الحدث- محمد غفري
"استنى يابا تعيطش يابا هلكيت بيجي الدور".. بصوت حزين ولهجة غير مفهومة يداري المواطن مراد طفله كي لا يبكي، واقفاً في زحمة مئات المواطنين، منتظرا دوره ليجدد ورقة التأمين الصحي، الخاصة بأسرته.
مراد قاحوش (35 عاما) من قرية نعلين غرب رام الله، تعرضت زوجته لمرض بعد ولادة طفلها الرابع، وهي بحاجة الآن لعملية طارئة، فهناك كيس ماء في بطنها لا بد من إزالته، وتنتظر زوجها في مجمع فلسطين الطبي، حتى يقوم بتجديد ورقة التأمين، ومن ثم العودة إليها لإجراء العملية.
من التاسعة صباحاً...ولم يجدد مراد التأمين ولم تجر زوجته العملية
يقول مراد لـ"الحدث"، إنه منذ الصباح توجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وأخذ الأوراق اللازمة ومن ثم توجه إلى مديرية صحة رام الله والبيرة حتى يقوم بتجديد ورقة التأمين، فهو شاب مريض لا يعمل، وبحاجة للتأمين حتى يجري لزوجته عملية في مجمع فلسطين الطبي.
وأثناء زيارة "الحدث" صباح، اليوم الأحد، إلى مديرية الصحة، وجدنا أكثر من 220 مواطن ينتظرون دورهم أمام مكتب واحد، كي يقوموا بإصدار أو تجديد التأمين الصحي، وكان مراد أحدهم، ولا كرسي يجلس عليه الشيخ، ولا شربة ماء تروي بها عجوز عطشها ولا تعليمات واضحة، والجميع ينتظر.
وتابع مراد، أنه يسكن في منزل للايجار في قرية نعلين، مكون من غرفة واحدة وحمام، كما أنه عاطل عن العمل منذ 3 أشهر، بسبب مرض "الديسك" الذي أصاب فقرتين في ظهره، وحتى قبل مرضه كان عاملا وبأجر زهيد.
وعن تدبيره لمصروف أسرته، قال مراد وهو أب لأربعة أطفال أكبرهم صبحي (7 أعوام)، "أتقاضي مبلغ 500 شيقل من وزراة الشؤون الاجتماعية، قد يتوقف دفعها له ما لم تتثبت الوزارة من احتياجه لها.
وقال مراد لمراسل "الحدث" وهو يحمل طفله الرضيع بين ذراعيه؛ "استطعت اليوم تأمين 20 شيقلا (شحدة) من الجيران لأستطيع الخروج إلى رام الله من أجل عملية زوجتي، ولم يتبق معي إلا عشرة شواقل"، ويتابع "عندما بدأت المدرسة لم أستطع تدبر نفسي من أجل مدرسة أبنائي، ولم أستطبع شراء شنط المدرسة لهم، إلا أن الناس ساعدوني في ذلك".
بعد انتهاء الدوام الرسمي لمديرية الصحة ومقرها في "البالوع"، اتصلت "الحدث" بمراد وعلمت منه أنه لم يجدد التأمين، وذهب إلى المستشفى وأخذ زوجته عائداً إلى منزله، فهي لا تسطيع النوم في المستشفى من دون التأمين، بحسب اللوائح المعمول بها حسب قوانين وزارة الصحة، ليعود يوم الثلاثاء المقبل مرة أخرى، ويقوم بنفس الإجراءات القانونية.