خلال الإشارة إلى مواطن القوة والضعف.

القيم الإعلامية أصبحت ترتكز على القيم الاستهلاكية

وقال الكاتب والشاعر الفلسطيني محمود أبو هشهش، إن هناك الكثير من الأحداث التي لا نراها لا على التلفاز ولا على الصحف ولا في الدوريات، وإذا وجدت تكون بخبر ركيك. منوهاً إلى أنه لا بد من استثمار طويل الأمد في النقد من خلال بناء مجموعة صلبة من الطواقم التي لديها اهتمام وشغف بالكتابة والثقافة لتمكينهم من التغطية والكاتبة المتخصصة للجوانب الثقافية. لافتاً الى الدور الأساسي للجامعات في ذلك لنوعية الطلاب التي يتم ضخهم للمشهد.

وقال، "نشاهد تراجعا في أعمال مؤسسات كبرى، كانت موجودة وقادرة على أن تضخ المشهد بأقلام ثقافية مهمة كنقاد، أما اليوم فإنه لا يوجد مجلات ثقافية تاريخية، بل يقتصر الأمر على وجود بعض المواقع الإلكترونية، التي تسد جزءا بسيطا من المنتوج الثقافي مثل فسحة، رمان..، وهي تعتبر مبادرات بسيطة، ومن الصعب مواكبة كل ما يحدث".

 وفي ذات السياق، أشار أبو هشهش، إلى أن القيم الإعلامية أصبحت ترتكز على القيم الاستهلاكية "وهذا نراه في بعض المؤسسات (المرئي والمسموع)، والذي جاء مع صعود موجة الفضائيات في العالم العربي واعتمادهم على البرامج الاستهلاكية وصناعة الجمال".

وفيما أفاد الكاتب محمود شقير، بأن الثقافة الفلسطينية تحتاج لعناية كبيرة، كونها تعتبر ركناً أساسياً من أركان الهوية الوطنية، والتي لها دور فاعل في تثبيت الناس بأرضهم ووطنهم، وكذلك في تعزيز انتمائهم لقضيتهم، لذلك لا بد من الاهتمام بالصحافة الثقافية التي  تكون قادرة على تعزيز حضور الثقافة في المجتمع ووصولها إلى أوسع قطاع من الناس، إلا أن الحالة الثقافية تتعرض للإهمال والضمور وحالة غير سوية، "أنا أتذكر في سنوات سابقة حينما كانت تصلنا مجلة الآداب اللبنانية كان يوجد على صفحاتها حوار عميق ورصين ومتعدد الجوانب يقوم به نقاد وكتاب ومثقفون عرب، أما الآن نفتقد مثل هذه الأجواء الثقافية النقدية التي تسعى إلى نقد النواقص والسلبيات وتعزيز الإيجابيات وخلق حالة مجتمعية جديدة، وحالة وطنية مؤثرة".

وأضاف: "لذلك من واجب المثقفين الفلسطينيين والكتاب أن يهتموا بخلق حالة ثقافية جدية يكون فيها حوار ومتابعة لكل ما يتم إنتاجه من كتب وأعمال فنية بمختلفها، وذلك من أجل تسليط الضوء على هذه الأعمال وإيصالها للجمهور، وأن يكون هناك تفاعل وحراك.

وبحسب شقير، فإن "هذا ما نفتقده في وقتنا الحاضر فالركود العام هو الذي يسيطر على المشهد، أحيانا يكون هناك على مواقع التواصل الاجتماعي ملاحظات ومراجعات نقدية سريعة لكن هذا لا يكفي ولا بد من إنشاء حالة ثقافية متشعبة ومتعددة الجوانب، بحيث  يصل الإنتاج الثقافي الفلسطيني للناس، وأن يسهم في بلورة الهوية وتعزيزها وإغنائها، ومواجهة المخططات العدائية وخاصة في القدس التي تتعرض إلى تهويد".

وحول ذلك، أشار كراجة، إلى انه بإمكاننا أن نخلق صحافة ثقافية من خلال التركيز على الثقافة العامة في الجامعات والكليات، وكذلك من خلال طرح مساق خاص في الصحافة الثقافية، وأيضا إدراج وفتح الدورات التدريبية المساعدة أمام الطلاب والخريجين، وذلك من أجل تأهيل هؤلاء الطلاب والصحفيين لجعلهم قادرين على تغطية الأحداث الثقافية.

 وأكد كراجة على الدور الكبير الذي يمكن لوسائل الإعلام "جرائد، تلفاز، راديو"، أن يقوموا به لرفع الصحافة الثقافية وذلك من خلال الخروج من قاعدة تقديم ما يريده الجمهور، وأن يقوموا بالتركيز على الصحافة الثقافية، وهي تعتبر تحديا أمام المؤسسات الإعلامية، وذلك لأن أغلب المؤسسات تركز على استقطاب الجمهور وخلق قاعدة متابعين لها، مبيناً، أن هذا الهوس جاء عند المؤسسات الإعلامية بعد انتشار السوشال ميديا والإعلام الرقمي، إلا أنه من واجب هذه المؤسسات أن يكون لديها مسؤولية اجتماعية تجاه الجمهور، من خلال خلق قاعدة ثقافية وإنشاء جمهور متخصص.

وبدوره أشار أبو هشهش، إلى أن الصحافة الثقافية تعيد تقديم ما تم تقديمه في أطر صغيرة، فهي أداة مهمة للوعي والتوعية، وفي بناء الجمهور وتوسيعه، والعمل الثقافي يدخل الآخرين بما يدور من نشاطات ثقافية في مناطق مختلفة.

وأكدت البرغوثي، على ضرورة وأهمية إحياء الثقافة الصحفية، من قبل المثقفين والحكومة والصحفيين، وعلى أن تكون الثقافة ضمن الأجندة الوطنية.

ورجح كراجه، أن الآثار السلبية التي تنتج عن غياب وضعف الصحافة الثقافية، تتمثل بخلق حالة من العزوف عند الأجيال الجديدة عن الاهتمام بالقراءة الطويلة والشاملة والموسعة، وعن الثقافة والنقد بشكل عام.

وقال الكاتب وأستاذ اللغة العربية، زياد خداش، "لا أستطيع تخيل الصحافي  الذي يغطي الأحداث الثقافية  غير مثقف وغير متذوق للأدب والفنون، ما يحدث في بلادنا  أزمة إعلامية ثقافية تثير الضحك والحزن معا، لا يمكن أن نقول إن لدينا إعلاما ثقافيا، بملامح واضحة، الإعلام الثقافي في فلسطين مجرد مصطلح، والمراسل الثقافي غير موجود بشكل واضح، هناك صحفي أو اثنان أو ثلاثة اعرفهم وهم يعملون بشكل مهني ولديهم ذائقة جيدة وهم أدباء اصلا ومنغمسون بالحياة الثقافية، ثمة غياب لظاهرة الصحفي المهني ثقافيا، اقصد المراسل الذي من المفروض أن يذهب الى الحدث ويشاهده متذوقا إياه أولا، ثم يكتب عنه بشغف ومهنية وصدق، بشكل عام ليس لدينا  تغطيات اعلامية للحدث الثقافي بالمعنى الحقيقي، الذي يتلاءم مع زخم النشاطات وتنوعها وصخبه".

وأشار خداش لـ"الحدث"، "هناك أيضاً صحفيون يطلبون من الأديب الذي يودون إجراء حوار معه، أن يضع أسئلة أخرى. بسبب انشغال الصحفي بأمور أخرى وعدم جدية متابعته لتجربة الأديب، واحيانا يطلب من الاديب وضع الاسئلة كلها اذا كانت علاقتهما قوية، وهذا حدث واعرف الصحفي والاديب، هذه ايضا من كوارث المشهد الاعلامي الثقافي، وهناك صحفيون يجرون حوارات على التلفون، بعيدا عن الحدث الثقافي، يتصلون بأشخاص حضروا الفعالية، ويسألونهم عن عدد الحضور وماذا قال فلان وما اسم الكتاب الموقع مثلا، وما هي القصائد التي قرأها الشاعر وهكذا، ثم يفبرك تقريرا ويبدو وكأنه كان من الحاضرين".

وأضاف خداش، "أرى أن المراسل الثقافي كاتب ضل طريقه إلى الإعلام، تماما مفروض من الصحف إذا كانت معنية بالثقافة أن تختار مراسلا مثقفاً ومحباً للأدب أولا أو على الأقل متابعا بشكل شخصي للفعاليات الثقافية".

وأما الكاتب المتوكل طه، بين أن أي فعل ثوري أو مقاوم ينهض على جذر ثقافي، وأن ما يوحد الشعب الفلسطيني هو الثقافة بمعناها  الاجتماعي خصوصا، حيث إن الشعب الفلسطيني بعد أكثر من سبعين عاما من النكبة لم يعد هذا الشعب واحداً، فالفلسطيني في الخارج له أولوية العودة، أما الفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1967 أولويته إقامة الدولة، والفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1948 أولويته المساواة، قد لا يبدو أن هناك ثمة تناقض بين أولويات الفلسطينيين ولكن هذا يؤكد على أن الشعب الفلسطيني لم يعد واحداً على المستوى السياسي والمستوى الوطني، وتعتبر المادة اللاصقة والوحيدة القادرة على إعادة الفلسطيني وتوحيده وتثبيت هويته هي الثقافة بحمولتها الإجتماعية، وتجلياتها، وخصوصاً أن الاحتلال الاسرائيلي يمارس علينا بشكل استراتيجي سياسة الاستلاب الثقافي وما يهدد ثقافتنا بالزوال والتهويد والإلغاء لهذا السبب العامل الأساس والقلب النابض للهوية وللشخصية الفلسطينية ولما يوحد الفلسطينيين هي الثقافة والثقافة وحدها.

وأضاف طه، أن التراث جزء لا يتجزأ من الثقافة وربما تكون هي الأرض الراسخة للثقافة، إذ تتشكل معها وعليها كل المكونات الثقافية التي تميز الشخصية الوطنية، بالتالي، فإن المحافظة على التراث الذي هو جوهر الثقافة يحتاج إلى آليات حديثة قادرة على تأصيله وتثبيته وتعميمه.

وأوضح شقير أيضاً، أن للثقافة دور أساسي في تكريس الهوية الفلسطينية، حيث تعرضت الهوية الفلسطينية لمحالة من التبديد وذلك عبر إنهاء الوجود الفلسطيني المتبلور المستقل، لكن انطلاق الثورة الفلسطينية التي اندلعت عام 1965م عادت الهوية للظهور والتبلور، ومع تزايد الإنتاج الثقافي الفلسطيني، وتزايد الحضور الوطني وحضور القضية الفلسطينية في العالم، أصبح هناك بلورة للهوية الفلسطينية.